الثنائية المسيحية في مهب الانتخابات البلدية بلبنان

بيروت - كشفت الانتخابات البلدية اللبنانية في مرحلتها الأولى، عن واقع إفلات الصوت المسيحي من قبضة الثنائية العونية القواتية (نسبة إلى التيار الوطني الحر وحزب القوات)، والتي تعتبر نفسها الممثلة الرئيسية للصوت المسيحي في لبنان.
والجزم في مدى فاعلية هذه الثنائية المسيحية المتحالفة ومدى واقعيتها ومتانة الأسس التي تقوم عليها، ستجيب عنه الجولات الانتخابية البلدية المتبقية التي تبدأ مرحلتها الثانية في جبل لبنان الأحد القادم.
وبرزت لوائح عديدة يتنافس فيها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بشكل مباشر، إضافة إلى لوائح يسود فيها التنافس غير المباشر، كما يسجل على الساحة المسيحية قوى تبدي قدرة على منافسة الطرفين.
وكان التيار الوطني الحر وحزب القوات قد أعلنا قبيل انطلاقة الاستحقاق عن دخولهما في تحالف انتخابي، ورسما صورة تسويقية مفادها “على قلب رجل مسيحي واحد”، ولكن مع بدء الانتخابات أخذت هذه الصورة في التلاشي حيث طفت على السطح خلافات بين الجانبين في عدة مناطق لبنانية.
ويربط محللون هذا الخلل الذي أصاب الثنائية في مناطق دون أخرى في الانتخابات، بالتاريخ الدموي بين القوات والعونيين، والذي لا يزال يشكل عبئا ثقيلا ضاغطا، يحول دون التوصل إلى حلف جدي نهائي وحاسم حول كل الملفات.
ويلفت المحللون إلى نقطة ثانية وهي الصراع على النفوذ، فكل طرف يريد أن يكون المتحكم في المشهد المسيحي دون سواه.
ويقول البعض إن الحديث عن تحالف قواتي عوني يجانب الصواب فما بينهما تفاهم على عناوين عامة، فرضها الوضع الإقليمي، الذي يشهد ارتفاعا مخيفا في منسوب الطائفية، والذي ينعكس بدوره على الواقع اللبناني.
الحديث عن تحالف قواتي عوني يجانب الصواب فما بينهما ورقة تفاهم على عناوين عامة
ولا يزال كل من القوات والتيار مرتبطين بتحالفاتهما السابقة، فالأول ورغم الخلافات المتزايدة مع تيار المستقبل يبدي على الأقل في الظاهر إصراره على الإبقاء على حلف 14 آذار، بالمقابل فإن التيار الوطني الحر مرتبط بتحالف استراتيجي مع حزب الله وليس في وارد التخلي عنه في هذه المرحلة.
وهكذا فإن الحديث حتى عن مجرد تحالف تكتيكي بين القوات والتيار في الانتخابات البلدية، يبقى محكوما بالاعتبارات المذكورة آنفا. وأحد الدلائل على هشاشة العلاقة القواتية العونية المشهد البلدي في جبل لبنان، فقد تمخض تحالفهما في انتخابات جونية عن صورة ملتبسة، فالقوات تركت الخيار لأنصارها للتصويت لأي من اللائحتين المتنافستين، وهما لائحة “كرامة جونية” التي يرأسها جوان حبيش، ولائحة “جونية التجدد ومسيرة عطاء” والتي يرأسها فؤاد البواري وفادي فياض.
وتحظى لائحة حبيش بدعم التيار الوطني الحر والكتائب في حين تحظى لائحة البواري وفياض، بدعم النائبين السابقين فريد هيكل الخازن، ومنصور غانم البون، إضافة إلى تأييدها من قبل رئيس رابطة الانتشار الماروني نعمة فرام.
ورغم أن الموقف المعلن للقوات هو منح الحرية للمؤيدين له في التصويت، إلا أنه راجت معلومات تفيد بأن ذلك ليس سوى محاولة للتهرب من الإحراج، وأن خياره محسوم سلفا لناحية تأييد ودعم لائحة فياض- البواري، لدرجة أن الماكينة القواتية الانتخابية انضمت إلى نظيرتها في هذه اللائحة وهي تعمل لصالحها.
ويختلف المشهد في سن الفيل حيث يتحالف القوات والتيار لمواجهة حزب الكتائب على عكس الحال في بسكنتا حيث تسود أجواء مواجهة قواتية عونية.
ويبدو لافتا حضور التحالف الثنائي في دير القمر حيث شكل لائحة مكتملة ضد اللائحة التي يدعمها دوري شمعون رئيس حزب الوطنيين الأحرار والتي يرأسها فادي حنين. وكان شمعون قد أفاد أن الاصوات التي يمون عليها رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط في هذه المنطقة تصب ضده لصالح لوائح الثنائية المسيحية.
ويرى متابعون أن الانتخابات البلدية تبقى أحد المؤشرات على ما ستتجه إليه العلاقة بين القوات والتيار الوطني الحر في انتظار مواقفهما حيال الاستحقاقات الأكبر وخاصة القانون الانتخابي الذي مازال غير متفقين على صيغة حياله رغم إصرارهما على مقاطعة أي جلسة برلمانية لا يكون القانون ضمن بنودها.