الثقافة تخدم الأردنيين افتراضيا في عام كورونا

عمان - وجد القطاع الثقافي الرسمي والخاص في الأردن نفسه خلال العام 2020 أمام تحدي التخفيف من تأثيرات العزل المنزلي جراء جائحة كورونا، للتمكن من تجاوز وقف النشاطات وبعث فضاءات رقمية تحمي الأردنيين من علل نفسية قد تضاعف أزماتهم خلال الحجر. ورغم الظروف الصعبة جراء حظر التجول ووقف النشاطات تم استحداث برامج ومسابقات وفتح منصات رقمية تعمل على مساعدة وتشجيع الشباب والعائلة الأردنية للتغلب على حالة الحظر.
وقدمت وزارة الثقافة الأردنية حصيلة المبادرات التي طرحتها منذ التداعيات التي خلفتها جائحة كورونا، ومع صدور البروتوكولات الصحية والوقائية التي تتطلب التباعد الاجتماعي/ الجسدي، وكانت تهدف إلى التقليل من الأثر النفسي للوباء وتحديدا خلال أيام الحجر التي عانى فيها الناس الضجر والفراغ.
وأوضح وزير الثقافة الأردني باسم الطويسي أن قطاع الثقافة في المملكة شارك في “حزمة التكيف الاجتماعي مع جائحة كورونا”، إذ أطلقت الوزارة نحو 12 برنامجا فنيا بهدف استمرار الحياة الثقافية، ومد المجتمع بالإنتاجات الفنية عبر الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي في تعميم الثقافة المجتمعية ببرامج تناسب الأسرة.
ومن أشهر المبادرات الرقمية التي واكبها الأردنيون مسابقة “موهبتي من بيتي”، التي اشتملت على خمسة حقول، في الكتابة الأدبية والفن التشكيلي والتصوير الفوتوغرافي، الموسيقى والغناء، الستاند أب كوميدي، التمثيل، وانقسمت بين فئتين عمريتين، وحظيت هذه المسابقة بمشاهدات زادت على 37 مليون مشاهدة، إلى جانب جائزة “كل مر سيمر” التي عنيت بتسجيل لحظات الحجر في زمن كورونا وتوثيقها.
وقامت وزارة الثقافة بعرض عدد من الأفلام القصيرة والوثائقية، وعدد من المسرحيات المنتجة في سنوات ماضية، كما عرضت أفلاما من 16 دولة عربية وأجنبية معظمها حائز على جوائز دولية عامي 2019 و2020 و4 أفلام أردنية جديدة ضمن فعاليات مهرجان الأردن الدولي للأفلام الثامن الذي عقد خلال الفترة من 19 وحتى 23 ديسمبر 2020 بواقع 5 أفلام يوميا مدة كل منها 3-15 دقيقة بشكل متتابع.
وتمكن مستخدمو الإنترنت من تصفح 2500 كتاب على منصة “الكُتبا”، والاطلاع على أعداد من مجلتي أفكار التي تُعنى بالثقافة عامة، ووسام التي تُعنى بالأطفال، ومواكبة برنامج “الثقافة عن قرب”، الذي اشتمل على نشاطات المديريات في المحافظات بعقد عدد من الندوات والأمسيات الشعرية.
ودشنت منصة “شغفي”، التي تقدم التدريب المجاني في الكتابة الأدبية والموسيقى والفن التشكيلي والتمثيل والصناعات الحرفية.
وقد أثبتت التجربة نجاعة البرامج والمسابقات على أرض الواقع من خلال حجم المشاركات الكبيرة وغير المتوقعة، وأثبتت الدراسات والبحوث العلمية أهمية دور الثقافة والفنون في تقليل التوترات النفسية، وتعديل السلوك والعلاج النفسي، والارتقاء بالمجتمع من خلال اكتشاف الموهوبين ووضعهم في بداية الطريق.
ولاقت مسابقة “موهبتي من بيتي” صدى بين الجمهور حيث أنها ضمت خمسة حقول في الفن والثقافة والأدب، وهي؛ أولا، النصوص الأدبية (الشعر، القصة القصيرة واليوميات) على أن تكون مكتوبة بالعربية الفصحى، ثانيا، الرسم والتصميم والتصوير الفوتوغرافي والكاريكاتير. وثالثا، الفيلم القصير والفيديو المنزلي بما لا يزيد على دقيقة ونصف الدقيقة. رابعا، الموسيقى والغناء وتسجل على ملف صوتي بما لا يزيد على دقيقتين. أما رابعا فخصصت للتمثيل والتقليد وستاند أب كوميدي بما لا يزيد على دقيقة ونصف الدقيقة. وتخضع الأعمال المشاركة إلى التنافس من خلال تخصيص 50 في المئة لتفاعل الجمهور مع المشاركات عبر شبكات التواصل الاجتماعي و50 في المئة للجان التحكيم المتخصصة.
وتقدم المسابقة 100 جائزة كل أسبوع، وجميعها جوائز نقدية تستهدف الأطفال والشباب بما يتناسب وقدراتهم وإمكانياتهم مع مجالات المسابقة، الأطفال من 10-14 عاما، والشباب من 15-25 عاما.

باسم الطويسي: الوزارة طوّعت شبكات التواصل الاجتماعي لتعميم الثقافة المجتمعية
أما مسابقة “كُـلُّ مُرٍّ سَيمُرّ”، فهي عبارة عن توثيق إبداعي في زمن كورونا، وهي شهادات وحكايات من الراهن المعيش بلغة أدبية أو تقريرية تدوّن التفاصيل اليومية بما فيها من ألوان ودفقة أمل تنحاز للحياة، وقامت وزارة الثقافة بإصدار النصوص الفائزة في كتاب يحمل عنوان المسابقة.
ومسابقة “صدقني”، وهي تتكون من ثلاثة فروع هي “افهم، ارصد، أشارك”، يتطلب للمشاركة في “افهم”، الإجابة عن (10) أسئلة أسبوعيًا يختارها النظام لكل مشارك بشكل عشوائي من بنك الأسئلة بحيث لا يُشترط أن تتكرر الأسئلة نفسها لدى كل المشاركين. وتقدم الأسئلة بصيغة اختيار متعدد. وتتوفر الإجابات لهذه الأسئلة في الدروس التي نشرت على المنصة في نفس الأسبوع.
أما “ارصد”، فيقوم المشارك برصد إشاعة محلية أو خارجية على نموذج رصد الإشاعات المرفق، ويرصدها من خلال فيديو لا تتجاوز مدته دقيقتين، يحتوي على فكرة مبتكرة أو طريقة جاذبة لإعلاء قيم المصداقية ومحاربة الإشاعات والتضليل، كتابة مقالة لا يتجاوز عدد كلماتها 300 كلمة تحتوي أفكارًا مبتكرة لنشر ثقافة التربية الإعلامية والمعلوماتية وتعزيز المصداقية والثقة في المجتمع.
وأطلقت أيضا مبادرة “شغفي”، وهي منصة تدريب الفنون والصناعات الثقافية التي تعمل على تطوير قدرات المواهب الشابة وصقلها، وتطوير مهاراتهم.
وتقدم المنصة دورات تدريبية مكثفة وقصيرة تبدأ من ساعتين إلى 8 ساعات موزعة على شكل دروس تطبيقية قصيرة، كل درس مدته 20 دقيقة، وتتبع المنصة أحدث الأساليب في التدريب التطبيقي من حيث معايير الجودة والمضامين، وأدواته المعاصرة، وتوفر مدربين خبراء وأكفاء، فضلاً عن أن التدريب باللغتين العربية والإنجليزية.
أما منصة الكتب المجانية “الكُتْبا”، وهي منصة رقمية توفر الكتب المجانية، وتُعنى بالدرجة الأولى بالكتاب الأردني والعربي، وتسعى إلى حماية حق المجتمع في المعرفة من خلال تقديم الكتاب المجاني، والتعريف بالكتاب الأردني وبمنتجي المعرفة في مختلف المجالات، كما تعمل هذه المنصة على تشجيع صناعة النشر والترويج لها.
كما أعلن اتحاد المصورين العرب فرع الأردن عن عزمه تنظيم معرض إلكتروني للصور تحت عنوان “سعادة وشقاء” بداية من الأربعاء، وبمشاركة 180 مشاركا من 13 دولة عربية.
وليس المعرض فقط من يشهد مشاركات عربية، بل حظيت المسابقات الرقمية والمنصات التعليمية والثقافية بمشاركة عربية واسعة أثبتت أن العالم الافتراضي يجمع ما لا يمكن أن تجمعه العروض المباشرة في دور العرض والمؤسسات الثقافية، وهو ما من شأنه أن يعرّف أكثر بالمبادرات الفنية المحلية ويحدث نوعا من التبادل الثقافي غير المباشر.
ومازال عدد من هذه المنصات نشطا حتى بعد انتهاء الحظر الكلي، بل أقرت هذه المبادرات الظرفية، التي جاءت ارتجالية في محاولة للتخفيف من وطأة كوفيد – 19 وتداعياته، أن تستمر في العام 2021، وحتى لو انتهت الجائحة فالأوبئة تموت لكن الثقافة لا تموت وبما أن العالم يسير بسرعة نحو سيطرة التكنولوجيا على مجالات كثيرة فلا بد من عدم التراجع عن توظيف التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي خدمة للمجالات الثقافية.