التيار المدني خارج برلمان الأردن الجديد والإخوان ينازعون للبقاء

العشائرية تكرس هيمنتها على المشهد الانتخابي في الأردن.
الخميس 2020/11/12
"معا" تطوي صفحة مؤلمة

فشل التحالف المدني في الفوز بأي مقعد في الانتخابات النيابية، الأمر الذي يضع مستقبله على الساحة السياسية على المحك، والحال ليس بأفضل بالنسبة إلى جماعة الإخوان التي سجلت تراجعا مقارنة بالانتخابات السابقة، وفق النتائج الأولوية الصادرة حتى مساء الأربعاء.

عمان – بدأت النتائج الأولية للانتخابات النيابية تظهر تباعا في الأردن، لتخط ملامح المجلس المقبل، الذي تنتظره تحديات كبرى في ظل صورة قاتمة يرسمها الخبراء بشأن وضع المملكة خلال السنوات الأربع القادمة، لاسيما على الصعيد الاقتصادي.

وأجريت الانتخابات، الثلاثاء، وسط إجراءات غير مسبوقة لمنع تفشي فايروس كورونا، وتنافس خلالها 1674 مرشحا على مقاعد مجلس النواب وعددها 130، ضمن 294 قائمة.

وشهدت النتائج الأولية خروج التيار المدني الذي تمثله قائمة “معا” من المعادلة تماما، في ضربة قاصمة لهذا التيار الذين كان الكثير من الأردنيون يراهنون عليه، لإحداث رجة على الساحة السياسية الخاملة.

ويقول مراقبون إن الفشل الذريع الذي لاقته قائمة “معا” كان متوقعا بعد تفكك الجسم السياسي الذي يحتضنها وهو حزب التحالف المدني.

وتعرض التحالف لهزة عنيفة قبل أسابيع قليلة من الانتخابات بتقديم أسماء وازنة ومؤسسةٍ استقالتها على غرار الوزير والسفير الأسبق مروان المعشر الذي عزا دوافع قراره حينها إلى “وجود قوى تغيير داخل الحزب غير متوافقة ولا منسجمة ولا تتعامل بشفافية وبثقافة تعاونية مدنية ديمقراطية بناءة”.

ويرى البعض أن فشل قائمة “معا” في الحصول على أي مقعد داخل مجلس النواب المقبل، هو درس قاس للقوى المدنية، التي سيتوجّب عليها القيام بمراجعات إذا أرادت البقاء على الساحة والدفاع عن حضورها.

ولا يبدو أن وضع حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، بأفضل حال وإن ضمن لنفسه البقاء. ووفق النتائج غير الرسمية فإن الحزب الإسلامي الذي خاض الانتخابات ضمن تحالف “الإصلاح الوطني” لن يتجاوز على أقصى تقدير 13 مقعدا في البرلمان المقبل، فيما كان يملك في المجلس السابق 16 مقعدا.

تراجع حزب جبهة العمل الإسلامي كان متوقعا نتيجة المردود الهزيل لنوابه في المجلس المنتهية ولايته

وكان متوقعا تراجع حزب جبهة العمل الإسلامي نتيجة المردود الهزيل لنوابه في المجلس المنتهية ولايته، فضلا عن انحسار التأييد الشعبي له في ظل الأزمة التي يعانيها نتيجة الانشقاقات التي ضربت التنظيم الأم على مدار السنوات الماضية.

واستبق الحزب الذي يعد أقوى الأحزاب الأردنية نتائج الانتخابات بالحديث عن خروقات وتجاوزات قال إنه سيكشف عنها لاحقا، مشيرا إلى نسبة الإقبال الضعيفة في هذا الاستحقاق، في ما بدا محاولة لتبرير الخسارة المتوقعة.

وتسبب خوف الأردنيين من الإصابة بكورونا في تراجع أعداد الناخبين بشكل ملحوظ، مقارنة بالدورة الانتخابية الماضية (2016)، ما دفع الهيئة المستقلة للانتخابات إلى تمديد الاقتراع لساعتين إضافيتين في جميع الدوائر.

وبلغت النسبة النهائية للمشاركين في الاقتراع 29.9 في المئة بواقع مليون و387 ألفا و698 ناخبا، من أصل 4 ملايين و640 ألفا و643 ناخبا. وفي انتخابات عام 2016، وصلت نسبة المشاركة إلى 36 في المئة بواقع مليون و492 ألفا و273 ناخبا، من أصل 4 ملايين و130 ألفا و145 ناخبا.

ويأتي هذا التراجع رغم الإجراءات الصحية غير المسبوقة التي سعت من خلالها الجهات الحكومية إلى منع انتشار الوباء بين الناخبين، في ظل ارتفاع حاد في أعداد الإصابات والوفيات بسبب الفايروس.

وشملت الإجراءات الصحية إلزام كافة الناخبين والمشرفين على سير العملية الانتخابية في مراكز الاقتراع، بارتداء أقنعة للوجه وقفازات، إضافة إلى الالتزام بالتباعد الاجتماعي.

كما وفرت هيئة الانتخابات أجهزة تعقيم في جميع المراكز، وقارئا إلكترونيا لبطاقات الناخبين لتجنب التلامس، إضافة إلى توفير قلم لكل ناخب. وحتى الثلاثاء، بلغ إجمالي إصابات كورونا في الأردن 120.982، منها 1.386 وفاة، و9.821 حالة تعاف.

التراجع في أعداد الناخبين خدم بشكل ما العشائر، التي لطالما كانت لها اليد الطولى في البرلمان، لعدة اعتبارات ومنها القانون الانتخابي نفسه الذي يمنحها الأولوية. ويقول مراقبون إن العديد من الناخبين قدموا إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم بناء على الروابط القبلية، دون الأخذ في الاعتبار أي معايير أخرى.

Thumbnail

وأعرب أحمد العجارمة، المنسق العام لمشروع الرقابة على الانتخابات (غير حكومي)، عن خيبة أمله في نتائج مرشحي الأحزاب. وقال العجارمة “واصلت ظاهرة العشائرية التصاعد والسيطرة على المشهد الانتخابي، حتى أن نتائج الأحزاب تحققت بدعم من خلفيات عشائرية”.

وشهدت الانتخابات مشاركة حزبية واسعة، خاض خلالها 47 حزبا من إجمالي 48 في البلاد غمار المنافسة، تقدمهم حزب جبهة العمل الإسلامي بعدد المرشحين، إذ بلغ 41.

وفي قراءة أولية لسير الانتخابات ونتائجها، أعلن مركز “راصد” (غير حكومي)، المعني بالشؤون البرلمانية، أن نحو 78 في المئة من الناجحين في الانتخابات “وجوه جديدة”، بعدد 100 نائب من أصل 130.

وقال رئيس المركز عامر بني عامر، خلال مؤتمر صحافي بالعاصمة عمان، إن “16 في المئة من الأعضاء الجدد ينتمون إلى أحزاب”، دون أن يحدد الأحزاب التي حالفها الحظ، أو أعداد المقاعد التي حصلت عليها. ويبني المركز هذه القراءة على النتائج التي بدأت هيئة الانتخابات بإعلانها تباعا في دوائر المملكة المختلفة، منذ صباح الأربعاء.

من ناحية أخرى، أشار بني عامر إلى تسجيل 1270 ملاحظة على الانتخابات، وصل بعضها إلى حد المخالفة القانونية، وهو ما لم ينفه متحدث هيئة الانتخابات جهاد المومني. وأكد المومني أنه “تم التعامل مع جميع الملاحظات فور ورودها، فيما تم تحويل المخالفات القانونية إلى الادعاء العام”.

ولم يذكر بني عامر أو المومني أي تفاصيل حول الملاحظات أو المخالفات القانونية التي وقعت خلال العملية الانتخابية.

واعتماد النتائج النهائية للناجحين في الانتخابات يحتاج إلى المرور بعدد من المراحل، إذ يجري تدقيقها أكثر من مرة، ثم إرسالها إلى الجريدة الرسمية للإعلان عن الأسماء، ومنذ ذلك اليوم يبدأ العمر الدستوري لمجلس النواب وهو 4 سنوات.

وجرت الانتخابات ضمن قانون القوائم، الذي تم إقراره عام 2016، عوضا عن قانون “الصوت الواحد” الذي لا يسمح سوى باختيار مرشح واحد، على عكس قانون القوائم الذي يسمح بمنافسة أكثر من قائمة تفوز منها من تحقق أعلى الأصوات. ويضم البرلمان غرفتين هما: مجلس الأعيان (معين من قبل الملك ويضم 65 مقعدا) ومجلس النواب (منتخب ويضم 130 مقعدا).

2