التوتر بين حزب العمال وحكومة أربيل ينعكس تشظيّا على الساحة الكردية في سوريا

الحسكة (شمال شرق سوريا) – انعكس التوتر بين حكومة أربيل وحزب العمال الكردستاني سلبا على الفرقاء في شمال شرق سوريا، وكرس حالة الانقسام والتشظي، وسط تبخّر آمال أكراد سوريا في إمكانية تحقيق أي وحدة كردية على المدى المنظور.
وتوجد قوتان سياسيتان في شمال شرق سوريا، الأولى يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي المعروف عنه قربه من حزب العمال، والذي يهيمن على المنطقة من خلال وحدات حماية الشعب، والقوة الثانية هي المجلس الوطني الكردي القريب من الحزب الديمقراطي الذي يتزعم السلطة في أربيل.
ولطالما تأثر الطرفان في سوريا بالخلافات بين حزب العمال الكردستاني وبين الحزب الديمقراطي في شمال العراق، والتي تتداخل معها العديد من العوامل، جانب منها أيديولوجي ولكن العامل الأبرز يبقى الإقليمي.
ومنذ زيارة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان البارزاني إلى أنقرة في سبتمبر الماضي، والتقى خلالها الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، تشهد العلاقة بين أربيل وحزب العمال توترا شديدا.
وازداد الوضع تأزما بين الطرفين في ظل اتهام أربيل للعمال بشن هجمات في الإقليم، الأمر الذي ينفيه الأخير معتبرا عبر تصريحات مقربين منه أن الأخيرة تحاول الضغط على عناصره، في إطار تفاهم بينها وبين تركيا لمحاربته.
ويرى مراقبون أن التوترات بين أربيل وحزب العمال الذي يقود الحركة الكردية في تركيا، وتتخذ عناصره من الأراضي العراقية مسرحا لتحركاتها في ظل التضييق التركي، تؤثر مما لا شك فيه على الوضع في شمال سوريا، لافتين إلى أن المستفيد الوحيد مما يحصل هو أنقرة، التي لطالما نظرت إلى أي وحدة كردية في سوريا على أنها تهديد مستقبلي وجب وأده.
السجالات الدائرة بين الفرقاء الأكراد في سوريا حول ما يحدث على خط العمال والديمقراطي من شأنها أن تعزز حالة التباعد السياسي بينهم في شمال شرق سوريا
وقال الأمين العام لحزب التجمع الوطني الكردستاني محمد عباس، إن “أعداء الشعب الكردي وفي مقدمتهم حزب العدالة والتنمية التركي ورئيسه أردوغان لهم مشروع يريدون تنفيذه في الجغرافية الكردية، ويسعون إلى احتلال هذه الجغرافية، وتغيير ديموغرافيتها، والقضاء على التاريخ الكردي”.
واعتبر في تصريحات لوكالة أنباء “هاوار” الكردية أن تصعيد الحزب الديمقراطي ضد العمال يأتي في هذا السياق، وأضاف قائلا “في كردستان يتعاون الحزب الديمقراطي مع تركيا، ولسنا راغبين بأن يقع الديمقراطي في هذه المطبات، ونحن مستمرون في تنبيه الرئيس مسعود البارزاني، ونعتبر انتقاده وتحذيره من واجبنا، لأن جغرافية كردستان ليست ملكا لأي عائلة”.
وأضاف عباس “وهب الشعب مسعود البارزاني الثقة، وعندما يريد فإنه يستطيع سحب هذه الثقة منه”.
وفي المقابل يقول جمعة إبراهيم، القيادي في المجلس الوطني الكردي في سوريا في حديث لـ”باسنيوز” الكردي، إن “لا إنجازات لحزب العمال (بي كاكا) سوى التسبب في تدمير المدن الكردية وتهجير أهلها، وخير مثال على ذلك الآلاف من القرى في شمالي كردستان (كردستان تركيا) ومثلها في غربي كردستان (شمال سوريا) تحت شعارات مزيفة ولا حقيقة لها ويخدم فقط أعداء الأكراد”.
وأضاف أن “وجود العمال في إقليم كردستان غير قانوني وطعنوا الإقليم من الخلف ولا يزالون يفعلون ذلك حتى أصبحوا عبئا ثقيلا على كاهل الشعب الكردي ويتدخلون في أموره الداخلية بتوجيهات من الأعداء”.
ويرى متابعون أن السجالات الدائرة بين الفرقاء الأكراد في سوريا حول ما يحدث على خط العمال والديمقراطي من شأنها أن تعزز حالة التباعد السياسي بينهم في شمال شرق سوريا، وتجهض أي محاولات لتوحيد صفوفهم، بما سيؤثر حتما على وضعهم في أي تسوية مستقبلية في سوريا.
وكانت الولايات المتحدة وفرنسا قد تولتا رعاية مفاوضات بين الحزب الديمقراطي والمجلس الوطني على أمل التوصل إلى توافق بينهما يمهّد لإشراكهما في العملية السياسية، لكن هذه المفاوضات توقفت على خلفية انشغال باريس وواشنطن بأوضاعهما الداخلية، وليس من المرجح أن تستأنف في ظل تأثر الطرفين بما يحدث من حولهما، واستمرار ارتهانهما للحزبين العمال والديمقراطي.