التقدم في السن لا يعني فوات الأوان على جني فوائد الرياضة

سيول - أظهرت العديد من الدراسات أن الخمول يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالعديد من الأمراض المرتبطة بالقلب والشرايين، وأكدت في المقابل أن النشاط البدني قادر على خفض المخاطر الصحية والوقاية من أمراض القلب.
وخلص باحثون في دراسة جديدة إلى قدرة النشاط البدني على تقليص خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 سنة، بنسبة 11 بالمئة. وقالوا إن التقدم في السن لا يعدّ عذرا للتخلي عن التمارين الرياضية.
وأشارت نتائج البحث إلى أنه لا يتعين على المسنين أن يعتمدوا تمارين مكثفة لحشد فوائد النشاط البدني، إذ يكفي أن يخصصوا ساعة في الأسبوع.
وعلق الطبيب المختص في أمراض القلب بمستشفى ميشن في جنوب كاليفورنيا، مايكل مياموتو، عن الدراسة قائلا “إنها تتماشى مع النتائج التي خلصت إليها مجموعة من الدراسات الأخرى التي تُثبت أن التقدم في السن لا يعني أن الأوان قد فات لتغيير الروتين ليصبح صحيا أكثر”. كما يدعم البحث عددا من الدراسات التي بينت قدرة كبار السن على جني فوائد الرياضة.
وشملت الدراسة أكثر من مليون شخص تتجاوز أعمارهم الستين سنة، من كلا الجنسين، وتمّ التدقيق في سجلاتهم الصحية التي جمعتها هيئة التأمين الصحي الوطنية في كوريا الجنوبية في فترتين تمتد الأولى منهما من 2009 إلى 2010 والثانية من 2011 إلى 2012.
أولئك الذين يعانون من إعاقات أو أمراض مزمنة، حين تحولوا من الخمول إلى النشاط المعتدل أو المكثّف، قللوا من خطر إصابتهم بأمراض القلب
وتضمنت السجلات تفاصيل حول أنماط حياة الأشخاص المعنيين ومستويات نشاطهم البدني. وعمل الباحثون على تقسيم المشاركين حسب التمارين التي يعتمدونها أسبوعيا، ودرسوا التغييرات.
وأظهرت الدراسة تحولا في روتين أكثر من 20 بالمئة من كبار السن الذين كانوا غير نشطين في الفحص الأول، حيث زادوا من نشاطهم البدني. وتقلّص خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى هؤلاء بنسبة 11 بالمئة.
وقال مؤلف الدراسة الرئيسي، كيوونغ كيم، وهو طالب دكتوراه في قسم العلوم الطبية الحيوية بجامعة سيول الوطنية للعلوم لموقع هيلث لاين “لم نفاجأ بالنتائج التي توصلنا إليها، حيث توقعنا تسجيل فوائد على القلب والأوعية الدموية لدى كبار السن بعد ممارستهم للرياضة”.
وقلل أولئك الذين يعانون من إعاقات أو أمراض مزمنة، حين تحولوا من الخمول إلى النشاط المعتدل أو المكثّف، من خطر إصابتهم بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وصرح مدير برنامج الوقاية من أمراض القلب في مستشفى مدينة غراند رابيدز بولاية ميشيغان الأميركية، توماس ف. بويدن، “إن النشاط هو مفتاح الوصول إلى نمط الحياة الصحي”.
وشدد على ضرورة عمل أي شخص في أي عمر على تحفيز القلب والرئتين روتينيا عبر اختيار تمارين رياضية تزيد من معدل ضربات القلب والتنفس. وهو ما يقلص خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبة القلبية والسكتة الدماغية، ويقلل من خطر الإصابة بالسرطان والوفيات الناجمة عن المشاكل الصحية في هذه الأجهزة الأساسية بالجسم.
ويرتفع خطر الإصابة بالأمراض لدى الأشخاص المصابين بالإعاقة بنسبة 16 بالمئة، وتمكن الذين يعانون من مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم من تقليل هذه المخاطر بنسبة تصل إلى 7 بالمئة.
في المقابل، حددت الدراسة عزوف 54 بالمئة من المشاركين الذين كانوا يمارسون التمارين الرياضية 5 مرات على الأقل أسبوعيا عن روتينهم الصحي، فازداد خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى هؤلاء بنسبة 27 بالمئة.
قال مدير قسم القلب والأوعية الدموية في سينسيناتي بولاية أوهايو، ريتشارد بيكر، “تتماشى النتائج مع ما تروج له وزارة الصحة والخدمات البشرية في الولايات المتحدة التي أصدرت مناشير تركز على النشاط البدني وفوائده خلال الفترة الأخيرة. باختصار، يساهم النشاط البدني في الحد من أمراض القلب والأوعية الدموية”.
وأضاف معلقا على الدراسة “هذه المرة الأولى التي أرى فيها هذا الأمر مفصلا بهذه الطريقة، حيث أكد البحث أن فوائد النشاط البدني لا تعدّ دائمة، وخاصة إذا توقف الشخص عنه”.
ووفقا لكيم، كانت الدراسة محدّدة بعاملين:
استندت التغييرات التي لوحظت مع تواتر نسق التمارين الرياضية إلى ما تحدّث عنه المشاركون أنفسهم. وجاءت البيانات من كبار السن المنتمين إلى نفس المجموعة العرقية (الكوريين). ويرى كيم وجوب تكرار الدراسة في عدة مناطق.
كما لم تظهر المعلومات أنواع النشاط البدني المعتمدة بين المشاركين، حيث يمكن أن تشير إلى الأعمال المنزلية كما يمكن أن تدل على تمارين تقوية العضلات. ولم يتمكن الباحثون من تقييم أسباب تغيير بعض المشاركين لمستوى نشاطهم البدني لأن الدراسة اهتمت بحياتهم اليومية.
لكن هذا لا ينفي أن تبقى نتائج الدراسة مهمة في البحوث المتعلقة بمرحلة الشيخوخة.
ويعتبر كيم أن هذه الأهمية تمتد على المستوى العالمي، حيث سيصل عدد سكان العالم الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاما إلى 2 مليار بحلول العام 2050. وفقا لتقرير صدر عام 2014، يمكن إرجاع حوالي 3.2 مليون وفاة سنويا في جميع أنحاء العالم إلى قلة النشاط البدني.
وعلى الرغم من غياب أي إرشادات رسمية تتعلق باللياقة البدنية لدى كبار السن، تبقى التمارين الأساسية التي يجب أن يحرصوا على اتباعها نفس التمارين المحددة لأي فئة عمرية.
ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن على الأشخاص غير المتعودين على التمارين الرياضية أن يبدؤوا بحركات خفيفة.
وينصح الطبيب المختص في القلب، مايكل مياموتو، “من المستحسن أن يتحدث الشخص مع طبيبه قبل الشروع في التمارين الرياضية. وقد يتوجب عليه إجراء بعض الفحوصات للتأكد من قدرته على ممارسة الرياضة. كما سيحدد الطبيب مستوى التمرين المناسب لجسمه”.
وأثبتت الدراسة الجديدة استفادة المسنين الذين يعانون من إعاقات أو أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري من التمارين الرياضية، إذ لم تكن أعراضهم بنفس الحدة مقارنة بأقرانهم. إلى جانب قدرتها على الوقاية من أمراض القلب. لأجل ذلك يشدد الخبراء على ضرورة استشارة الطبيب قبل اختيار نوعية التمارين الرياضية لأنه قادر على تحديد أفضل الأنشطة حسب السن ومستوى اللياقة.