التقارب بين فرنسا والمغرب ينعش فرص التعاون العسكري

المملكة تنتظر تسلم 36 مركبة عسكرية من طراز شيربا، في إطار عقد موقّع بين المغرب وفرنسا سنة 2020.
الجمعة 2024/09/13
طائرة متعددة المهام

الرباط - تسعى فرنسا للفوز بعدة صفقات عسكرية هامة مع الرباط في مسعى لإنعاش فرص التعاون العسكري، خصوصا بعد استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إثر اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء.

وكشفت مصادر إعلامية أن شركة أيرباص الفرنسية قدّمت مؤخرا عرضا جديدا يشمل 12 من مروحيات كاركال إتش 225، مع فرص توقيع العقد خلال زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب قبل نهاية 2024، إذا تم التوصل إلى اتفاق نهائي بين البلدين، كما تنتظر المملكة تسلم 36 مركبة عسكرية من طراز شيربا، في إطار عقد موقّع بين المغرب وفرنسا سنة 2020.

وتُعتبر مروحية كاركال إتش 225 من الطائرات العسكرية الثقيلة متعددة المهام، حيث تتميز بقدراتها على تنفيذ مهام نقل القوات والإخلاء الطبي والبحث والإنقاذ القتالي، فضلا عن تسليحها المتطور الذي يشمل صواريخ ومدافع رشاشة.

هشام معتضد: المغرب له توجه إستراتيجي في تقوية ترسانته البحرية
هشام معتضد: المغرب له توجه إستراتيجي في تقوية ترسانته البحرية

وصادق المجلس الوزاري، برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس، في يونيو الماضي، على أربعة مراسيم تهم المجال العسكري، أهمها مشروع مرسوم يقضي بإحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، لتوفير مناطق صناعية لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة، بهدف تقليل اعتماده على اقتناء الأسلحة من الدول الأجنبية.

ويرجح الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية محمد الطيار أن “يشهد التعاون العسكري بين البلدين، تطورا ملحوظا في ظل موقف فرنسا الداعم لمغربية الصحراء، ومع ما يشهده المغرب من زخم على جميع المستويات، بما فيها مجال التصنيع العسكري الذي من المتوقع أن يحتل فيه موقعا مهمّا ويعد محفزا للشركات الفرنسية لتطوير العلاقات بين البلدين والحصول على صفقات عسكرية”.

وحسب تقرير سابق لوزارة الجيوش الفرنسية، احتل المغرب المرتبة الثالثة ضمن أكبر مستوردي العتاد الحربي من باريس خلال سنة 2020، حيث استحوذ على نصف المبيعات الفرنسية من الأسلحة إلى أفريقيا، والتي شهدت تراجعا كبيرا إثر تجاهل الرباط للسلاح الفرنسي وتوجهها إلى دول أخرى من أجل التزود بالأسلحة التي تحتاجها لمواجهة مختلف التهديدات الأمنية التي تعرفها المنطقة.

واعتبر هشام معتضد، الباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن “الصفقات المحتملة تعكس أهمية التعاون الدفاعي بين الرباط وباريس بعد التقارب الأخير وتراجع الخلاف السياسي والدبلوماسي بين البلدين بعد اعتراف باريس بسيادة المغرب على صحرائه”، مسجلا أنها “تسعى إلى تطوير مكانتها في مبيعات الأسلحة للمغرب على غرار العديد من الدول المصنعة والمصدرة للسلاح، في إطار انفتاح المملكة على شركاء جدد وفقا للاتفاقيات والشراكات الثنائية”.

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أن “المغرب قد يحتاج إضافة إلى مروحيات كاركال إتش 225، إلى بعض الأسلحة النوعية كمقاتلات رافال والطائرات من طراز كاراكال التي أبانت عن فعالية كبيرة في العديد من العمليات العسكرية الأخيرة، بالإضافة إلى المركبات والمدرعات الفرنسية التي أثبتت بدورها نجاعة كبيرة ميدانيا في تخطي التحديات الجغرافية في العديد من المناطق المختلفة”.

كاركال إتش 225 تتميز بقدراتها على تنفيذ مهام نقل القوات والإخلاء الطبي والبحث والإنقاذ القتالي

ويرى معتضد أن “تحديث سفن خفر السواحل من الأمور التي قد تعتمد عليها الرباط على فرنسا في تجديد آلياتها البحرية، خاصة أن القيادة في المغرب لها توجه إستراتيجي في تقوية ترسانتها البحرية وزيادة مستوى تأمين وضبط مختلف فضاءاتها البحرية تماشيا مع السياسات الأطلسية الجديدة”.

وشهدت السنوات الأخيرة تراجعا في التعاون العسكري بين المغرب وفرنسا، حيث اتجه المغرب نحو تنويع مصادر تسليحه، معتمدا بشكل أكبر على الولايات المتحدة الأميركية والصين وغيرهما، كما وصلت واردات المغرب العسكرية من واشنطن إلى ما يقارب 70 في المئة من إجمالي وارداته من الأسلحة، بينما لم تتجاوز وارداته من فرنسا 14 في المئة.

وكشف تقرير حديث لصحيفة “لا تريبيون” الفرنسية أن مجموعة “نافال” الفرنسية تتنافس للفوز بصفقات غواصات في 13 دولة، من بينها المغرب ويبدو أن الغواصة “باراكودا” ذات الدفع التقليدي، قد تكون هي المقصودة، في أفق عام 2026، وهذا ما قد يؤكد أن المغرب قريب من هذه الغواصة أكثر من غيره، إذ يمتلك كل القدرات اللازمة للتعاقد على هذه الغواصات المتقدمة حتى لو كانت بدفع غير نووي.

وسيشمل التعاون العسكري مفاوضات حول اقتناء غواصات من طراز “سكوربين” الفرنسية.

ومع انضمام فرنسا رسميا إلى الدول الداعمة لسيادة المغرب على الصحراء، إلى جانب الولايات المتحدة وإسبانيا، يُتوقع أن تشهد العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين تطورا ملحوظا في السنوات المقبلة، وقد يؤدي هذا التقارب السياسي إلى إعادة التوازن في مصادر التسليح المغربية، مع احتمال زيادة حصة فرنسا في هذا المجال.

ومن المنتظر أن يتوصل المغرب بـ30 طائرة مقاتلة من طراز ميراج 9 – 2000 ابتداء من سنة 2027، إذ تحدث تقرير مفصل لصحيفة “إل إسبانيول” عن مساهمة هذه الصفقة في تقليص الفوارق بين المغرب وإسبانيا على مستوى القوات الجوية.

4