التقارب السياسي يفتح شهية السودان للاستثمارات السعودية

شجع التقارب السياسي بين السودان والسعودية الخرطوم على توجيه أنظارها نحو الاستثمارات السعودية في المجال الزراعي والاستثمار والصناعة والنقل، خصوصا بعد زيارة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك إلى الرياض التي أثمرت تعاونا اقتصاديا ومساعدات لدعم الخرطوم في مرحلتها الانتقالية.
الخرطوم- تحولت أنظار السودانيين شرقا نحو السعودية حيث تشهد العلاقات بين البلدين حالة من الإيجابية المتصاعدة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل 2019.
وتبرز السعودية كإحدى الدول التي تربطها علاقات وثيقة بالسودان باعتبارها إحدى أهم الدول الداعمة له لتجاوز الصعوبات الاقتصادية.
وفي مايو 2019 أودعت السعودية 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني لتعزيز سعر صرف العملة المحلية. وجاءت الوديعة ضمن حزمة مساعدات سعودية – إماراتية للخرطوم بإجمالي 3 مليارات دولار بهدف مساعدة الاقتصاد السوداني على تجاوز صعوبات عديدة.
ومنذ 21 أغسطس 2019 يعيش السودان فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024 ويتقاسم السلطة خلالها كل من الجيش وقوى مدنية. وتتفوق الاستثمارات السعودية بالسودان على الاستثمارات العربية حيث تحتل المرتبة الأولى خاصة في القطاع الزراعي.
وتشجع الموارد الزراعية التي يمتلكها السودان المملكة على الاستثمار الزراعي داخل البلد الأفريقي الذي يحتوي على مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية بواقع 175 مليون فدان صالحة للزراعة.

الهادي محمد إبراهيم كشف عن تفاهمات بين الجانبين لإصلاح كافة الإشكاليات التي تواجه الاستثمارات السعودية بالبلاد
وفي ظل أزمات اقتصادية يعيشها السودان زار وفد رفيع برئاسة عبدالله حمدوك الرياض مؤخرا لبحث عدد من القضايا وعلى رأسها الاقتصاد والاستثمار. وضخت الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء السوداني خلال مارس الجاري دماء جديدة في شرايين العلاقات المشتركة بين البلدين بحسب مراقبين.
ونتج عن زيارة الوفد السوداني صندوق استثماري بين البلدين بقيمة 3 مليارات دولار. ويفتح الصندوق الباب واسعا أمام مستقبل الاستثمارات السعودية بالبلاد والتي يعول عليها كثيرا في مرحلة ما بعد إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
والأسبوع الماضي كشف وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم في تصريحات صحافية عن استثمارات سعودية بمبالغ مالية كبيرة ستدخل إلى البلاد.
وأكد وزير الاستثمار السوداني الهادي محمد إبراهيم على نجاح زيارة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في فتح آفاق جديدة للاستثمارات السعودية ببلاده بما يخدم مصلحة الجانبين. وكشف إبراهيم عن تفاهمات بين الجانبين لإصلاح كافة الإشكاليات التي تواجه الاستثمارات السعودية بالبلاد.
وأعلن عن مشروعات جديدة ستوقع في مجالات اللحوم وسكك الحديد والنقل بجانب مجال الإصلاح وبناء الموانئ والبنى التحتية والإنتاج الحيواني والرعوي. وقال إن “حجم الاستثمارات السعودية المصدقة في الفترة من عام 2000 حتى 2020 بلغ 35.7 مليار دولار”، إلا أنه أوضح أن حجم الاستثمارات التي نفذت على أرض الواقع لا يتجاوز 15 مليار دولار.
ويحظى القطاع الزراعي بنسبة أكبر من الاستثمارات السعودية بقيمة 26.5 مليار دولار، وهي قيمة الاستثمارات المصدقة للقطاع الزراعي من خلال 250 مشروعا. ويرى الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي أن السعودية من أوائل الدول العربية التي استثمرت في السودان، وتصدرت المانحين في كثير من الأزمات التي واجهت البلاد.
و قال فتحي إن ما يميز الاستثمارات السعودية أنها متعددة الأوجه، حيث تشمل المجال الزراعي والصناعي والخدمي. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 8 مليارات دولار في 2019، بحسب غرفة التجارة السعودية.
وخلال وقت سابق من الشهر الجاري تسلم رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك أول بطاقة فيزا مصرفية صادرة داخل البلاد لأول مرة منذ عام 1997 إبان فرض عقوبات اقتصادية أميركية على الخرطوم.
وظل السودان محظورا من التعامل بنظام البطاقات المصرفية العالمية مثل فيزا وماستركارد، منذ فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان عام 1997. وتأتي طباعة البطاقة بعد عام من حصول 3 بنوك سودانية على تراخيص من فيزا لإصدار البطاقات الائتمانية للسودانيين.
15 مليار دولار حجم الاستثمارات السعودية في السودان بين عامي 2000 و2020
وشملت المصارف الحاصلة على الرخصة بنك الخرطوم، بنك المال المتحد وبنك قطر الوطني. وعانت السوق السودانية بشدة منذ فرض العقوبات الاقتصادية التي استمرت حتى عام 2017، وقللت بشكل كبير من دخول الاستثمارات الأجنبية، وكانت سببا ضمن عوامل أخرى في انهيار سعر الجنيه وانتعاش السوق السوداء.
وفي الربع الأخير من 2020 أعلنت الولايات المتحدة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والذي فرض على البلاد عام 1993. مطلع الشهر الجاري أيضا قال السفير السوداني في واشنطن نورالدين ساتي إن بلاده نفذت عملية تحويل نقدي بين السودان والولايات المتحدة لأول مرة منذ قرابة 24 عاما.
وأبلغ السفير إذاعة “فويس أوف أميركا” أنه تسلم حوالة مالية من بنك قطر الوطني بالخرطوم إلى محل إقامته بالولايات المتحدة، متوقعا تنفيذ تحويلات أخرى خلال الفترة القريبة المقبلة.