التعيينات الحكومية للمشرفين على مراقبة الانتخابات الرئاسية تثير مخاوف المعارضة الموريتانية

نواكشوط- يزداد المشهد الانتخابي في موريتانيا سخونة مع اقتراب موعد الاستحقاق الرئاسي المقرر إجراؤه في التاسع والعشرين من يونيو المقبل.
واتسعت دائرة الجدل في موريتانيا مع توجيه قوى المعارضة انتقادات لتعيين الحكومة شخصيات محسوبة على الموالاة على رأس المرصد الوطني لمراقبة الرئاسيات.
كما شكل إعلان عدد من المرشحين للاستحقاق الذين لم تقبل ملفاتهم من قبل المجلس الدستوري بسبب عدم اكتمالها، عن جبهة وطنية للمعارضة الديمقراطية مادة للنقاش في سياق استمرار الصراع على السلطة بين أبرز الفاعلين السياسيين.
◄ اتهامات للحكومة بنقض اتفاق 26 سبتمر 2022 الذي ينص على التشاور مع الأحزاب في إنشاء مرصد لمراقبة الانتخابات
وأصدر الوزير الأول محمد ولد بلال قرارا بإسناد مهمة الأمين العام للمرصد الوطني لمراقبة الانتخابات الرئاسية 2024 إلى محمد فال ولد يوسف عبدالكافي.
وشمل القرار تعيين مستشارين للمكتب التنفيذي للمرصد، وهم أحمدو محمد، مستشارا مكلفا بالشؤون القانونية بالمرصد، ومحمد فال عمير محمدن أبى، مستشارا مكلفا بالإعلام، وسيد أحمد الطيب إبراهيم، مستشارا مكلفا بالتكوين.
وانتقدت المعارضة بشدة التعيينات، واعتبرتها تدخلا مباشرا في الشأن الانتخابي، ومؤشرا على أن هناك نوايا لتزوير النتائج.
وقال حزب “الصواب” المعارض، إن الحكومة تدخلت “في الوقت الضائع… واختارت شخصياته من حزبها الحاكم، وأعضاء نشطين في هيئاته القيادية، معززة مسارها الأحادي، ومنهية تشاورا سياسيا جمع بعض قوى المعارضة وأحزاب الأغلبية، وكانت مرجعيته الوحيدة اتفاق 26 سبتمبر 2022”.
وأوضح الحزب في بيان أن البند العاشر من الاتفاق نص على أن “تلتزم الحكومة بالتشاور مع الأحزاب السياسية بإنشاء مرصد وطني لمراقبة الانتخابات، وإعطائه صلاحيات ووسائل تمكنه من الانتشار والحضور على المستوى الجهوي والمحلي”، مشددا على أنه “لا الحكومة قبل إعلانها تشكيل المرصد تشاورت مع الأحزاب الموقعة على الاتفاق، ولا هي اعتمدت معايير الحياد والكفاءة في اختيار عناصره، ولا أعلنته في وقت يسمح بوضع هيئاته على المستوى الوطني، ويضمن حضوره الشكلي على الأقل”.
واعتبر الحزب الذي يرأسه النائب البرلماني عبدالسلام ولد حرمه الخطوة “من المؤشرات الدالة على عدم رغبة الحكومة في توسيع المشاركة في تسيير ومراقبة العملية الانتخابية، ورفضها لتنظيم اقتراع رئاسي شفاف وعادل، يراقبه إطار مؤسسي يضمن مستوى من حياد السلطات العمومية، ويحد من تواطؤ المتلاعبين بمصير دولة ومجتمع في المحطات الحساسة، كما هو الحال في محطات سابقة”، داعيا قوى المعارضة والتغيير الديمقراطي الوطنية إلى البحث عن إجراءات موازية “تعزز هذه الرقابة، وتحد من تغول السلطة، وتجنبنا المنزلقات التي يقودنا نحوها إصرار السلطة على فرض إرادتها وتمرير أجندتها الأحادية”.
وفي خضم الجدل المثار حول العملية الرقابية للاستحقاق، أعلن عدد من المرشحين غير المعتمدين من قبل المجلس الدستوري تشكيل كيان معارض، تحت اسم “جبهة المعارضة الديمقراطية” ، وأكدوا خلال مؤتمر صحفي عقدوه ليل الاثنين مقاطعتهم للمسار الانتخابي الذي وصفوه بالأحادي، والذي يجري الترتيب له حاليا من قبل النظام.
وأوضح المرشحون الذين تم استبعادهم بسبب عدم حصولهم على تزكية من العمد، أن مقاطعتهم للمسار الانتخابي ستكون مقاطعة نشطة، وهي المقاطعة التي تؤطر وتنظم الوقفات الاحتجاجية الرامية إلى فضح التزوير.
ودعوا الناخبين إلى رفض المشاركة في ما وصفوه بالمسرحية المكشوفة. وأشاروا إلى أن هذه الجبهة المعارضة سينضوي تحتها كل حزب سياسي أو تيار أو منظمة غير حكومية، أو شخص يرفض الواقع السيء الذي جرّ البلاد إليه “تغوُّل النظام الحالي وأسلوبه الدكتاتوري والشمولي والبدائي في تسيير البلاد وجرها إلى عدم الاستقرار وإلى المجهول”.
وتضم الجبهة عددا من المرشحين الذين لم تكتمل ملفات ترشحهم، من بينهم الرئيس السابق المسجون بتهمة الفساد محمد ولدالعزيز، وأحمد ولد الصمب ولد عبدالله، ومحمد ولد الشيخ، وأعلي الشيخ الحضرامي أمم، وسيدي بلال سيدي.
وقبل ذلك، دعا ولد عبدالعزيز خلفه الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني إلى السماح لجميع المرشحين بالترشح وترك الشعب يختار بحرية رئيسه كما فعل “جيراننا في الجنوب إخوتنا السنغاليين، الذين أصبحوا قدوة لنا في الديمقراطية”.
◄ المعارضة انتقدت بشدة التعيينات، واعتبرتها تدخلا مباشرا في الشأن الانتخابي، ومؤشرا على أن هناك نوايا لتزوير النتائج
وتوجه لولد الشيخ الغزواني قائلا إن “خياراتك ثلاثة ومحدودة؛ عدم الترشح وهذه أضعتها لأنك تريد الاستمرار في الحكم خمس سنوات أخرى، وأما الثاني فهو السماح لجميع المرشحين بالمشاركة في انتخابات حرة يختار فيها الشعب من يريد، والخيار الثالث فهو غير مرغوب فيه، وهو السماح للأمور بأن تستمر في الانفلات منكم وتعريض البلاد لكل أنواع الانحرافات، وفي هذا المجال لا يفتقر مواطنوك إلى الإبداع”.
واعتبر الرئيس السابق الذي صدر عليه حكم بالسجن خمس سنوات، أن خطوة واحدة منه بل إجراء واحدا منكم يغسله من كل التهم وينقذ البلاد، وهو “إعادة فتح ترشيحات الانتخابات، وقبول مناظرة تلفزيونية حيث سيتنافس جميع المرشحين للحصول على احترام الشعب ولتقديم برامجهم”.
ويطمح الرئيس ولد الشيخ الغزواني للحصول على ولاية ثانية، وينافسه في الاستحقاق ستة مرشحين وهم زعيم حزب “تواصل” الإخواني حمادي ولد سيد المختار، والناشط في مجال حقوق الإنسان بيرام ولد ألداه اعبيدي الذي حل في المركز الثاني خلف الغزواني في انتخابات 2019.
كما تضم القائمة المرشّح المستقلّ محمد الأمين المرتجي الوافي، والأستاذ الجامعي أوتاما سوماري، ورئيس حزب “التحالف من أجل العدالة والديمقراطية” بامامادو بوكاري، والنائب العيد ولد محمدن ولد مبارك.
وأعلن حزب حركة التحرير والتنمية “تحت التأسيس” دعمه للمرشح الرئاسي أوتاما سوماري، وقال رئيس الحزب أحمد ولد هارون ولد الشيخ سيديا في مؤتمر صحفي مشترك نظمه بمعيّة المرشح سوماري إن دعمه لا يعتبر دعما لمرشح آخر، بل يعتبر ترشحا له شخصيا بمعنى الكلمة.
ولفت ولد الشيخ سيديا إلى أن قراره بدعم سوماري يأتي لتقاسمه والمرشح الإستراتيجيات والأهداف والرؤية السياسية والنظرة إلى الوطن والنظرة إلى المستقبل، وتابع قائلا إن المرشح سوماري يُعتبر من أمثل الشباب منذ سبعينات القرن الماضي إلى يومنا هذا، وأقواهم صدقا وقربا من المواطن، سواء في إطار مهنته أو عمله الإداري أو الميدان السياسي.
ودعا إلى التعبير عن رياح التغيير التي تهب في المنطقة الآن بالتصويت له، وإلى الاستثمار في هذا المرشح ودعمه، وخاصة النخبة التي تعتبر ضمير المجتمع.