التعبئة العامة.. خدعة إستراتيجية لتعبئة العقول الفارغة من التفكير

القانون الذي صادق عليه مجلس وزراء مفرغ من الشرعية الشعبية ولا يُعدو أن يكون سوى حالة استنفار وهمي الهدف منه إعادة تعبئة مشاعر الخوف وتخدير الوعي الجماعي وخلق عدو خارجي دائم.
الأربعاء 2025/04/23
أي تعبئة، وأي مواجهة، ومن العدو؟

بينما تتصدع جدران النظام العسكري الجزائري من الداخل، وتتشقق واجهته السياسية في الخارج، لجأ قصر المرادية إلى أحدث اختراعاته في فن التهويل السياسي: “قانون التعبئة العامة”، وكأن الجزائر على أعتاب مواجهة نووية، لا على شفا أزمة سياسية وأخلاقية خانقة.

هذا القانون، الذي صادق عليه مجلس وزراء مفرغ من الشرعية الشعبية، ولا يُعدو أن يكون سوى حالة استنفار وهمي، الهدف منه إعادة تعبئة مشاعر الخوف، وتخدير الوعي الجماعي، وخلق عدو خارجي دائم يُستخدم كقناع لإخفاء العدو الحقيقي: نظام يختبئ خلف المؤسسة العسكرية، ويُدير البلاد بمنطق الطوارئ لا بمنطق الدولة.

حين يفشل الداخل، يُختلق الخطر الخارجي..

التاريخ يخبرنا أن كل نظام فقد سيطرته على الداخل، بدأ في خلق “عدوّ خارجي” لتوحيد الصفوف خلفه، وهذا بالضبط ما يفعله نظام الجنرالات اليوم:

     • اقتصاد منهار رغم الغاز والنفط.

◄ السلطة التي تسرق ثروات أجيالها القادمة لا تُجند شبابها للدفاع، بل تُجندهم للصمت القسري، أو للهجرة القسرية

     • بطالة مستشرية رغم الموارد.

     • قمع يومي رغم الشعارات الديمقراطية.

     • غضب شعبي متصاعد رغم كل محاولات الإخماد.

فما الحل؟ “التعبئة العامة”.. أيّ تعبئة؟ وأيّ مواجهة؟ ومن العدو؟

أسئلة يعرف الشعب الجزائري أجوبتها: لا عدو حقيقيا سوى نظام ينهب ثرواته باسم الوطنية، ويُحاصر تفكيره باسم الأمن القومي.

القانون ليس بريئا، بل مدخل لصناعة المزيد من القمع..

لا يجب أن نُخدع. هذا القانون، في جوهره، ليس مجرد “تأطير قانوني لحالة طوارئ عسكرية،” بل إعلان مفتوح بأن المرحلة المقبلة ستكون أشد قمعا فـ”التعبئة” في مفهوم هذا النظام، تعني:

     • تعبئة الشباب قسرا في معارك لا يفهمونها.

     • تعبئة الإعلام في حملة شيطنة للجيران.

     • تعبئة البرلمان للتصفيق.

◄ التاريخ يخبرنا أن كل نظام فقد سيطرته على الداخل، بدأ في خلق “عدوّ خارجي” لتوحيد الصفوف خلفه، وهذا بالضبط ما يفعله نظام الجنرالات اليوم

     • تعبئة الأتباع لبث الفوضى في الخارج.

     • تعبئة العقول.. كي لا تفكر في السؤال الجوهري: من نحن، وماذا فعل بنا هذا النظام منذ الاستقلال؟

الرد على الشعوب، لا يكون بإعلان الحرب عليها..

السلطة التي تخاف من شعبها لا تُعلِن التعبئة ضد العدو، بل تُعلِنها ضد وعي الداخل. إذ أن السلطة التي تسرق ثروات أجيالها القادمة لا تُجند شبابها للدفاع، بل تُجندهم للصمت القسري، أو للهجرة القسرية.

فلا عدو على حدود الجزائر، إلا الفشل الذي يسكن داخل أسوارها السياسية.

وعليه فإن “قانون التعبئة العامة” ليس إلا وثيقة رسمية تؤكد شيئا واحدا: النظام في الجزائر يعيش آخر مراحل رعبه من اليقظة الشعبية القادمة، ويحاول صناعة الطوارئ قبل أن يصله الطوفان الديمقراطي.

أما الشعوب، فلا تعبئة تُخيفها حين تفقد كل شيء.. سوى كرامتها.

8