التعاون الأفريقي من الأولويات الإستراتيجية للمغرب

الرباط - أكد رئيس مجلس المستشارين المغربي، محمد ولد الرشيد، أن المملكة، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، جعلت من التعاون الأفريقي إحدى أولوياتها الإستراتيجية لتعزيز الشراكة.
وأوضح في كلمة له خلال افتتاح أشغال الدورة الثالثة والثمانين للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الأفريقي، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس، أكد على استعداد المغرب التام لوضع بنياته التحتية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة، وذلك انطلاقا من إيمانه بأن هذه المبادرة ستشكل تحولا جوهريا في اقتصاد دول الساحل، وفي المنطقة كلها.
واعتبر ولد الرشيد، أن أفريقيا تحتاج إلى العمل وإلى إنجاز مشاريع مهيكلة وعابرة للحدود لجعلها جسور تواصل وتعاون وفضاءات ازدهار مشترك، مذكرا بالمبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس لصالح التنمية الأفريقية العابرة للحدود والمتوجهة إلى المستقبل، منبها إلى مواجهة نزاعات داخلية تقوض الاستثمار، وتسبب مآسي إنسانية وموجات هجرات ولجوء ونزوح.
ويندرج مشروع أنبوب الغاز الأفريقي – الأطلسي (المغرب – نيجيريا) ضمن نفس الرؤية والتوجه في ظرف إقليمي ودولي دقيق، يتسم بتحديات متشابكة تتعلق بتحقيق السلم والأمن، والتنمية المستدامة، حسب ولد الرشيد، إذ سيشكل رافعة إستراتيجية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجموعة من الدول الأفريقية.
كما تشكل مبادرة الدول الأفريقية – الأطلسية، إطارا مناسبا لتنسيق الجهود بين الدول الأفريقية وتشجيع التعاون في مختلف المجالات، والمبادرة الدولية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والتي تعد انعكاسا لرؤية استشرافية تهدف إلى تعزيز التكامل الإقليمي وفك العزلة على الدول الساحل التي ليس لها منفذ بحري من خلال تمكينها من الدخول مباشرة إلى المحيط الأطلسي لتسويق منتجاتها، وتحقيق تنمية شاملة لمواطنيها.
وأكد محمد بودن، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الدولية المعاصرة، أن “الأمر لا يتعلق بمبادرة تكامل تقليدية بل برؤية تتضمن قراءة متبصرة للجغرافيا السياسية الأطلسية لأفريقيا التي تضم بلدان من أربع مناطق جيوسياسية بالقارة وترمي إلى توسيع نموذج التعاون بإقامة مشاريع، لخلق تحول جوهري في الفضاء الأطلسي برمته وفي هذا الإطار يبرز مشروع خط أنابيب الغاز المغرب – نيجيريا والذي يتجاوز طموحه غرب أوروبا، ومن شأنه أن يصبح عنوانا بارزا للازدهار المشترك في الأطلسي وطريقا للتنمية والطاقة ورمزا للتلاقي بين قارتين.”
وأوضح لـ”العرب”، أن “التعاون بين المملكة المغربية ودول الساحل الأفريقي يعزز الحضور الإستراتيجي للمغرب داخل القارة، من خلال خلق منصة مفتوحة ومبتكرة لتكثيف التعاون جنوب – جنوب، وتحقيق تحول جوهري في الفضاء الأطلسي برمته بشكل يضمن التلاقي بين الواجهة الأطلسية الأفريقية والواجهة الأطلسية لأميركا اللاتينية، وجعل الأطلسي فضاء للشراكة من أجل التقدم والسلام.”
ويرى بودن أن “أفريقيا قادرة على الاستفادة من مقدراتها رغم أن الميل للمصالح الوطنية يحجب المصالح الجماعية للقارة التي تشهد بعض مناطقها هشاشة أمنية، في ظل المتغيرات الحالية على الساحة الدولية،” مشيرا إلى “أهمية أفريقيا في السياسة العالمية، وهي تطمح للاستفادة من هذه المكانة وتحييد المخاطر الناشئة التي تهددها.”
ويواصل المغرب ترسيخ موقعه كشريك موثوق لدول المنطقة، من خلال مبادرات تنموية وإستراتيجية تهدف إلى دعم الاستقرار وتعزيز التكامل الاقتصادي، حيث استقبل الملك محمد السادس، نهاية أبريل الماضي، بالقصر الملكي في الرباط، وزراء الشؤون الخارجية للدول الثلاث الأعضاء في “تحالف دول الساحل”، الذي شددوا على دعمهم الكامل لمبادرة الربط الأطلسي، وأكدوا التزامهم بالعمل المشترك من أجل تسريع تنفيذها لما تحمله من آفاق اقتصادية وتنموية واعدة.
وسبق أن أكد وزير الخارجية المالي، عبدالله ديوب، أن العلاقات المغربية – الأفريقية تتسم بـ”الاحترام والبناء”، موضحاً أن مبادرة الرباط تتماشى مع مشاريع التصنيع والتحول الاقتصادي لدول الساحل، وتسهم في تطوير البنية التحتية.
وتعمل الرباط على نسج علاقات وشراكات مع دول أفريقية مثل موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، من أجل بلورة نموذج جديد للتعاون الأفريقي القائم على شراكة رابح-رابح والتضامن والتعاون الأمني والاقتصادي والديني ضمن رؤية مستقبلية لتحقيق بيئة تنمية حقيقية وبناء مؤسسات قوية وتوفير فرص اقتصادية كفيلة بإبعاد الشباب عن مخاطر التطرف والجريمة المنظمة.