التعاونيات تنعش القدرة التنافسية للاقتصاد التضامني في المغرب

حرص حكومي على دعم القطاع عبر مجموعة واسعة من البرامج.
الثلاثاء 2024/12/03
التسويق مرحلة حتمية للاستمرار

تزايد رهان المغرب على الاقتصاد التضامني في سياق إستراتيجية الحكومة نحو تحقيق التوازن بين المتطلبات الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، من بوابة التعاونيات التي تشكل جدار صد للكثيرين من خلال توليد الوظائف وتحريك أنشطة الأعمال في أنحاء البلاد.

الرباط- يبذل المسؤولون المغاربة جهودا من أجل الاستفادة من البرامج التي تندرج ضمن الاقتصاد الاجتماعي التضامني والذي تعول عليه السلطات كثيرا لتحفيز الأعمال ونمو الناتج المحلي الإجمالي في المرحلة المقبلة.

وفي إطار تفعيل الاختصاص الذاتي المتعلق بإنعاش الاقتصاد الاجتماعي والمنتجات الجهوية، كشفت أرقام رسمية لوزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد التضامني والاجتماعي، عن تسجيل أقاليم جهة درعة – تافيلالت بالجنوب الشرقي، لتقدم إيجابي في هذا المضمار.

وبلغ عدد التعاونيات المتعلقة بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تلك الجهة مع نهاية 2023 أكثر من 5 آلاف تعاونية 568 منها نسائية.

رشيد ساري: القدرة التنافسية للقطاع مهمة كونه من روافد التنمية
رشيد ساري: القدرة التنافسية للقطاع مهمة كونه من روافد التنمية

وتظهر المعطيات التي أوردها جواب وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور على تساؤلات نواب البرلمان تسجيل النسيج التعاوني بجهة درعة – تافيلالت حقق طفرة مهمة من حيث عدد التعاونيات.

وتضم تلك التعاونيات في عضويتها أكثر من 76.1 ألف متعاون ومتعاونة، منها 568 تعاونية نسائية أو نوع الأنشطة التي تزاوله.

وفي ما يتعلق بالحصيلة المرحلية لبعض المنجزات التي تم تحقيقها على مستوى هذه الجهة، لفتت عمور إلى مساهمة الوزارة في تمويل 23 مشروعا تنمويا مقدما من طرف الجمعيات وشبكات الجمعيات في إطار برنامج مؤازرة.

وأكدت على مواصلة تنفيذ برنامج (مرافقة) لمواكبة التعاونيات حديثة التأسيس، خدمة لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني الذي يشكل مجالات واعداً للتنمية السوسيو – اقتصادية وإطارا مناسبا لتطوير المبادرات المحلية باعتباره اقتصادا للقرب.

ويجدُر التذكير أن برنامج مرافقة يهدف إلى دعم ومواكبة التعاونيات حديثة التأسيس التي لا يمرّ على تأسيسها أربع سنوات.

ويرتكز البرنامج على ثلاثة محاور تتمثل في التشخيص الإستراتيجي للتعاونيات المستفيدة لإعداد مخططات تطويرها ثم التدريب الجماعي لـمُسَيّريها في المجالات التقنية ومجالات الحوكمة والتدبير والتسويق، وكذلك المواكبة الفردية للتعاونيات لمدة سنتيْن لإنجاز مخططات تطويرها.

وعرف الاقتصاد الاجتماعي والتضامني تطورا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، كرهان إستراتيجي من أجل توفير فرص العمل ونشر التنمية ومكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي، وتوزيع الثروة على جميع جهات البلاد (العدالة المجالية) وعلى جميع فئات المجتمع (العدالة الاجتماعية).

وتساهم التعاونيات خاصة النسوية منها بشكل أساسي ومهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والتنموية لاسيما بدواوير العالم القروي والجبلي، عبر تحسين ظروف عيش الأعضاء وضمان دخل قار لائق لمئات الآلاف من المتعاونين والمتعاونات.

وشدد رشيد ساري، رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، في تصريح لـ”العرب” على القدرة التنافسية لهذا القطاع باعتباره رافدا من روافد التنمية الاقتصادية.

5

آلاف تعاونية منتشرة في جمع أنحاء البلاد منها 568 تعاونية نسائية، وفق الأرقام الرسمية

ولفت في حديثه إلى أن كل البرامج والمشاريع والخطط عوامل ستمكن المغرب من تحسين النمو من خلال تشجيع المشاريع المحلية والريادة في تصنيع وإنتاج مجموعة من المنتجات المحلية.

ولمواكبة التحولات الاقتصادية تلعب المعارض الجهوية مثل درعة – تافيلالت دورا في تسويق منتجات قطاعي الزراعة والصناعة التقليدية، وفرصة للتواصل مع كافة الفاعلين والمتدخلين في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.

كما تعمل على التعريف بدوره في تحقيق التنمية المستدامة، وتثمين منتوجات قطاعات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وإرساء ديناميكية جديدة في مجال تسويق وترويج المنتجات.

ومن أجل لعب دور أكبر في تطور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني تساهم شركة الفوسفات في دعم تطوير البنيات التحتية وتشجيع إطلاق التعاونيات النسائية لتمكين المرأة ودعم نهج الجودة لتطوير زراعات ذات قيمة مضافة من خلال التشبيك وتوفير الموارد البشرية والمالية.

وساهمت الشركة في مواكبة وتدريب أكثر من 800 تعاونية مغربية وأفريقية في إطار برنامج “جيل المتضامن” ودعم التعاون في إطار برنامج “لالة المتعاونة”.

كما ساهمت في دعم تعاونيات في 12 جهة في المغرب، منها جهة درعة – تافيلالت في إطار برنامج مرافقة، وتوفير شبكة من التعاونيات عبر برنامج روابط، وإطلاق منصة تجارية رقمية تضامنية.

واعتبرت سناء علمي أفيلال المكلفة بمهمة لدى الإدارة العامة لشركة الفوسفات الحكومية أن تنظيم قطاع وأنشطة الاقتصاد التضامني والاجتماعي بالمغرب مهم من خلال الذكاء الجماعي وتداخُل الحقول المعرفية والعلمية المساهمة فيه.

سناء أفيلال: يجب سن قانون لتنظيم القطاع مع توضيح سبل تمويله
سناء أفيلال: يجب سن قانون لتنظيم القطاع مع توضيح سبل تمويله

كما طالبت أفيلال منسقة أبحاث التمكين الترابي والتنمية بالشركة في ندوة علمية بضرورة سن قانون ينظم المجال برمته، مع توضيح سبل تمويله وتقنينه، ما يسمح بوضع وتنفيذ سياسات عمومية ترابية تنموية مندمجة ودقيقة الاستهداف والأثر.

وتقدم نواب حزب الحركة الشعبية بمقترح قانون لمساعدة التعاونيات التي تعاني العديد من الإشكاليات، منها التمويل والتسويق، وإشكالية تعقيد البرامج، ناهيك عن انعدام التأطير والمساهمة النوعية والكيفية، وعدم توفر جهات على مراكز تنمية التعاون ونخص بالذكر جهة درعة – تافيلالت.

ويهدف مقترح هذا القانون إلى وضع اختصاصات محددة تنظم أعمال التعاونيات في جميع فروع النشاط الإنساني، وتستهدف أساسا حسب المقترح ضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأعضائها.

كما يرمي إلى تشجيع روح التعاونية ومبادئها لدى أعضائها، بالإضافة إلى تمكين أعضائها من تخفيض تكلفة الإنتاج وتحسين جودة المنتجات أو الخدمات وبيعها أو تسليمها للأغيار في أحسن الظروف، وتنمية نشاطهم وتثمينه إلى أقصى حد.

وتلعب التعاونيات دورا كبيرا في تنمية العديد من المناطق من خلال خلق فرص الشغل المباشرة وغير المباشرة ومكافحة الهشاشة الاجتماعية، والمساهمة في تسويق المنتوجات المحلية، وتحسين دخل الأسر.

وعلى سبيل المثال، يمنح برنامج “لالة المتعاونة”، الذي أطلق في 2020 بشراكة مع مكتب تنمية التعاون، دعما ماليا للتعاونيات النسائية المغربية ويخصص لأفضل المشاريع التي تقدمها التعاونيات النسائية والتي تهدف إلى تطوير أنشطتها.

وحسب خبراء يعتبر الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من الدعائم الأساسية التي يراهن عليها المغرب للنهوض بأوضاع الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود ولمساهمته في النهوض بالتنمية المستدامة.

ورأوا أن ذلك سيكون من خلال التوظيف الأمثل للثروات المادية وغير المادية التي تنتجها يد الصانع التقليدي والمرأة القروية والحضرية.

10