التطوع في الصغر علم ونجاح عند الكبر

الثلاثاء 2014/09/09
أطفال الإمارات يشاركون في حملة تنظيف الشواطئ

يزيد العمل التطوعي لدى الأطفال الدافع الذاتي للمشاركة في الأعمال الإنسانية، ويشجعهم على التفكير في القيام بأنشطة ناجحة تسهم في الرفع من شأنهم مستقبلا، لذلك تركز أغلب الدول المستقرة على تشجيع العمل التطوعي في صفوف الصغار سواء في المدارس أو في النوادي والملتقيات الاجتماعية، وقد أثبتت التجارب السابقة أهمية العمل التطوعي في صناعة جيل واثق بنفسه، يرفض الكسل والتآكل.

ويؤكد الخبراء على قيمة العمل الإنساني في حياة الأفراد والمجتمعات ودوره في تصحيح السلوك، وعلاج المشاكل الاجتماعية والصحية والنفسية، وترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي، وتنمية المهارات الفردية، وتحويل الهوايات إلى نجاحات.

وتمنى باحثون أميركيون لو كان بالإمكان وضع التطوّع في حبة دواء لكانت الأكثر مبيعا في العالم، نظرا لما له من تأثير إيجابي على البشر، فهو يزيدهم سعادة وصحة وعمرا.

ويحرص الآباء في المملكة المتحدة على أن ينخرط أطفالهم في ورش للعمل التطوعي تشمل أنشطة متنوعة، من أجل تنشئتهم على حب العمل الاجتماعي، وإكسابهم المهارات والخبرات التي تساعدهم مستقبلا على النجاح في حياتهم والرقي بمجتمعهم.

وتولي دولة الإمارات أهمية كبيرة للعمل الإنساني الذي يحبذ الإماراتيون تسميته بـ”الفزعة” وتوجد بها عشرات الجمعيات الخيرية والإنسانية التي تفتح أبوابها للصغار للمساهمة في مختلف أنشطتها الاجتماعية وأعمالها الخيرية سواء على المستوى المحلي أو العالمي، وذلك بهدف ترسيخ ثقافة العطاء وحب التعاون في النشء، فيما تحول الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها العديد من الدول العربية دون انخراط أطفالها وشبابها في الأعمال الاجتماعية، وتجبرهم ظروفهم الصعبة على العمل لساعات طويلة من أجل إعالة أسرهم الفقيرة.

وينظر المتطوعون في كندا إلى العمل الاجتماعي على أنه وسيلة لاكتساب الخبرة والمساهمة في رقي بلادهم وتحقيق الأمن والأمان لمجتمعهم، لذلك يوجد حوالي 47 بالمئة ممن عملوا متطوعين في فترة ما من حياتهم، وفي سنة 2010 ساهم حوالي 13 مليونا من الكنديين بأكثر من 2 بليون ساعة عمل لصالح الأعمال الخيرية.

وأكدت المنسقة التنفيذية للعمل التطوعي بالأمم المتحدة، فلافيا بانسيري في أول تقرير حول حالة العمل التطوعي في العالم انضمام حوالي 8000 متطوع إلى وكالات الأمم المتحدة سنويا، مشيرة إلى أن عمل المتطوعين لا يسهم فقط في الناتج المحلي للبلدان، بل يساهم في السلام والتماسك الاجتماعييْن للبلدان.

وأثبتت العديد من الأبحاث أن الأشخاص الذين يعملون بإخلاص لمنفعة الغير يشعرون بالسعادة والصحة، حتى أن فترة حياتهم تطول.

وقال خبير الطب الوقائي بجامعة ستوني بنيويورك، ومؤلف كتاب «الهدايا الخفية وراء مساعدة الآخرين»، أن “البحث بشأن منافع العطاء قوي جداً إلى درجة أنه يقترح بأن يقوم المختصون بالرعاية الصحية بالنظر في إمكانية تقديم توصيات للمرضى بالقيام بمثل هذه الأنشطة”.

باحثون يتمنون لو كان التطوع حبة دواء

وأوضح بعد مراجعته للكثير من الدراسات أنه من الصعب نفي فكرة “مهم أن تكون جيدا.. فالجرعة المناسبة للنية الحسنة تختلف من شخص إلى آخر، ولا وصفة مفصلة لكل شخص، لكن المبدأ يمكن على الأقل أن يحدد علمياً”.

وبرهنت دراسة أجرتها جامعة تورنتو الكندية على أن الانخراط في العمل التطوعي يساهم في تعزيز الصحة، بعد اكتشافها وجود رابط بين العمل التطوعي وخفض أعراض الاكتئاب، وتحسين الصحة العامة، فضلا عن تقليل القيود الوظيفية وزيادة عمر الإنسان.

وقال الباحث نيكول أندرسون إلى إن الدراسة ترسم صورة مقنعة على قيمة العمل التطوعي باعتباره عنصرا مهما في الحفاظ على نمط الحياة الصحية والرفاهية في سنوات لاحقة.

وأشارت الإحصائيات الحديثة أن نسبة الوفيات تقل بمعدل 22 بالمئة بين من يمارسون التطوع والأعمال الخيرية مقارنة بغيرهم ممن لا يمارسون مثل هذه الأعمال.

وتوصل باحثون بريطانيون إلى أن العمل التطوعي يمكن أن يعمل على تحسين الصحة العقلية للإنسان ومساعدته على العيش لسنوات أطول.

وعكف الباحثون على تحليل بيانات أكثر من 40 دراسة أجريت في هذا الصدد، فاكتشفوا أن المنخرطين في العمل التطوعي تتراجع بينهم مخاطر الوفاة مبكرًا بنسبة 20 بالمئة مقارنة بالأشخاص الذين لا ينخرطون في مثل هذه الأنشطة العامة، بالإضافة إلى تدني معدلات إصابتهم أو معاناتهم من نوبات اكتئاب مع ازدياد شعورهم بالرضا عن حياتهم.

وشدد الباحثون على أن كبار السن الأكثر عرضة للمعاناة من ظروف صحية مزمنة قد يصبحون أكثر استفادة من التطوع في الأعمال الخيرية.

21