التصاميم نجمة مزاد دار كريستيز الشرق أوسطي

تزامنا مع موسم المزادات الخامس عشر في منطقة الشرق الأوسط، اعتمدت دار كريستيز نهجا جديدا في أسلوب إجراء المزادات وقامت بإضافة فئة جديدة إلى الفئات التقليدية في مزاد فنون الشرق الأوسط الحديثة والمعاصرة، وهي التصاميم.
أبوظبي - للمرة الأولى في تاريخ كريستيز سيسلط مزاد تقيمه الدار في الفترة الممتدة بين 14 و23 نوفمبر الجاري الضوء على التصاميم الشرق أوسطية التي تقام برعاية المهندس المعماري الشهير والمصمّم فيكتور أودزينيجا، الذي يتّخذ من دبي مقرا لعمله.
وسيتاح أمام الجمهور المجال لمعاينة هذه التصاميم، بالإضافة إلى الأعمال الفنية المنتقاة من مزاد “مسائل المادة” والمزاد الخيري “كلنا بيروت”، وذلك بمقرّ كريستيز في كينغ ستريت بلندن.
إستراتيجية جديدة
ترسيخا لمكانتها الرائدة في سوق الفن الحديث، ستقوم دار كريستيز كذلك بتقديم مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية المعاصرة، حيث ستتلاقى أعمال الفنانين المكرّسين مثل المغربي فريد بلكاهية والإيراني سهراب سبهري، مع أعمال مهمة لمواطنه فرهاد مشيري والفنانة الفلسطينية الأميركية سامية حلبي، ممّا يعكس تنوّع المواهب الفنية في المنطقة والأذواق الفنية المتطوّرة باستمرار.
وقالت كارولين لوقا، المدير التنفيذي في كريستيز الشرق الأوسط “يسعدنا أن نحتفي خلال موسم الخريف الحالي بتقديم إستراتيجية جديدة لمزاداتنا، بما يتماشى مع التطوّر والنضج الذي يشهده سوق المبيعات في المنطقة، وذلك من خلال التركيز على الأعمال عالية القيمة والجودة”.
وأضافت “سنقوم خلال هذا الموسم باستضافة قسم خاص بالتصاميم ضمن مزاد الفن الحديث والمعاصر التقليدي، بالإضافة إلى عرض قطع فنية منتقاة ضمن مزاد خاص يهدف إلى ربط منطقة الشرق الأوسط بباقي مناطق العالم”.
واعتبر فيكتور أودزينيجا أن ثمّة أصالة واضحة وابتكارا عميقا واستدامة واسعة في مجموعة أعمال التصميم الإبداعي التي تعتزم كريستيز عرضها في مزاد لندن المرتقب.
وهو يرى أن هذه الأعمال التي أبدعها مصمّمون من جميع أنحاء الشرق الأوسط تتضمّن كل ما يجب أن تشتمل عليه أي قطعة تصميم، بدءا من الغرض والوظيفة، والاستخدام المبتكر للمواد، وحتى إعادة اختراع التقنيات القديمة وتطبيقها بأسلوب معاصر جديد، فضلا عن الاستخدام الحسّاس والمعقول للمواد الطبيعية واستخدام المواد القابلة للتدوير، من أجل منح هذه الأعمال روحا جديدة، وإضفاء سمة الاستدامة عليها.
وأضاف “من المنتظر خلال نوفمبر الجاري أن تسلّط دار كريستيز للمزادات في مزاد لندن الضوء على 100 عام من الإنتاجية والأعمال الإبداعية من الشرق الأوسط، حيث ستُعرض لوحات ومنحوتات وقطع تصميم أثناء فترة المزايدة المباشرة. وأودّ أن أعرب عن امتناني لكريستيز لمنح عالم التصميم والمصمّمين من الشرق الأوسط مثل هذه المنصة لإظهار تألقهم”.
بين القديم والحديث
الفنانون ركزوا في أعمالهم على استخدام المواد القابلة للتدوير من أجل منحها روحا جديدة، وإضفاء سمة الاستدامة عليها
تحضر في المزاد إلى جانب أعمال بلكاهية وسبهري ومشيري وحلبي أعمال فنية مبتكرة من الجيل الجديد، كالعمل المعنون بـ”أوروبوروس” للفنانة اللبنانية رانيا سراكبي التي تعيش وتعمل بين بيروت وميلانو، وعنه تقول “يُنظر إلى الثعبان في الأساس بوصفه قوة شريرة، بالرغم من أنه كان يُعتبر في ما مضى رمزا للحياة، فمصر القديمة واليونان اعتادتا اعتبار الثعبان رمزا للدورية، وللفوضى إزاء النظام، ورمزا للحياة التي تتغذّى على نفسها”. ومن هناك تلعب الفنانة في عملها “أوروبوروس” على وتر الخلود، تلك الفكرة التي يتردّد صداها مع الثقافة المعاصرة وتحمل أهمية نموذجية لكفاح النفس البشرية.
ويقدّم المصممان اللبنانيان ديفيد ونيكولاس عملهما المشترك “كونستوليشن” أو “تركيبة كوكبة النجوم” التي يريان فيها أن الموت مجرّد تحوّل بين الأشكال؛ والعمل يذكّر الرائي ببيروت، المدينة التي كثيرا ما وُلدت من جديد، والتي تختلف فيها معايير الزمان والمكان عن أي مدينة أخرى، حيث الجمال يكمن في الأشياء الصغيرة أو حتى في الذكريات. وتدور قطع الكوكبة حول “نسبِية الإدراك” وكيف يمكن تفسير هذه الظاهرة بمادة محسوسة.
واشتهر الفنانان منذ افتتاحهما للأستوديو الخاص بهما في بيروت العام 2011، باعتماد مزيج من التأثيرات الشرقية والغربية واستخدام مجموعة واسعة من المواد الفاخرة.
وتأتي مجموعة “مرآة كرابوس” للمصمّم والمهندس المعماري اللبناني عمار كالو المقيم في الإمارات، نتاجا إبداعيا للجمع بين مفاهيم الحِرف التقليدية وعمليات التصنيع الآلي المتقدّمة. ويُبرز العمل الجديد عيوب هذا الخلط ويسلّط الضوء على كل من الآلة والحرف اليدوية باستخدام النحاس المشكّل آليا، بالإضافة إلى جلد الجمل وخشب الجوز ومرايا مظللة.
وتشمل مجالات اهتمام عمار البحثية تطوير مشاريع التصميم/ التصنيع التي تستخدم الروابط التي لا تنفصم بين المواد وأدوات التصنيع وصنع النماذج. وهو يشغل حاليا منصب مدير مختبرات كلية الهندسة المعمارية والتصميم وأستاذ مساعد في الجامعة الأميركية في الشارقة.
في حين يستعرض الإيراني أسد بختياري في المزاد “مشروع النسيج القبلي”، وهو تصوّر متجدّد ومتواصل متعدّد المستويات للأشغال اليدوية القبلية التي يشكل “المربع الصغير رقم 7” جزءا منها. ونسجت هذه الأشغال نساء القبائل شبه المرتحلة باستخدام صوف مغزول يدويا ومصبوغ بألوان طبيعية، وكان إكمال العمل في كل قطعة يستغرق ما يصل إلى أربعة أشهر، حسب حجمها.
ويدمج الفنان المغربي حسن حجاج في أعماله متعددة المستويات عناصر الثقافة التقليدية والمعاصرة في شمال أفريقيا مع الصور والأيقونات الغربية المألوفة من خلال التخصيص والتكييف، وهو الذي انتقل منذ طفولته المبكرة إلى لندن وتأثّر طوال حياته بالثقافتين؛ المغربية والغربية.
وقد دمج في عمله “المقاعد القفصية”، واحدة من أكثر الصور شُهرة في الثقافة الغربية: الكوكا كولا، عبر تحويل أحد صناديقها إلى كرسي بإضافة مواد تنجيد ذات تصميم يتحلّى بطابع شمال أفريقي.
وفي سياق متصل، تقيم دار كريستيز، انطلاقا من الأربعاء وحتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، مزادا خيريا بعنوان “كلنا بيروت” الذي يأتي دعما للمشهد الثقافي في العاصمة اللبنانية، ويهدف إلى المساهمة في دعم الجهود الرامية إلى إحياء المشهد الثقافي والفني في العاصمة المنكوبة، كما سيذهب ريعه بالكامل إلى الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) بهدف مساندة مجتمع الثقافة والفنون في بيروت، الذي يشمل متحف سرسق العريق.
وقد عرضت بعض الأعمال الفنية التي تشارك في المزاد في معرض “بيروت سنة الصفر” الذي قام بتنظيمه نبيل وزوي دبس من “آرت هاوس بيروت” بعد الانفجار المدمّر الذي ضرب العاصمة اللبنانية في الرابع من أغسطس الماضي، وسيذهب جزء من ريع هذه الأعمال المختارة إلى الصليب الأحمر اللبناني، في مبادرة من “آرت هاوس بيروت” وتماشيا مع جهود كريستيز المتواصلة لأكثر من مئة عام في دعم الصليب الأحمر أثناء الأزمات.
وسيشهد مزاد “كلنا بيروت” بيع أعمال لفنانين في ثلاثة مجالات أساسية تشمل الفنون والتصميم والمجوهرات، وتتضمن معروضات المزاد أعمالا لفنانين معروفين على الساحتين الإقليمية والعالمية، مثل منى حاطوم، وفنانين آخرين قاموا بتقديم أعمال فنية خصيصا لدعم هذه القضية مثل أيمن بعلبكي، وسيروان باران، وعبدالرحمن قطناني ونبيل نحاس، إضافة إلى تصميمات أيقونية لبولين بولين بولين وهيرفي فان دير ستراتن.
وتعتبر كريستيز، دار المزادات العالمية العلنية الرائدة في منطقة الشرق الأوسط والأبرز على مستوى العالم، إذ كانت أول دار مزادات علنية عالمية تقيم مقرا دائما لها في منطقة الشرق الأوسط، كما كانت الأولى التي تنظم مزاداتها في الشرق الأوسط لتوفّر منصة عالمية للفنانين في المنطقة.
وحقّقت مزادات دار كريستيز في منطقة الشرق الأوسط أكثر من 200 مليون دولار أميركي من الأعمال الفنية والمجوهرات والساعات في الشرق الأوسط منذ تنظيمها لأول مزاد لها في المنطقة عام 2006. وبالإضافة إلى المزادات التي تنظمها الدار بشكل منتظم، تحرص كريستيز على تشجيع ودعم الفرص التعليمية، إذ تنظم الدار المعارض الفنية والجلسات التعليمية والفعاليات الخيرية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.


