التشويق تحدي نجوم الدراما للوصول إلى الفئات الشبابية

هاني سلامة يقول إن فلسفة مسلسل "قمر هادي" تقوم على إثارة الفضول والإبهار التقني.
الخميس 2019/05/09
فنان مغامر يرفض اللعب في المضمون

يجد العديد من نجوم الدراما العربية صعوبات في جذب الفئات الشبابية التي تتمرد على القصص التقليدية في الأعمال المقدمة، وتبحث عن التجارب المختلفة للانجذاب إليها ومتابعتها، ويمتد الأمر إلى الترويج إليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي ما يجعلها تحمل طابعا خاصا في أوساط فئات تشكل النسبة الأكبر من المشاهدين العرب.

 القاهرة – اختار الفنان المصري هاني سلامة في موسم رمضان الحالي أن يقدم عملا فنيا يقوم بالأساس على الغموض عبر مسلسل “قمر هادي”، في طريقه للحفاظ على النجاحات المتتالية التي حققها مسلسلاه “طاقة نور” و”فوق السحاب”، في الموسمين الماضيين، حيث طغت عليهما الحركة (الأكشن)، ومن نوعية الدراما التي تجذب أيضا الكثير من الفئات الشبابية.

وقال سلامة في حواره مع “العرب”، إنه يقدم عملا دراميا يقوم على قصة متشابكة مليئة بالألغاز يصعب سردها، ويهدف من خلاله إلى تقديم لون درامي مختلف، لكنه في الوقت ذاته يعتبر نفسه يخوض مغامرة بسبب صعوبة فهم أحداث العمل في أحيان كثيرة، حيث إن به العديد من الصدمات التي تدفع المشاهد للانجذاب إليه أو اتخاذ قرار البحث عن أعمال مسلية.

وأضاف أن البحث عن أساليب نجاح العمل تتطلب أولا العثور على ممثلين لديهم المقدرة على تقديم رسالة المسلسل المتشابكة، وكان هناك تدقيق في اختيار الأسماء المشاركة، فضلا عن وجود عنصر التشويق بشكل مكثف في الحلقات الأولى وعند نهاية كل حلقة، لإضفاء المزيد من الإثارة على العمل، إلى جانب التفكير المستمر في المغزى من المشاهد الدرامية المقدمة.

أحداث وتساؤلات

ما ذكره هاني سلامة ظهر واضحا من خلال أولى حلقات المسلسل التي تركزت بالأساس على تشويق المشاهدين عبر مشاهد وفاة ابنته نتيجة حادث مع والدها هادي أبوالمكارم، بطل المسلسل، ثم عودتها إلى الحياة مرة أخرى وتغيير زوجة البطل من الفنانة داليا مصطفى في بداية الحلقة إلى الفنانة يسرا اللوزي، وهي أحداث غير منطقية الهدف منها طرح تساؤلات في أذهان المواطنين.

تدور قصة مسلسل “قمر هادي” حول رجل أعمال يمتلك معرضا للسيارات، ويتخفى من خلال عمله الخاص وراء نشاطه الأساسي، وهو تجارة المخدرات، وسط أحداث عديدة متداخلة، وتشترك في بطولة العمل داليا مصطفى ويسرا اللوزي ومحسن محيي الدين ونورهان ومريم حسن وهادي الجيار.

وأوضح سلامة في حواره مع “العرب”، أن حالة الغموض التي تحيط بأحداث المسلسل ساعدته على تقديم أداء تمثيلي مختلف وممتع، لكن في الوقت ذاته فإن الأمر كان بحاجة إلى اختلاف مواز من قبل بقية عناصر المسلسل، والمتمثلة في الإخراج والموسيقى والمونتاج والصورة والكتابة في المقام الأول، وتقديم جميع المكونات بشكل يجذب الجمهور، وهذا هو التحدي الأكبر الذي يواجهه.

هاني سلامة تمكن من خلال أربعة مسلسلات، من أن يقدم جميع الألوان الفنية، علاوة على عدم حصره في تصنيف فني واحد

ويرى سلامة أن مسلسله الجديد يحقق المعادلة الصعبة بين الإثارة والغموض اللذين يفضلهما جمهوره من الشباب، وبين وجود خط اجتماعي من الممكن أن يكون مناسبا لجميع الفئات، وبالتالي فإنه يرى أن “قمر هادي” لا توجد به مشاهد تستدعي التصنيف العمري.

وجد أبطال الأعمال الدرامية في السنوات الأخيرة ضالتهم في قصص الإثارة والتشويق للوصول إلى هذه الفئات، وهو ما ذهب إليه الفنان المصري عادل إمام في موسم رمضان الدرامي العام الماضي، ونجح مخططه من خلال مسلسل “عوالم خفية”، الذي جاء بعد أعمال متوسطة المستوى لم تلق متابعة قوية من الشباب، وهو أمر دار في فلكه الكثير من النجوم، وعلى رأسهم ياسر جلال وباسل خياط.

ويرى البعض من النقاد أن طغيان الطابع الاجتماعي على أعمال الإثارة في الدراما المصرية يعتبر أحد العوامل السلبية التي تؤثر على جودة العمل، وأن الرغبة في الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور أصبحت الهدف الأول لمنتجي هذه الأعمال ما يجعلهم أكثر تشجيعا على الانخراط في المشاهد الاجتماعية، من دون أن يكون هناك ابتكار لأدوات الجذب الفنية.

وذهب آخرون للتأكيد على أن مشكلة أعمال الإثارة والتشويق في الدراما المصرية بحاجة إلى تقديم أفكار جديدة، وأنها تواجه أزمة أكبر تتعلق بالكتابة الدرامية التي تعاني من فقر المضمون الذي تقدمه، ودائما ما تكون تجارة المخدرات والسلاح جزءا أساسيا منها، ما جعل الصراع الذي يدور حولها نمطيا ويتكرر في أعمال عدة.

وتجعل هذه المشكلات الرهان على الشباب في غير محله بسبب تشبّع المراهقين بمثل هذه الأعمال التي تجذبهم من الدراما الأجنبية، حتى وإن حقق بعضها نجاحات تكون بفعل فقر الأعمال المقدمة بشكل عام وليس لجودة العمل في حدّ ذاته.

ويتفق سلامة، ضمنيا، مع هذا التحليل، ويشير إلى أن المسلسل واجه صعوبات تنفيذية لرغبة القائمين على العمل في تقديم إثارة مختلفة أكثر احترافية، غير أنه شدّد على أن تلك الصعوبات كانت أحد أسباب قبوله التعاون مع المخرج روؤف عبدالعزيز للعام الثالث على التوالي، في محاولة لتوظيف حالة التفاهم السابقة لتقديم عمل فني مختلف.

ويسعى نجوم الصف الأول في دراما رمضان لاستغلال حالة “غياب الكبار”، وعلى رأسهم عادل إمام ويسرا وليلي علوي ويحيى الفخراني، وانصب تركيز هاني سلامة وكريم كرارة ومحمد رمضان وياسر جلال، بالأساس على تقديم أعمال تخاطب جمهورهم من الشباب، ما يساهم في خلق سوق درامية تنهي سيطرة الأعمال الاجتماعية والتي كانت تتضمنها غالبية المسلسلات الأكثر شهرة على مدار السنوات الماضية.

يقابل هذا الأمر بمشكلة إنتاجية أخرى تتعلق بأن الفئات الشبابية لا تعير اهتماما بمشاهدة القنوات الفضائية من الأساس، كما أن زيادة معدلات الإعلانات خلال شهر رمضان جعلت من “يوتيوب”، المنصة الإعلامية الأولى بالنسبة إليهم، وهو ما تنبهت إليه بعض الشركات التي أنتجت مسلسلات هذا العام، بعد أن أنشأت منصة إلكترونية مدفوعة الثمن لمشاهدة أعمالها الدرامية من خلالها.

احترام عقل الجمهور

Thumbnail

أكد هاني سلامة في حواره مع “العرب” على أن ضمان انجذاب الجمهور بحاجة إلى احترام عقله، في وقت ينفتح فيه الشباب تحديدا على جميع الأعمال العربية والأجنبية، وهو ما يجبره على تدقيق البحث عن الأعمال غير التقليدية، والابتعاد عن التكرار، سواء من حيث حبكة التشويق المقدمة أو البحث عن تقديم أدوار مختلفة وجديدة، وتحمل قدرا كبيرا من المجازفة.

وشدّد الفنان المصري، الذي قدم أول أعماله الفنية قبل 22 عاما من خلال مشاركته في فيلم “المصير”،  على أن “قمر هادي”، من أصعب الأدوار التي قدمها على مدار تاريخه، وتكمن الصعوبة في التركيبة الدرامية والشكل المقدم وطريقة السرد والطرح البصري، وكل ذلك بهدف الإبهار التقني، إلى جانب الصراعات العديدة التي تدور في شخصية البطل.

وارتبط تاريخ سلامة الفني بالسينما بشكل أكبر وقدم العديد من الأفلام أبرزها “المصير”، “الآخر”، “السلم والثعبان”، “أنت عمري”، “ويجا”، “خيانة مشروعة” و”الريس عمر حرب”، قبل أن يختار توجيه دفة اهتماماته بشكل أكبر ناحية الأعمال الدرامية، وخاض في العام 2013، أول تجربة له من خلال مسلسل “الداعية”، وبعدها “نصيبي وقسمتك”، و”طاقة نور” و”فوق السحاب”.

واستطاع سلامة أن يقدم جميع الألوان الفنية، ونجح في عدم حصر نفسه وفق تصنيف فني معين، وهو أمر منحه صعودا سريعا وتحديدا على المستوى الدرامي، مقارنة بتاريخه التلفزيوني المقتصر على أربعة أعمال فنية فقط، لكن سعيه الدائم لإعادة اكتشاف مواهبه وإظهار قدراته الفنية وتوظيفها بشكل سليم قد أعطى له الأفضلية خلال العامين الماضيين.

ويعد هاني سلامة من الفنانين الذين يرفضون الاستسلام لفكرة “اللعب في المضمون”، ويؤكد دائما أن عدم القدرة على الابتكار تتعارض مع الهدف الأساسي من الفن القائم على
التنوع، وأن المخاطرة هي من تساعد الفنان على القفز خطوات عديدة في وقت قصير.

ولفت سلامة في حواره مع “العرب” إلى أن انخفاض أعداد الأعمال الفنية المصرية هذا العام في صالحها، لأن ذلك يعطي الفرصة لتقديم أعمال فنية بجودة أفضل، في وقت يجد فيه الجمهور نفسه أكثر تركيزا مع هذه الأعمال بدلا من حالات التشتت التي كانت سائدة في الماضي، وهو أمر يصب في صالح الأعمال الجيدة ومنحها حقها من المشاهدة والنقد.

16