التحية النازية التي أدّاها إيلون ماسك هي عرض وقح لمعاداة السامية

لقد ضاعف إيلون ماسك من تحيته النازية، حيث غرّد “بنكات” نازية مسيئة للغاية، موضحًا أنه كان يؤدي تحية نازية، وليس مجرد “لفتة محرجة في لحظة حماس”، كما حاولت رابطة مكافحة التشهير (ADL) أن تدّعي. لقد احتفل العنصريون البيض بالتحية التي من المؤكد أنها ستشجع المزيد من الخطاب البغيض ضد اليهود في الأيام والأسابيع والسنوات القادمة. في الواقع، ردت مجموعة العنصريين البيض “حياة البيض مهمّة” (White Lives Matter) “في أعقاب تحيته النازية بشكل إيجابي على منصة التلغرام.
لم تكن هذه البادرة عرضية؛ لقد كانت متعمّدة في إرسال رسالة مفادها أن الاستبداد هو عمل اليوم، وأن الكراهية ومعاداة السامية يمكن أن تنتشر دون رادع في ظل إدارة دونالد ترامب. يجب أن نكون جميعًا واعين ونرفع أصواتنا عاليا ً وبشكل واضح ضد هذا المظهر الخطير من التعصّب الذي يخون الأساس الأخلاقي لبلدنا، وألا نتوقف أبدًا عن النضال لمكافحة هذه الأيديولوجيا الخطيرة.
الثراء ليس جريمة، لكن استخدام المرء لثرواته للترويج للتعصّب ومعاداة السامية هو جريمة. سمح ماسك لشخصيات اليمين المتطرّف المحظورة سابقًا بالعودة إلى منصة إكس بعد استحواذه على شركة التواصل الاجتماعي، حتى أنه هدّد بمقاضاة رابطة مكافحة التشهير بسبب تسليطها الضوء على صعود الخطاب المعادي للسامية على منصة التواصل الاجتماعي. إنّ حثّ ماسك للناس على محاربة “فايروس العقل المستيقظ” يردّد صدى اللغة المعادية للسامية لجدّه الذي كتب عن “السيطرة على العقل” بهدف تنفيذ “حرب دعائية غير مشروطة” ضد البيض والذي نقل عائلته إلى جنوب أفريقيا بعد عامين من تأسيس نظام الفصل العنصري لدعم النظام.
◄ العبء يقع الآن على ماسك لإثبات أنه ليس معاديًا للسامية، ليس فقط بما يقوله ولكن أيضًا بما يفعله. حتى الآن فشل بشكل مخجل في كلا الأمرين
التحية النازية التي قام بها ماسك في 25 يناير كانت بعيدة كلّ البعد عن كونها عرضًا معزولًا لمعاداة السامية. ففي فبراير 2023، قارن ماسك جورج سوروس بالشرير الخارق في كتاب اليهودي للقصص المصورة “ماغنيتو” (Magneto) بالناجي من المحرقة (الهولوكوست)، وادعى أن سوروس “يريد تآكل نسيج الحضارة ذاته”، وهو ما تم انتقاده باعتباره معادًا للسامية. وفي نوفمبر 2023، وافق ماسك على منشور معادٍ للسامية على منصة إكس اتهم المجتمعات اليهودية بدفع “الكراهية ضد البيض”، واصفًا إياه بأنه “الحقيقة الفعلية”.
ويوم السبت، قبل الذكرى الثمانين لتحرير أوشفيتس، خاطب إيلون ماسك تجمعًا لحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) اليميني المتطرف في شرق ألمانيا عبر الفيديو، وهو الحزب الذي تُعتبر سياساته على نطاق واسع عودة خطيرة للقومية التي جلبت هتلر إلى السلطة في ثلاثينات القرن العشرين. وحثّ ماسك الألمان على عدم الشعور بالذنب تجاه جرائم أجدادهم في العصر النازي. والدعوات التي أطلقها ماسك لـ“ألمانيا عظمى” قال عنها رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك يوم الأحد إن هذه الدعوات “بدت مألوفة ومشؤومة للغاية ، خاصة قبل ساعات فقط من الذكرى السنوية لتحرير أوشفيتس”.
إنّ ما فشل إيلون ماسك في إدراكه هو أن لا أحد، بما في ذلك الغالبية العظمى من اليهود داخل إسرائيل وخارجها، يتهم ألمانيا اليوم بجرائم العصر النازي. وكما قال النبي حزقيال: “فقط من يخطئ يموت. لا يُتّهم الابن بذنب أبيه، ولا يُتّهم الأب بذنب ابنه. العدل للأبرار، والشر للأشرار” (حزقيال 20:18 حسب الطبعة المنقحة الجديدة من التوراة الأميركية).
كان الهدف من تجمع العشرات من رؤساء الدول في بولندا يوم الاثنين هو نقل حجم فظاعة الهولوكوست وأن تذكّر ما حدث من شأنه أن يمنع حدوث مثل هذه الفظائع التي لا يمكن تفسيرها مرة أخرى. والواقع أن أولئك الذين تحدثوا في هذه المناسبة، بما في ذلك الناجون من الهولوكوست، لم يلوموا أو ينتقدوا الأجيال الأربعة من الألمان الذين أعقبوا الإبادة الجماعية ضد اليهود قبل 80 عامًا. لقد أرادوا تذكير التجمع بأن الكراهية والتعصب والعنصرية يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة.
◄ حثّ ماسك للناس على محاربة "فايروس العقل المستيقظ" يردّد صدى اللغة المعادية للسامية لجدّه الذي كتب عن "السيطرة على العقل" بهدف تنفيذ “حرب دعائية غير مشروطة” ضد البيض
وقبل أيام قليلة، في منشور على فيسبوك، انتقدت أنا ماسك بسبب تصريحه بمناسبة الذكرى الثمانين لأوشفيتس. وقد حظي المنشور حتى اليوم بأكثر من 20 ألف مشاهد ونحو 1700 تعليق. وفيما يلي بعض التعليقات التي تتحدث عن نفسها: “كان قيامه (ماسك) بأداء تحية هتلر بمثابة صفعة لقدامى المحاربين الذين خاضوا تلك الحرب!” وكتب شخص آخر أن “على جميع اليهود أن يكتبوا إلى ترامب ويشرحوا كيف لماذا لا ينبغي أن يكون ماسك في إدارته لأن ماسك أساء إلينا بشدة بتحيته النازية الصارخة الواضحة، وهو ما يفسر بوضوح عدم احترامه ومعاداته للسامية”.
وعلّق بعض الأفراد الآخرين على النحو التالي: “ماسك، في الواقع، لديه رهاب للمثلية وهو عنصري مثير للشفقة. لديه كل أموال العالم ومع ذلك يختار الفاشية والكراهية!” وقال آخرون: “انظر فقط إلى النظرة البغيضة على وجهه عندما أدى تحيّة “زيغ هايل” (Sieg Heil! النازية. لم يكن هذا حبًا، بل كان كراهية متحدية، تتماشى تمامًا مع تحية زيغ هايل!” وأخيرا، قال شخص آخر: “إن حقيقة أن ماسك من جنوب أفريقيا كان ينبغي أن تكون أول دليل على أنه عنصري. لقد عانى هؤلاء الفقراء لأجيال من البيض الأثرياء الذين يحكمون المنطقة مثل المملكة ويعاملون السكان الأصليين كعبيد. والآن أصبح لدى ماسك ملعب جديد.” والحقيقة أن هؤلاء الأغلبية الذين شهدوا عرض ماسك وعلقوا على منشوري لم يكونوا يهوداً فحسب، بل كانوا أيضا من السود واللاتينيين والبيض، وكل من شاركني مشاعري.
بالطبع، عدد أقل بكثير من الناس لم يجد أن التحية التي رفعها ماسك مسيئة، مما يشير إلى أنه كان يعبّر فقط بابتسامة عريضة عن مدى سعادته لكونه جزءا من عصر ترامب الجديد. وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص في وقت يتزايد فيه زعماء اليمين المتطرف في العديد من البلدان وفي وقت أيضا وصلت فيه معاداة السامية إلى مستويات جديدة.
العبء يقع الآن على ماسك لإثبات أنه ليس معاديًا للسامية، ليس فقط بما يقوله ولكن أيضًا بما يفعله. حتى الآن فشل بشكل مخجل في كلا الأمرين.