التحولات العاصفة بالمنطقة تحد ضاغط على إسرائيل

التطورات المتسارعة في المنطقة وخاصة في سوريا ولبنان، تشكل عامل ضغط إضافي على الأطراف الإسرائيلية المعنية بتشكيل الحكومة، ويحاول من جهته رئيس الوزراء المنتهية ولايته الاستثمار فيه بيد أن الوقت قد لا يسعفه مع اقتراب موعد تقديم لوائح اتهام ضده.
القدس- تشكل التحولات العاصفة في المنطقة تحديا ضاغطا على الأطراف السياسية الإسرائيلية للخروج من مأزق تشكيل الحكومة. وزار الاثنين مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر إسرائيل مصحوبا بوزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين.
والتقى المسؤولان الأميركيان للمرة الأولى بالمكلف بتشكيل الحكومة الجنرال السابق بيني غانتس، وأيضا برئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، وسط تسريبات تتحدث عن أن هذه الزيارة هدفها حث القوى المعنية على الإسراع في إنجاز التأليف بالنظر إلى قتامة الوضع في المنطقة، ووجود مخاوف جدية من إمكانية استغلال إيران الانسحاب الأميركي من سوريا للتمدد أكثر، فضلا عن أن فرضية أن “يقلب” حزب الله الطاولة في لبنان مستغلا الحراك الشعبي واردة.
وأعلن وزير الخزانة الأميركي عقب اللقاء بنتنياهو أن الولايات المتحدة ستزيد الضغوط الاقتصادية على إيران. وقال منوتشين “نفذنا حملة ضغوط قصوى لفرض عقوبات. وقد نجحت، وتقطع تدفق الأموال”.
وأضاف موجها كلامه لنتنياهو “سنواصل الضغط أكثر وأكثر… أتيت لتوي من غداء عمل إيجابي للغاية مع فريقك. أعطانا مجموعة من الأفكار المحددة جدا التي سنتابعها”.
وكان نتنياهو حذر خلال اجتماع الكابنيت (مجلس الوزراء المصغر) الأحد، بأن “الوضع غير مستقر في الشرق الأوسط، فالعراق وسوريا ولبنان تشهد توترات شديدة، وتسيطر إيران على مجالات واسعة في تلك الدول، ما يفرض على الإسرائيليين إقامة حكومة وحدة عريضة قادرة على اتخاذ قرارات صعبة”.
وقال نتنياهو إن تحذيراته وتحذيرات رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، من إمكانية وقوع مواجهة عسكرية واردة جدا، وهي ليست خدعة سياسية.
وسبق أن حذر كوخافي، قبل أيام، من أن احتمالات وقوع مواجهة عسكرية في الجبهة الشمالية (مع حزب الله) أو في الجنوبية (مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة) ممكنة بشكل كبير، وأضاف أن إسرائيل تواجه عدة جبهات في وقت واحد.
ويقول محللون إن نتنياهو الذي يواجه احتمال محاكمته بتهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، من صالحه زيادة منسوب القلق العام من الأوضاع المحيطة لإجبار الطرف المقابل أي تحالف أزرق أبيض على تقديم تنازلات حكومية، بيد أنه من جانب آخر فإن الإسرائيليين يبدون خشية من استمرار الشلل الحكومي الذي بدأت تداعياته تظهر خارجيا وداخليا.
وتوالت المبادرات لمعالجة هذا الانسداد كان آخرها تلك التي قدمها تحالف “أزرق أبيض” ومفادها تشكيل حكومة وحدة مع حزب الليكود في مرحلة أولى لتمرير جملة من القوانين في علاقة بالدين والدولة، ثم انضمام الأحزاب الحريدية إليها.
ويهدف اقتراح “أزرق أبيض” (وسط-يسار) إلى قطع الطريق أمام أي محاولة من الحريديين لإجهاض مشروعي قانون يتعلقان بتجنيد المتدينين وإلغاء قانون إغلاق المحال التجارية السبت.
ويقول محللون إن هذا أول تنازل من قبل تحالف أزرق أبيض الذي كلف زعيمه الجنرال السابق بيني غانتس في وقت سابق بتشكيل حكومة بعد فشل رئيس الوزراء المنتهية ولايته في تلك المهمة. وفشل نتنياهو في تشكيل حكومة مرتين بعد جولتي انتخابات في أبريل وسبتمبر الماضيين. ولم تكن نتائج الانتخابات حاسمة ما خلق معضلة سياسية تمنع الأحزاب الفائزة (الليكود 32 مقعدا، وأزرق-أبيض 33 مقعدا) من تشكيل ائتلافات حكومية بغالبية 61 مقعدا من بين مقاعد الكنيست المئة وعشرين.
وكان لقاء جمع الأحد فريقي المفاوضات التابعين لحزبي “الليكود” و“أزرق-أبيض”، لم يحرز أي تقدم. وقال مصدر في “الليكود”، بزعامة نتنياهو، إن ممثلي “أزرق-أبيض” رفضوا خلال الاجتماع التعهد بعدم تشكيل حكومة ضيقة، تستثني “الليكود” وقد تحتاج إلى دعم “القائمة المشتركة”، التي تضم أربعة أحزاب عربية، لكن الفريقين اتفقا على مواصلة المحادثات.
في المقابل نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم”، المقربة من “الليكود”، عن مصدر في “أزرق-أبيض” قوله إن ممثلي “الليكود” أصروا على أنهم يمثلون كل الأحزاب في كتلة اليمين (حزب “يمينا” القومي الديني الاستيطاني، وحزبي “شاس” و”يهدوت هتواره” الحريديين)، الممثلة بـ55 عضوا في الكنيست (من أصل 120).
ووصف ممثلو “أزرق-أبيض” موقف “الليكود” بأنه “تمسك بكتلة الحصانة”، في إشارة إلى سعي الأخير إلى إقرار تعديلات على قانون الحصانة لمنع محاكمة نتنياهو في 3 قضايا فساد، قد يواجه فيها قريبا لائحة اتهام رسمية بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
وجود مخاوف جدية من إمكانية استغلال إيران الانسحاب الأميركي من سوريا للتمدد أكثر، فضلا عن أن فرضية أن “يقلب” حزب الله الطاولة في لبنان مستغلا الحراك الشعبي واردة
وهذا هو اللقاء الأول بين فريقي الحزبين منذ تكليف غانتس الذي في حال فشل في تمرير مقترحه الجديد قد يذهب إلى خيار تشكيل حكومة أقلية مدعومة خارجيا من قائمة الأحزاب العربية، وهو خيار صعب لجهة وجود إمكانية كبيرة لإسقاطها والذهاب في انتخابات مبكرة.
ونقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية الإثنين، عن مسؤول في كتلة “إلى اليمين” أن المقترح يشكل “تقدما كبيرا من جانب أزرق أبيض”. ومن جهته أبدى الحزب الحريدي “شاس” تفاؤلا على خلاف نظيره “يهدوت هتوراة” الذي أعرب عن تحفظاته على المقترح.
وهناك انقسام داخل الليكود بشأن مبادرة أزرق أبيض، وأعلن رئيس فريق التفاوض عن حزب الليكود، الوزير ياريف ليفين، أنه يعارض المقترح، مشددا على أن “حكومة الوحدة يجب أن تكون حكومة وحدة بالمفهوم الواسع. ولا يبقى خارجها من يعتمرون القلنسوات أو الذين لا يعتمرونها”.
وأضاف ليفين أن الليكود قدم تنازلين “الأول هو أن الليكود سيتقاسم حصته الوزارية مع الشركاء اليمينيين فيما سيكون لأزرق أبيض عدد أكبر من الوزراء. والتنازل الثاني السماح بسن قانون يخفض ولاية نتنياهو بشكل كبير”. وواضح أن غانتس يملك أفضلية واضحة في التفاوض مع الليكود لجهة اقتراب موعد تقديم لوائح الاتهامات في حق نتنياهو، وقد لا يكون أمام الأخير من مخرج سوى القبول بعرض أزرق أبيض.