التحديات تستقبل طموحات تطوير سكك الحديد العراقية

كشف العراق عن خطط طموحة لتطوير شبكة السكك الحديد المتهالكة والمدمرة، تتضمن ربطها مع دول مجاورة مثل تركيا وإيران لتعزيز التبادل التجاري وزيادة أعداد المسافرين، في ظل صعوبات كبيرة تمتد إلى مصادر وانتشار البيروقراطية والفساد في أجهزة الدولة.
بغداد – أعلنت الحكومة العراقية أنها تقترب من إنجاز جزء كبير من شبكة السكك الحديد، بعد أن تعرض قسم كبير منها للتدمير والإهمال جراء الحروب المتعاقبة والحصار على مدى عقود.
وقال وزير النقل عبدالله لعيبي إن “بناء الشبكة في مناطق بشمال بغداد، والتي كان يحتلها داعش، وصل إلى مدينة سامراء وكذلك إلى مصافي بيجي”.
وأشار في مقابلة مع قناة السومرية المحلية إلى أن الشركة العامة للسكك الحديد الحكومية عززت خط البصرة بقاطرات جديدة واقتربت من استكمال بناء خطوط الشبكة في الموصل وصلاح الدين.
ويعاني العراق، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، من أزمة اقتصادية حادة منذ أكثر من عقد بسبب التكاليف الباهظة للحرب على الإرهاب. وتضرر جزء كبير من البنى التحتية للشبكة الحديدية المستخدمة لأغراض تجارية ومدنية التي تعاني في الأساس من التقادم منذ الغزو الأميركي في 2003 والذي انتهى بالإطاحة بحكم صدام حسين.
وقد بدت معالم دمار الشبكة واضحة في الموصول بعد سيطرة تنظيم داعش المتطرف عليها قبل طرده منها في العام 2017.
وأوضح لعيبي أن قطار البصرة كان يستغرق نحو عشر ساعات للوصول، لكنه يصل في غضون سبع ساعات الآن، بعد أن تم تعزيز الرحلات بقطار ثان.
ويستبعد محللون تمكن العراق من إتمام المشروع الضخم في الموعد، الذي حددته قبل عامين كون أن المستثمرين المحليين أو الأجانب لديهم مخاوف متعلقة بالوضع الأمني وقوانين الاستثمار وتفشي الفساد.
ولدى بغداد طموحات للربط عبر السكك الحديد مع ثلاث دول هي تركيا وإيران والأردن لإيجاد منافذ اقتصادية جديدة بما يعزز من معدلات التبادل التجاري التي تراجعت كثيرا في السنوات الماضية. وقدرت مصادر عراقية احتياجات الشركة الحكومية بحوالي 60 مليار دولار لتنفيذ ربط العراق بدول الجوار بشبكة السكك الحديد.
وقال لعيبي إن الوزارة “تعتزم ربط العراق بالسكك الحديد مع تركيا”، فيما أشار إلى أن شبكات السكك الحديد “لا تستوعب” الربط مع الكويت.
وبرر وزير النقل عدم القدرة على الربط مع الكويت لأن الشبكة المحلية مصممة للنقل الداخلي وتحتاج إلى أمور كثيرة للقيام بمثل هذا المشروع.
وأوضح أن كل عملية ربط بين دولة وأخرى تخضع لمعيارين أساسيين، الأول يتعلق بالجدوى الاقتصادية، والثاني يتعلق بالاعتبارات السياسية.
وتم تأهيل خط الموصل- بغداد ليتم ربطه بتركيا خلال المرحلة المقبلة وإصلاح خط بغداد-القائم في محافظة الأنبار غربي البلاد لربطه مع الأردن.
ووقع العراق والأردن عام 2012 مذكرة تفاهم تضمنت إنشاء خط السكك الحديد بين العقبة وبغداد، لكن بغداد لم تستطع تأمين التمويل اللازم لبدء تنفيذ المشروع، بسبب الأزمة التي تعاني منها البلاد.
وحتى الآن لم يتم إنجاز خط للسكك الحديد بطول 32 كيلومترا والبالغ تكلفته 150 مليون دولار ويمر من خلال معبر الشلامجة الحدودي مع إيران والواقع في مدينة البصرة جنوب البلاد.
وكانت بغداد قد أبرمت مع طهران في أبريل 2015 اتفاقا للربط بين البلدين عبر خطوط السكك الحديد بهدف تسهيل نقل البضائع والأشخاص.
وتقول الحكومة إن المشروع يتحمل تكلفته الجانب العراقي باستثناء الجسر الثابت، الذي من المقرر أن يمر فوق شط العرب ضمن تلك المسافة والذي سيتكفل الإيرانيون بتحمل تكلفة تشييده.
ويرجح محللون تخلف طهران عن تنفيذ وعودها في هذا المضمار لاسيما وأنها تمر بظروف اقتصادية قاسية مع تضييق هامش المناورة عليها نتيجة العقوبات الأميركية القاسية.
وفي حال اكتمال هذه الخطوط، فإن الشركة ستحقق إيرادات مالية ضخمة نتيجة نقل المسافرين والبضائع من تلك الدول، لكن بغداد لم تقدر قيمتها بالتدقيق.
ويقول خبراء إن أهمية مشروع ربط السكك الحديد بين تلك الدول لا يكمن في تسهيل نقل المسافرين والبضائع فقط، وإنما يمثل امتدادا لطريق الحرير القديم الذي تسعى الصين إلى إحيائه عبر ضخ مليارات الدولارات في الدول العربية لتنفيذه.
وكان طريق الحرير الصيني الشهير تاريخيا يربط على مدى أزمنة طويلة شرق آسيا بغربها، ويمر بالعديد من الدول الآسيوية لا سيما منطقة الشرق الأوسط منها العراق وإيران.