التحالفات السياسية للحكومة تلقي بظلالها على أيام طرابلس الإعلامية

أيام طرابلس الإعلامية تعكس توجهات حكومة الدبيبة في مجال الاتصال والتحالف بينها وبين تيارات الإسلام السياسي.
الأربعاء 2024/12/18
تحت شعار "دور الإعلام في بناء المجتمع"

طرابلس – انطلقت الاثنين الدورة الثالثة من أيام طرابلس الإعلامية التي تهدف إلى تعزيز الإعلام في ليبيا وتطوير قطاع الاتصال الحكومي، لكن التركيز على اللون السياسي والثقافي الواحد، يجعل التظاهرة مجرد انعكاس للمواقف والرؤى والتحالفات السياسية لحكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة.

وقال المنظمون إن فعاليات النسخة الثالثة ستركز على دور الإعلام في بناء المجتمع وتعزيز الشفافية والمشاركة في البلاد. وتتضمن برنامجا حافلا يتميز بحضور تركي – قطري – إيطالي مكثف.

وقام وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الوحدة وليد اللافي، برفقة وزير الإعلام الفلسطيني أحمد عساف، بجولة تفقدية برفقة الوفود المشاركة في أرجاء معرض ليبيا للإعلام بمجمع قاعات غابة النصر، بينما تم تنظيم جلسات فكرية حول التحول الرقمي في الإعلام، ومشاريع الإعلام والاتصال الحكومية، و”الإعلام الخاص: المسيرة والتحديات”، والذكاء الاصطناعي في مستقبل الإعلام، والإعلام بين مدخلات التعليم والشروط المهنية.

وستشهد الفعاليات مشاركة واسعة من أبرز المؤسسات الإعلامية الدولية والمحلية، منها معهد الجزيرة للإعلام الذي سيساهم بتقديم ورش عمل تدريبية، ومنصة “الجزيرة 360” التي ستقدم ورش عمل متخصصة في الصحافة الرقمية والتقنيات الحديثة، وقناة “آر.تي” التي تشارك في الحدث كإحدى المؤسسات الإعلامية الدولية المرموقة، ووكالة “الأناضول” وقناة “تي.آر.تي” التركيتين، بالإضافة إلى منصة “تابي” التركية التي ستعرض أحدث ابتكارات الإعلام الرقمي، وجامعة “لويس” في روما والمدرسة العليا للصحافة بباريس.

أيام طرابلس الإعلامية تعكس التوجهات الحكومية العامة في مجالات الاتصال، وترتبط جذريا بعلاقاتها الخارجية وبأجنداتها السياسية، لاسيما في ظل التحالف المعلن بينها وبين تيارات الإسلام السياسي

ويرى مراقبون أن أيام طرابلس الإعلامية تعكس التوجهات الحكومية العامة في مجالات الاتصال، وترتبط جذريا بعلاقاتها الخارجية وبأجنداتها السياسية، لاسيما في ظل التحالف المعلن بينها وبين تيارات الإسلام السياسي والدائرين في فلكها الإعلامي، مع سعي واضح لتشكيل خارطة علاقات متميزة مع الجانب الإيطالي الذي تعتبره سلطات طرابلس أحد أهم عناصر التأثير في مصيرها بما في ذلك المساهمة في بقائها في مراكز القرار التنفيذي إلى أجل غير مسمى.

وتشارك وكالة أنباء “نوفا” الإيطالية لأول مرة في أيام طرابلس الإعلامية بهدف صياغة رواية جديدة لليبيا وتعزيز دور الإعلام في دعم السلام والتنمية والاستقرار.

وستتولى “نوفا” وجامعة “لويس جيدو كارلي” الإيطاليتين، تنفيذ برنامج متكامل يتمثل في تنظيم ورش تدريبية عملية تتناول تقنيات الكتابة الصحفية وبناء روايات موثوقة، وتحليل إستراتيجيات الدعاية ومكافحة الأخبار المزيفة، بالإضافة إلى التركيز على التغطية الصحفية للانتخابات، خاصة بعد نجاح المرحلة البلدية الأولى، ودعم الإعلام المحلي وتطلعات المستقبل. كما تطمح المشاركة الإيطالية إلى إعادة إطلاق قطاع الإعلام كأداة لتعزيز الوحدة الوطنية وخلق شعور جمعي بضرورة تجاوز مرحلة الحرب.

وسيتم خلال الملتقى العمل على توفير التدريب للصحافيين والمهنيين الليبيين، وتوقيع مذكرات تفاهم لتنظيم دورات تدريبية بالتعاون مع المؤسسات المعنية، والتعريف بخطة “ماتي” الإيطالية المخصصة لدعم أفريقيا ودور ليبيا فيها رغم أنها غير موجودة في لائحة الدول المستهدفة بالخطة.

ولا يستعبد مراقبون أن تقوم الحكومة الإيطالية خلال الفترة القادمة بضم المجال الإعلامي إلى جانب بقية المجالات الأخرى المستهدفة ضمن خطة “ماتي” وذلك نظرا لأهمية الدور الذي يمكن أن يقوم به في خدمة المشروع الإستراتيجي على المستوى الجيوسياسي الذي تقوده إيطاليا، وتقول إنه يسعى إلى النظر إلى أفريقيا على قدم المساواة، بعيدا عن منطق الخيرية أو الأبوية أو الرفاهية، وتعميق الشراكات القديمة وإقامة شراكات جديدة في أفريقيا، ومراعاة مصالح كافة الأطراف المعنية، وفق تصريحات الجانب الإيطالي.

وتتبنى الحكومة الإيطالية “خطة التنمية والمرونة من أجل أفريقيا”، وهي بيان سياسي من سبع نقاط للقارة، ينتظر أن يصبح منصة يمارس الدبلوماسيون الإيطاليون من خلالها الضغط على مختلف وكالات الأمم المتحدة للحصول على ترجمة عملية لهذا الاتجاه السياسي.

ومن بنود الخطة بناء مراكز مؤقتة تشرف عليها الأمم المتحدة في البلدان الأفريقية التي تنطلق منها القوارب لإنشاء قنوات للهجرة النظامية وإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى وطنهم، وتدريب الصحافيين الأفارقة لرفع مستوى الوعي لدى أولئك الذين يعتزمون الهجرة، وذلك بشأن مخاطر الطرق غير القانونية.

ومن بين فعاليات التظاهرة، ندوة فكرية يحتضنها مجمع قاعات غابة النصر طرابلس وتتمحور حول الإعلام بين مدخلات التعليم والشروط المهنية، مع عمداء وأساتذة الجامعات الليبية، ومن بينهم عميد كلية الإعلام بمصراتة مفتاح أجعية، ورئيس قسم الإعلام بجامعة طبرق ناصر موسى ورئيس الجمعية الليبية لعلوم الإعلام النعمي العالم ورئيس قسم الإعلام بجامعة سبها خالد رمضان.

وتضم قائمة المتداخلين في فعاليات التظاهرة نخبة من الفاعلين في الحقل الإعلامي العربي والإيطالي من بينهم منتصر مرعي مدير المبادرات الإعلامية بمعهد الجزيرة للإعلام وفيتشينزو أوريليو مسؤول العلاقات مع المنظمات الدولية في بريد إيطالي، ومحمد أبوحلقة مدير عام مركز الاتصال الحكومي، وأحمد الغول المدير التنفيذي للمؤسسة الوطنية للإعلام، وعمر أبوطلاق مدير مشروع منصة دولتي، ومصطفى الفرجاني مسؤول ملف التدريب بالهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي.

وانطلاقا من أن “الفن لغة الشعوب، والإعلام صوته، وعندما يتّحدان تولد رسائل تُلهم، وتغيّر، وتبني” تنظم أيام طرابلس الإعلامية لقاء فكريا لمناقشة العلاقة الوثيقة بين الفن والإعلام، وكيف يمكن لهذه الشراكة أن تساهم في تشكيل الوعي المجتمعي، ونقل صورة إيجابية عن ثقافة البلاد وهويتها، وذلك بمشاركة الممثل والمخرج فتحي كحلول والكاتب والمؤلف سراج الهويدي والمخرج المسرحي والتلفزيوني مصطفى حقية والكاتب المسرحي والروائي منصور بوشناف والمخرج الدرامي والسينمائي أسامة رزق.

ويوم الخميس ستختتم الدورة الثالثة لأيام طرابلس الإعلامية بحضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ضيفا على حوار يديره الإعلامي المصري محمود سعد. أما معرض ليبيا للإعلام، فتشترك فيه العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية والدولي، حيث سيجري عرض أحدث التقنيات الإعلامية والتطورات في مجال الصحافة والإعلام، بالإضافة إلى استعراض أحدث ابتكارات الإعلام الرقمي.

ويناقش منتدى الاتصال الحكومي قضايا حيوية تتعلق بالاتصال الحكومي وتعزيز الشفافية والمشاركة في عمليات التواصل بين الحكومة والمواطنين، كما سيركز على أهمية تحسين الاستجابة الحكومية للأزمات وتعزيز دور الإعلام في توجيه السياسات العامة، بينما تنتظم ورش عمل تحت إشراف معاهد تدريبية تابعة لمؤسسات إعلامية ودولية كبرى بهدف تعزيز مهارات الإعلاميين والصحافيين الليبيين، وتقديم تدريبات متقدمة في مجال الصحافة الرقمية، والاتصال الحكومي، والتقنيات الإعلامية الحديثة.

5