التجار مفلسون بعد تراجع الهجرة غير الشرعية في النيجر

تجار أغاديز ينتقدون حكومة بلادهم بسبب عدم تمكينهم من الأموال التي رصدها الاتحاد الأوروبي للأشخاص الذين كانوا يعملون في تهريب المهاجرين.
الاثنين 2019/11/25
شبكات تهريب منظمة

أغاديز (النيجر) - تغيّر المشهد في أغاديز، كبرى مدن شمال النيجر التي كانت تشكّل معبراً للآلاف من الأفارقة الذين يريدون الوصول إلى سواحل البحر المتوسط ثمّ إلى أوروبا. ويقول بائع الغالونات عيسى عبدو في المدينة “لم يعد هناك مهاجرون يعبرون. أوروبا تضحك ونحن نبكي”.

ويشير عيسى إلى أن حركة “السوق ماتت”، منتقداً التدابير الحكومية التي أدت إلى وقف تدفق المهاجرين.

ويعلق الصحافي النيجري إبراهيم مانزو ديالو “هنا في أغاديز كارثة، من بائعي الغالونات إلى أصحاب المطاعم الصغيرة وصولاً إلى المهربين. كل حلقات الهجرة انكسرت والناس ليس لديهم أي شيء”.

وصوّتت نيامي عام 2015 على قانون يجرّم تهريب المهاجرين، وذلك بهدف ردع المهربين، وقد تصل العقوبة بموجب هذا القانون إلى السجن ثلاثين عاماً.

وعلى خطّ موازٍ، تُكثّف قوات الأمن دورياتها في الصحراء لردع المهاجرين. ويقول مهرّب سابق اسمه إدريسا ساليفو “الجميع خائفون. إذا وجدوك مع مهاجر، فأنت في مأزق، يحيلونك مباشرةً على نيامي”.

غياب المنافع الاقتصادية التي  كان يؤمنها المهاجرون تسبب في حالة من الاستياء لدى التجار في أسواق أغاديز شمال النيجر

ومطلع العام الجاري، أشاد رئيس النيجر محمدو يوسوفو بهذه “الخطة” ضد المهاجرين المدعومة من الاتحاد الأوروبي، والتي جعلت تدفق المهاجرين يتراجع من 100 إلى 150 ألف مهاجر سنوياً قبل العام 2016 إلى ما بين 5 و10 آلاف مهاجر سنوياً في الوقت الحالي.

وأشاد بدوره رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أثناء زيارة لنيامي في فبراير، بتراجع عدد المهاجرين غير القانونيين الذين يصلون إلى السواحل الإيطالية هذا العام بنسبة “80 بالمئة” بمقارنة بالعام 2018.

ويوضح رئيس رابطة المهرّبين السابقين بشير أمّا أن عدد “الغيتوات وهي ساحات داخلية يقطن فيها المهاجرون قد تراجعت”.

وتسبّب غياب المنافع الاقتصادية التي يؤمّنها المهاجرون في حالة الاستياء في أغاديز.

ويؤكد إدريسا ساليفو الذي يحاول العودة إلى الترميم مهنته الأصلية، “بصراحة نحن محبطون، في السابق، كنت أُخرج كل يوم اثنين ما يصل إلى 13 آلية صغيرة على متن كل منها ما بين 10 و31 شخصا، وكنت أجني أكثر من ثلاثة ملايين فرنك أفريقي أي ما يعادل الـ4573 يورو.

ويوضّح أنه “كل يوم اثنين” كان ينطلق من أغاديز باتجاه ليبيا “موكب كبير” يضم أحياناً ما بين 300 و400 آلية صغيرة، إضافة إلى ما بين 70 و115 شاحنة كبيرة قادرة على نقل عدد “يصل إلى 12 ألف شخص”.

تراجع ما بين 5 و10 آلاف مهاجر سنوياً في الوقت الحالي
تراجع ما بين 5 و10 آلاف مهاجر سنوياً في الوقت الحالي

وبات عيسى عبدو يمضي أيامه ينفض الغبار عن غالوناته التي كان المهاجرون يشترونها لملئها بالمياه. ويقول “عندما كانت الحركة في أوجّها، كنت أبيع يومياً ما بين 75 و100 غالون مقابل أربعة آلاف فرنك أفريقي لكل منها أي 6 يورو، وكنت أجني ما بين 300 و400 ألف فرنك”. ويضيف “إذا استمرّ الركود، سنعود إلى القرية لزراعة حقولنا”.

ويقول محمد موسى وهو تاجر آخر كان يضع عمامة زرقاء وبدا وجهه متوتراً، “خلال شهرين، بعت أقل من حوالي عشرة أغطية وحصائر”. على غرار الغالونات، الحصائر والأغطية مستلزمات أساسية للعيش أثناء عبور الصحراء.

ولم تعد الحركة الليلية لمحطات الحافلات في أغاديز إلا ذكرى، إذ غابت الحافلات المكتظة بالمهاجرين القادمين من نيامي.

واختفت كذلك من أمام المصارف طوابير المهاجرين الطويلة بانتظار تحويلات مالية من عائلاتهم.

وبحسب مسؤول في أغاديز، فإن تراجع تدفق المهاجرين يؤدي إلى خسارة البلدية “مئات الملايين من المداخيل المباشرة”.

وأفاد مصدر أمني أن “مهاجرين متهوّرين” يسلكون “طرقا جديدة أخطر” للدخول إلى ليبيا، رغم أن الأخيرة أصبحت جحيماً بالنسبة للمهاجرين بعد سقوط معمر القذافي عام 2011.

كل حلقات الهجرة انكسرت
كل حلقات الهجرة انكسرت

وتؤكد المنظمة الدولية للهجرة أنها ساعدت أكثر من أربعين ألف مهاجر في العودة طوعاً إلى وطنهم “منذ إقرار القانون الذي يجرّم الهجرة غير المنظمة عبر النيجر”.

ويقول بشير أمّا “عام 2017، وعدت أوروبا والنيجر بدفع 1.5 مليون فرنك أفريقي (2286 يورو) لكل شخص كان يعمل في مجال الهجرة سابقاً (مهرّبون ومرشدون وسائقون وأصحاب مطاعم…)”، “لكن حتى اليوم لم يحصل على هذا المبلغ إلا 521 شخصاً من أصل 6565”. وكان يُفترض أن تدعم هذه الأموال عملية عودة هؤلاء الأشخاص إلى أعمالهم بعد أن فقدوا وظائفهم، وفق قوله. ويضيف بشير “قالوا لنا خذوا 1.5 مليون فرنك لتهدؤوا، سنرى لاحقاً ماذا يمكن أن نفعل وما زلنا ننتظر”.

ويوجّه إدريسا ساليفو تحذيراً فيقول “على حكومتنا والاتحاد الأوروبي أن يحترما التعهد الذي قطعاه، وإلا فإننا لن نأخذ بعد الآن القانون في الاعتبار. للصبر حدود”.

ومع استمرار التوتر في ليبيا التي يخوض فيها الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر معركة تحرير العاصمة طرابلس من قبضة الميليشيات منذ الرابع من أبريل تزداد مخاوف المنظمات الإنسانية والحقوقية من خطورة عبور هؤلاء المهاجرين إلى الأراضي الليبية.

5