التأخر في إقرار الموازنة العامة يزيد الضغوط على الحكومة اللبنانية

السلطات اللبنانية تدرس منذ أشهر، على وقع تضاؤل احتياطي مصرف لبنان المركزي بالدولار، مسألة رفع الدعم عن استيراد مواد أساسية هي القمح والأدوية والوقود.
الجمعة 2021/02/12
الوطن أشبه بزنزانة

بيروت – يقرّ المسؤولون في لبنان بأن التأخر في إقرار الموازنة العامة يزيد الضغوط على الدولة، حيث يهدد ذلك ببقاء الإنفاق خارج أطره المضبوطة في ظل موارد شحيحة أصلا قد لا تكفي لتأمين نفقات الرواتب والأجور.

ودعا وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال في لبنان، غازي وزني، الخميس، “إلى الإسراع في إقرار الموازنة العامة”، مشيرا إلى أن الدولة اللبنانية لا تستطيع الاستمرار في الإنفاق على قاعدة “الاثني عشرية”.

ونسبت وكالة الأنباء الروسية “سبوتنيك” لوزني قوله بعد لقائه مع الرئيس اللبناني ميشال عون، إن “الموازنة يجب أن تكون من أولويات الحكومة، وقد أحالتها إلى رئيس مجلس الوزراء، وأتمنى أن يتفق رئيس مجلس الوزراء مع رئيس مجلس النواب على عقد جلسة لإقرارها”.

وحذّر وزني من أن “الإنفاق على قاعدة الاثني عشرية يحدّ من قدرات الحكومة على تحقيق نفقات القطاع العام”، موضحا أن “الرواتب والأجور في العام 2020 كانت كلها مؤمّنة، ونتمنى في العام 2021 أن تكون الرواتب والأجور مؤمنة، ونحن نحتاج إلى مناقشة الموازنة وإقرارها كي لا تقيّدنا بالإنفاق على قاعدة الاثني عشرية.”

غازي وزني: الإنفاق على قاعدة الاثني عشرية يحد من تأمين النفقات العامة
غازي وزني: الإنفاق على قاعدة الاثني عشرية يحد من تأمين النفقات العامة

وشدّد “في هذا السياق نتمنى من رئيس الحكومة حسان دياب تحديد جلسة لمناقشة الموازنة وإحالتها بشكل سريع جدا إلى مجلس النواب”.

وجدير بالذكر أن قاعدة الاثني عشرية، هي الحل الذي وفره القانون اللبناني للحكومة في حال تخلف مجلس النواب عن إقرار الموازنة خلال شهر ديسمبر، أي قبل انطلاق السنة المالية التالية.

وتنصّ المادة الـ60 من قانون المحاسبة العمومية على أن “توضع الموازنات الاثني عشرية على أساس الاعتمادات الدائمة المرصودة في موازنة السنة السابقة على أن يؤخذ بعين الاعتبار ما أضيف إليها وما أسقط منها من اعتمادات دائمة”.

ويجوز للحكومة أن تلجأ إلى هذا الحل لمدة شهر واحد فقط، هو يناير من السنة المالية الجديدة التي لم تقر موازنتها بعد، فيكون آخر شهر هو اليوم الأخير الذي يحق للحكومة فيه الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية.

لكن في الواقع، غالبا ما تلجأ الحكومات اللبنانية إلى هذه الآلية، وكان ذلك في مناسبة سابقة عام 2005 حينما تم اعتماد هذه الآلية كسند للإنفاق، في ما يعتبره قانونيون مخالفة قانونية خطيرة تتسبب بإهدار المال العام.

وعلى وقع تضاؤل احتياطي مصرف لبنان المركزي بالدولار، تدرس السلطات منذ أشهر مسألة رفع الدعم عن استيراد مواد أساسية هي القمح والأدوية والوقود. وكان من المفترض رفع الدعم نهاية العام الماضي، في خطوة يحذّر محللون من “آثار تضخّمية” ستنتج عنها وستدخل البلاد في فوضى شاملة.

وتبلغ نسبة الاحتياطي الإلزامي للمصارف اللبنانية نحو 15 في المئة من إجمالي الودائع، وهي أرفع مما في دول مجاورة كالأردن بنحو 5 في المئة، وفلسطين بنحو 9 في المئة، وفق تقديرات البنك الدولي.

وترى الأوساط الاقتصادية اللبنانية أن أخطر ما في موازنة هذا العام أنها تضرب استقرار القطاع العام وموازنة التخصيص تحت اسم الشراكة والتشريك وهي مشروع يستجيب مسبقا لإملاءات صندوق النقد الدولي ويجعل جميع موظفي القطاع العام لاحقا متعاقدين ويلغي نظام التقاعد ويحوله إلى نظام تعويض نهاية خدمة.

ومثّل العام الماضي خط نهاية عقود من سوء التسيير الاقتصادي وضريبة انعدام الحوكمة في لبنان، حيث تسبب تآكل احتياطي العملة الصعبة في فقدان توازن النظام المصرفي وظهور اختلالات كبيرة، وهو ما أدى إلى انخرام المنظومة الاقتصادية بشكل غير مسبوق نتج عنه تفجر الأوضاع في الأيام القليلة الماضية.

11