البريطانيون يتساءلون بانكسي من يكون: امرأة أم رجلا

فنان الغرافيتي بانكسي يصر على البقاء بعيدا عن أضواء الإعلام وهو ما أثار المزيد من التكهنات حول الاسم الحقيقي للفنان وهويته.
الاثنين 2021/01/04
عمل فني يبعث الأمل ويحمل المزيد من التشويق والغموض

على الرغم من إصرار فنان الغرافيتي البريطاني بانكسي على الابتعاد عن الأضواء، فإن شعبيته الكبيرة دفعت الكثير من البريطانيين إلى إثارة المزيد من التكهنات حول هويته الحقيقية، معتبرين أن أعماله الأخيرة رسالة تشجيع وأمل لهم وسط أزمة كورونا.

لندن- قد تجد لوحات بانكسي مرسومة على جدار محل قديم لحلاق، أو على حوائط أنفاق المترو، فرسومات فنان الغرافيتي البريطاني الذي اشتهر بشخصيته الغامضة، تظهر فجأة ما بين ليلة وضحاها كما لو كانت بفعل السحر، ومن آن إلى آخر يمكن العثور على الأعمال الفنية التي أبدعها غالبا في أماكن غير متوقعة وربما غير جميلة.
وركز بانكسي في أعماله الأخيرة على جائحة كورونا، بكل أبطالها وضحاياها، وأثار ذلك المزيد من التكهنات حول الاسم الحقيقي للفنان وهويته.

وترجح التوقعات أن الفنان الذي حاز على الشهرة بسبب نشر أعماله الفنية وتعليق رسوماته دون استئذان، في قاعات العرض مثل اللوفر في باريس أو تيت مودرن بلندن، جاء من مدينة بريستول في جنوب غربي بريطانيا، ورسخ اسمه في عالم الشهرة عن طريق جذب الانتباه، بأعماله الفنية التي يرسمها في الشوارع.

ويشتهر بانكسي بالأعمال الفنية، التي تعبر بشكل كبير عن الواقع وترسل رسائل قوية قادرة على جذب انتباه الكثيرين إليه، ولطالما شكلت التطورات العالمية والنزاعات مصدر إلهام له.

ويعتقد الكثيرون أن اسم بانكسي الحقيقي هو روبن غانينغهام، وهو رسام غرافيتي من بريستول، وهذا التكهن نشر بعد أبحاث مكثفة أجرتها صحيفة “الديلي ميل” البريطانية عام 2008.

وتوصل الباحثون بجامعة كوين ماري بلندن بعد عدة أعوام، إلى نفس الاستنتاج مستخدمين أساليب البحث الجنائي، وقارنوا بين أعمال بانكسي وأماكن تواجد غانينغهام، ووجدوا مؤشرات متطابقة وأوجها للتشابه بينهما.

رسومات بانكسي تظهر فجأة ما بين ليلة وضحاها
رسومات بانكسي تظهر فجأة ما بين ليلة وضحاها 

وأشار الباحثون في دراستهم، التي نشرت في عام 2016، إلى أنهم يريدون إظهار قدرة تقنية الكشف عن الأشخاص بالاستناد إلى المواقع الجغرافية، وهي منهجية استقصائية تستند إلى المواقع الجغرافية لسلسلة من الجرائم المنسوبة إلى مجرم واحد لتحديد مقر إقامته.

بينما يقول آخرون إن بانكسي ما هو إلا المغني روبرت ديل ناجا المولود في بريستول، وهو عضو في فريق “ماسيف أتاك” الغنائي البريطاني، ويعزون سبب هذا القول إلى أن الجولات التي يقوم بها الفريق، تتزامن مع مشاهدة أعمال فنية جديدة للفنان في مختلف أنحاء العالم. ونفى المغني ناجا هذه الشائعة، ولكنه أقر بأنه والفنان بانكسي صديقان.

وحيث إن الكثيرين صاروا يعملون من منازلهم أثناء الجائحة، وضع بانكسي عملا فنيا على إنستغرام، كان قد أبدعه على حائط الحمام الخاص به، وباستخدام أسلوب الاستنسيل الفني الخاص به والذي يتم عن طريقه إبداع نماذج فنية باستخدام الأحبار والألوان.

وقام بانكسي برش رسوم لعدة جرذان على الحوائط، مع ترتيب مجموعة من الأشياء حتى تبدو وكأنها أحدثت موجة من الدمار. وكتب معلقا عليها “زوجتي تكره هذه الرسوم عندما أعمل من البيت”، وهو ما يتعارض مع البعض من الشائعات التي ترى أن الفنان المجهول قد يكون امرأة ترأس مجموعة من الفنانين.

ومهما كانت هوية الفنان، فإنه يتمتع بالتأكيد بوجود دائرة من المساعدين قادرين على الاحتفاظ بالسرية التي تحيط به، إذ يصر بانكسي على البقاء بعيدا عن أضواء الإعلام، ولا يجري التفاعل معه أيضا سوى بواسطة التبادلات الإلكترونية، فهو يحرص على إخفاء هويته ويندد بعمليات التجسس واسعة النطاق التي تحدث في عصر الإنترنت.

ومع ذلك، أظهرت أحدث أعمال بانكسي بداية حياته المهنية حين كان يزين جدران مدينة بريستول ببخاخات الدهان، ليصبح بعد ذلك أحد أشهر الفنانين في العالم وتباع بعض أعماله الفنية بالملايين.

إذ نشرت وسائل الإعلام البريطانية مؤخرا صورا تمثل أحدث أعماله، وظهر على جدار منزل بمدينة بريستول، ويصور العمل سيدة مسنة وهي تعطس بقوة إلى درجة أن أسنانها الاصطناعية انخلعت من فمها وطارت بعيدا. وحيث إن المنزل كائن في أحد أكثر الشوارع انحدارا في بريطانيا، فبدا أيضا أن عطس المرأة قد نسف تقريبا المنازل المجاورة.

ويظهر عمل آخر لبانكسي مجموعة من الفئران، ويشجع الناس على ارتداء الكمامات لتحميهم من العدوى، واستخدم الفنان طريقة الرش ليرسم صورا للفئران وهي تضع كمامات وتستخدمها كمظلات، لتهبط على جدران قطارات الأنفاق بلندن، بينما يعطس فأر آخر لا يرتدي كمامة في اللوحة الجدارية لتنطلق منه كميات من الألوان على النافذة.

وللأسف جاء عمال النظافة بمحطة القطارات ولم يدركوا قيمة هذا الفنان فقاموا بإزالة الرسومات، ويقول خبراء الفن إن قيمة الرسومات المزالة تبلغ عدة ملايين من الجنيهات الإسترلينية.

ورسم بانكسي عملا، من المعتقد وفقا لمقطع فيديو تم تداوله على إنستغرام، أنه يظهر الفنان نفسه وهو يرتدي حلة بيضاء واقية وكمامة، وكتب تحته عبارة “إذا لم ترتد الكمامة، فلن تتمكن من فهم مغزى العمل”.

ترجح التوقعات أن الفنان الذي حاز على الشهرة بسبب نشر أعماله الفنية دون استئذان جاء من مدينة بريستول في جنوب غربي بريطانيا

وظهر عمل لبانكسي فجأة على الجدار الخارجي لصالون تجميل بمدينة نوتنغهام منذ بضعة أشهر، واستخدم فيه أسلوب الرش باللونين الأسود والأبيض، وتبدو فيه بنت صغيرة وهي تلعب بإطار دراجة وكأنه “هولا هوب”.

ويقول صاحب الصالون “الجميع شعروا بالحماس بعد مشاهدتهم للرسم، وجاء أشخاص كثيرون لرؤيته”. إذ يمتلك الفنان البريطاني الكثير من المعجبين، فبمجرد إعلانه أنه صاحب أي عمل فني حتى يتحول الكثير من البريطانيين إلى المكان ويتجمهرون لالتقاط سيلفي تذكاري.

وعلق السكان المحليون على العمل الفني قائلين إنه رسالة تشجيع وسط الأزمة، حيث إن هذه المدينة كانت من بين المدن البريطانية، التي تأثرت بشدة من جراء الجائحة.

وأبدع بانكسي على حائط مستشفى بمدينة ساوثهامبتون عملا فنيا يشيد فيه بأبطال مقاومة الجائحة، وأضاف عبارة تقول “لكم كل الشكر على كل ما تفعلونه، وآمل أن تسهم هذه اللوحة في بث الإشراق على المكان قليلا”، ويصور العمل طفلا ممسكا بيديه دمية ترتدي زي الممرضات، ويلوح بها في الهواء بينما يطير غطاء رأسها وراءها مثل سوبرمان.

ومن المرجح أن يركز بانكسي بعد انتهاء جائحة كورونا، اهتماماته على قضايا أخرى، وقد يعود مرة أخرى إلى تناول أزمة اللاجئين. ويساند الفنان بالفعل سفينة إنقاذ اللاجئين في البحر المتوسط، والتي تبحر حاملة العلم الألماني.

24