البرلمان المغربي يناقش مقترح تمكين الأجنبي المتزوج بمغربية من الجنسية

تشكل مسألة منح الجنسية المغربية للأجنبي المتزوج بمغربية، مقترح مشروع قانون يتم النظر فيه في البرلمان المغربي، ويعد طرحه دليلا على تطور المجتمع المغربي ومواءمة مع ما شهدته مدونة الأسرة من مكاسب، وستمكن الموافقة على مشروع هذا القانون من مساعدة عديد الأسر التي تعيش معاناة تجديد بطاقة الإقامة والحصول على التأشيرة.
الرباط – برز موضوع منح الجنسية للأجنبي المتزوج بمغربية مرة أخرى على مستوى البرلمان المغربي، حيث تقدمت المجموعة النيابية لحزب الحركة الشعبية، بمقترح قانون يروم التصدي للتمييز في مسألة منح الجنسية المغربية في الزواج المختلط بين مغربي أو مغربية. وتعد الموافقة على مقترح تمكين الأجنبي المتزوج بمغربية من الجنسية تجاوزا لما وصف بأنه تكريس للتمييز ضد النساء المغربيات، كما من شأنها إنقاذ عديد أسر الزواج المختلط من التشتت.
وأكد مقترح قانون المجموعة النيابية لحزب الحركة الشعبية، أن موقف المشرع المغربي عند وضع قانون الجنسية كانت تحكمه أسباب دينية، واجتماعية، وتاريخية، يقابلها اليوم تطور للمجتمع المغربي من جهة، ومكاسب لمدونة الأسرة من جهة أخرى.
واقترحت المجموعة النيابية لحزب الحركة الشعبية وقبلها عدد من المجموعات النيابية، تعديل مواد الفصل 10 المتعلق بسن قانون الجنسية المغربية، إذ يمكن للمرأة المتزوجة من مغربي، أو الأجنبي المتزوج من مغربية بعد مرور خمس سنوات على الأقل على إقامتهما معا في المغرب بكيفية اعتيادية، ومنتظمة، أن يتقدما أثناء قيام العلاقة الزوجية إلى وزير العدل بتصريح لاكتساب الجنسية المغربية.
أسر الزواج المختلط تعيش معاناة حقيقية تتعلق بتجديد بطاقة الإقامة، والحصول على التأشيرة، وغيرها من المشاكل
ووفق مقتضيات الفصل 10 من قانون الجنسية المغربية، يحق للمرأة الأجنبية المتزوجة من مغربي الحصول على الجنسية المغربية، في حين لا يحق للأجنبي المتزوج بمغربية، الحصول على ذلك وهو ما يشكل حسب المشرعين داخل مجلس النواب المغربي، نوعا من التمييز في مسألة منح الجنسية المغربية على أساس الزواج المختلط.
وقال إمام شقران، المحامي بهيئة الرباط والبرلماني السابق، في تصريح لـ”العرب”، “إن الأمر يتعلق بخطوة جديدة في مسار تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في مجالات مختلفة ببلادنا، والمقترح يأتي ضمن ما ينص عليه الدستور المغربي من أن الرجل والمرأة، يتمتعان على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية” معتبرا أن منح الأم الجنسية للأبناء من زوج أجنبي لم يتم إلا في السنوات الأخيرة ومثّل ثورة في مسار تمكين المرأة.
واتفق عدد من النواب البرلمانيين، على ما جاء في المقترح، مؤكدين تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والالتزام بحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، وحظر كل أشكال التمييز بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو اللغة أو الإعاقة.
وتعيش العديد من الأسر المكونة من الزواج المختلط معاناة حقيقية تتعلق بتجديد بطاقة الإقامة، والحصول على التأشيرة، وغيرها من المشاكل التي أدّت إلى تشتت عدد منها.
وفي باب المساواة بين الجنسين والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، يقر الفصل 19 من الدستور المساواة الكاملة بين الجنسين، كما تؤكده هيئة المناصفة كآلية تشاورية تعنى بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ومنها مسألة حرمان زوج المرأة المغربية من الجنسية المغربية.

ويقيم بالمغرب عدد مهم من الأجانب سواء المهاجرين النظاميين الذين يقصدون المملكة للعمل أو غيرهم في وضعية غير نظامية، بعدما أصبح أرضا للاستقرار، لكن الكثير منهم يواجه صعوبات فيما يخص اكتساب الجنسية المغربية حتى باتت تعرف بأنها الجنسية “صعبة المنال” إذ تمر عبر إجراءات معقدة.
ولفت شقران، إلى أن هذا المقترح يقدم إجابة على عدد من الإشكالات المرتبطة بالزواج المختلط بالنسبة إلى الأسر المقيمة داخل المغرب على وجه الخصوص، وبالتالي تمكين المرأة من منح جنسيتها لزوجها الأجنبي سيمثل، ليس فقط نقلة نوعية في مسارات تمكين المرأة ببلادنا، ولكن أيضا جوابا قانونيا لإشكالات وصعوبات إدارية وقانونية يواجهها الزوج الأجنبي المقيم بالمغرب والتي لا شك في أن تكون لها أحيانا آثار سلبية على الأسرة كلها.
وتتميز مسطرة التجنيس المغربي العادي، بمجموعة من الشروط الصعبة أولها أن يكون الشخص مقيما بالمغرب لأكثر من خمس سنوات قبل إيداع طلب التجنيس لدى وزارة العدل، إضافة إلى تمتعه بالصحة النفسية والجسدية، وخلو ملفه من السوابق العدلية، وعدم تعريض مصلحة المغرب للخطر، ويبقى محدد الحصول على الجنسية المغربية مرهونا بتقديمه خدمات جليلة للمغرب.
كما جاء في الفصل التاسع من القانون التعديلي أن الجنسية المغربية تكتسب عن طريق الولادة في المغرب والإقامة به، وبذلك أعطى الحق للمولود في المغرب من أبوين أجنبيين مولودين هما أيضا فيه شريطة أن يتم التصريح برغبته في ذلك خلال السنتين السابقتين لبلوغه سن الرشد.
مهتمون بحقوق المرأة يراهنون على هذه الحكومة لتعديل قانون الجنسية لكي يتم منح هذا الحق لزوج المرأة المغربية أسوة بأبنائها
وفيما شدد أصحاب المقترح على أن الأسباب الأولى التي من أجلها حصرت العملية في الرجل تجاه زوجته، أصبحت متجاوزة اليوم، ولم تعد واقعية، مضيفين أن “الموضوع يطرح عدة صعوبات لبعض الأسر المغربية المكونة من زواج مختلط جراء الخضوع لإجراءات تجديد بطاقة الإقامة والحصول على التأشيرة.
وأورد نص مقترح القانون الجديد ، أنه “لا يؤثر انتهاء العلاقة الزوجية على التصريح المقدم من طرف أحدهما قبل
انتهاء تلك العلاقة”، وينص على أنه “يسري مفعول اكتساب الجنسية ابتداء من تاريخ إيداع التصريح، غير أن التصرفات القانونية التي سبق لأحد المعنيين بالأمر أن أبرمها طبقا لقانونه الوطني قبل موافقة وزير العدل تبقى صحيحة”.
وفي ما يتعلق بأهمية هذه الخطوة، قالت لمياء العمراني، الباحثة في الشؤون القانونية إن من شأنها تعزيز مسار المساواة بين الجنسين، كما أنها مكسب مهم للمغاربة، خصوصا أولئك الذين تزوجوا زواجاً مختلطا، وإنهاء معاناة المغربيات المتزوجات بغير المغاربة من نقل الجنسية المغربية لأبنائهن، وسيعفيهن من عراقيل إدارية وقانونية كثيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن آخر تعديل على قانون الجنسية بالمغرب كان سنة 2007، وبموجبه تم تعديل الفصل 6 منه وإقرار حق المرأة المغربية المتزوجة من أجنبي بمنح جنسيتها لأبنائها، حيث أصبحت الجنسية التي تمنحها الأم المغربية لأبنائها جنسية أصلية وليست مكتسبة.
ويراهن عدد من المهتمين بحقوق المرأة على هذه الحكومة التي تدعمها أغلبية منسجمة، لتعديل قانون الجنسية لكي يتم منح هذا الحق لزوج المرأة المغربية أسوة بأبنائها، حيث أن الفصل أعطى الحق للأجنبية المتزوجة من أجنبي دون الأجنبي المتزوج من مغربية وهو مقتضى ينسجم مع تحفظ المغرب على اتفاقية إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة.