البرلمان المصري يتجه لتبني تشريع يحظر الأحزاب الدينية

القاهرة - يبدأ البرلمان المصري الأيام المقبلة، مناقشة مشروع ينظم عمل الأحزاب السياسية البالغ عددها 112 حزبا، بينها 90 حزبا ليست ممثلة داخل مجلس النواب ولا وجود لها على أرض الواقع تقريبا.
وهي خطوة أولى استعدادا لمرحلة سياسية ستشهد إجراء انتخابات المحليات ثم مجلس النواب، وقد يسبقها إجراء استفتاء على تعديل الدستور، إذا نجحت الدعوات في تحويلها إلى مطلب شعبي.
ويتجه البرلمان إلى وضع حد لاستمرار تواجد الأحزاب الدينية في ظل الدستور الحالي وحظر تأسيسها على هذا الأساس، ما يفتح الباب ربما لشطب حزب النور السلفي الممثل بالبرلمان بـ12 نائبا، وحل أحزاب (الوسط – ومصر القوية – والبناء والتنمية – والفضيلة – والأصالة – والنهضة)، ويواجه غالبية أعضائها اتهامات بالتحريض والمشاركة في عمليات عنف مختلفة.
وأكد عضو البرلمان المصري، وصاحب المشروع، أحمد رفعت لـ”العرب”، أنه سيتقدم بمقترح موقّع من عدد كبير من النواب إلى اللجنة التشريعية في البرلمان، لحظر الأحزاب الدينية، والأحزاب غير الممثلة في البرلمان، ليتم تطبيقه على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ويمنح القانون الجديد فرصة للأحزاب الصغيرة، وغير الممثلة في البرلمان، للاندماج، قبل إجراء الانتخابات.
ويتضمن مشروع القانون استحداث لجنة في البرلمان تختص بالرقابة على التزام الأحزاب بوجود مقرات لها داخل المحافظات التي حصلت فيها على عضويات التأسيس اللازمة لقبول أوراقها (5 آلاف عضوية من 10 محافظات)، والتأكد من عدم حصولها على تمويلات خارجية والتعرف على مدى فعالية أدوارها بعد تقديمها لإخطار يتعلق ببدء التأسيس، على أن تكون تلك اللجنة مكملة لعمل لجنة شؤون الأحزاب (قضائية).
وأشار رفعت إلى أن البرلمان مهمته الرقابة على التزام الأحزاب بضوابط التأسيس، وإحالة المخالف منها بعد تصويت غالبية النواب عليها، إلى لجنة شؤون الأحزاب والتي ترفع الأمر إلى محكمة القضاء الإداري، ويوكل لها الدستور حق حل الأحزاب من عدمه، والأمر بالنسبة للأحزاب الدينية سيكون حلها بموافقة البرلمان قبل قرار القضاء.
ولا يعتبر عضو مجلس النواب الدور الجديد للبرلمان رقابة على الأحزاب بقدر ما أنه “ضامن لعدم تأسيس الأحزاب لتحقيق مصالح شخصية، في ظل انتشار ما يسمى بالأحزاب العائلية، والتي لا تمتلك مقرات أو هيئة مكتب لإدارة عملها”.
وتلقى هذه الخطوة تحفظات من بعض المعارضين، ويرون أنها “انتكاسة لأحد أهم مكاسب الحريات السياسية التي حصلوا عليها، لأنها أفسحت المجال أمام الجميع للتعبير عن رؤاهم داخل منصات رسمية معترف بها وليس من خلال تنظيمات سرية كانت أحد أسباب قوة جماعة الإخوان قبل وصولها إلى السلطة”.
وذهب البعض إلى التأكيد على أن خطوة البرلمان الذي تسيطر عليه أغلبية موالية للحكومة (ائتلاف دعم مصر) قد تكون مقدمة لحل العديد من الأحزاب دون تفرقة بين كيانات وهمية توجد باسمها فقط، وأخرى لديها مواقف سياسية لم تصل إلى البرلمان وتجد أنها تستحق الفرصة للتواجد، وإن لم تستطع الوصول إلى البرلمان الذي يعطي الغلبة للمستقلين طبقا للقانون.
ورد النائب أحمد رفعت على ذلك بقوله “القانون الجديد يتيح للأحزاب المعارضة وغيرها فرصة الاندماج في أحزاب تحمل نفس التوجه وموجودة داخل البرلمان، وسيتم السماح للتحالفات السياسية أن تخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، قبل أن تصبح ملزمة بالاندماج فيما بينها ليكون في النهاية هناك حزب قوي حاكم وآخر للمعارضة في وجود أحزاب أخرى قوية تستطيع أن تؤثر أيضا في الحياة السياسية”.
وسوف تكون الأحزاب الدينية الأكثر تضررا من القانون الجديد، ولن تتمكن، حال إقرار القانون قريبا، من المشاركة في الاستحقاقات المقبلة، سواء المحلية أو البرلمانية، وبالتالي فإن الأشخاص المنتمين إليها أمامهم الترشح على قوائم أخرى أو إقصائهم بشكل مباشر من الحياة السياسية، باعتبار أن ذلك أحد مطالب خبراء الإسلام السياسي للتعامل مع ظاهرة التطرف.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إكرام بدرالدين، أن القانون الجديد يستهدف إعادة تشكيل الحياة السياسية والارتكان بشكل أكبر على الأحزاب المدنية لشغل المشهد السياسي بدلا من الأحزاب الدينية والحركات والتنظيمات الصغيرة، وذلك قد يتبعه تعديل في طريقة تأسيس الأحزاب، حيث تسبب الإخطار في وجود فوضى تشكل عبئا على الدولة ولا تفيدها.
وأضاف لـ”العرب”، أن قانون انتخابات مجلس النواب لابد أن يسمح بشكل أكبر بتمثيل القوائم الحزبية، بما يساهم في تمثيلها داخل البرلمان والمجالس المحلية، كذلك فإن الأحزاب عليها تقديم مرشحين فرديين وآخرين على قوائمها لشغل أكبر نسبة من المقاعد، بما ينهي الوضع القائم الذي يسيطر فيه المستقلون على البرلمان.
ويستبعد البعض من المتابعين ضبط أوضاع الأحزاب في المدى المنظور، حتى في حال تنظيم المشهد الحالي بالطريقة الجيدة، في ظل ضعف قدرات غالبية الأحزاب على الوصول إلى الشارع وعدم تقديم مشروع سياسي يستطيع أن ينافس التوجه الرسمي الحالي، والذي يدعمه عدد كبير من الأحزاب، غير أن الموالاة للحكومة تؤدي إلى فقدان الثقة في ما تقدمه باعتبار أن هدفها المنافسة على السلطة.