البرلمان الليبي يناقش مشروع الموازنة الموحدة وسط اعتراضات داخلية

بنغازي - يعقد البرلمان الليبي جلسة عامة اليوم الثلاثاء، للنظر في عدد من مشاريع القوانين من بينها مقترح قانون موازنة عامة وموحدة للدولة تمهيدا لإقرارها، وسط خلافات حادة بين أعضائه وغياب توافق حول بنودها.
ووفق الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق فقد انطلقت أعمال الجلسة برئاسة عقيلة صالح في مقر المجلس بمدينة بنغازي، مشيرا إلى أنها "جلسة مغلقة".
وكانت حكومة أسامة حماد، قد أحالت في يناير الماضي، مقترح مشروع موازنة عامة للدولة لعام 2024 إلى رئيس البرلمان، بقيمة 90 مليار دينار ليبي (18 مليار دولار) ليتم عرضها على النواب والمصادقة عليها.
لكن هذا المقترح قوبل برفض من داخل البرلمان، حيث أعلن 6 أعضاء باللجنة المالية المشتركة المشكلة من مجلس النواب، عدم اطلاعهم على مشروع قانون الموازنة الموحد، مشددين على عدم مسؤوليتهم عن المقترح المقرر مناقشته في جلسة الثلاثاء.
جاء ذلك في بيان مشترك الاثنين، موقَّع من 6 أعضاء باللجنة يمثلون المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية.
وتتكون اللجنة المالية من 13 عضوا، اثنان ممثلين عن البرلمان ومثلهما لمصرف ليبيا المركزي واثنان عن الحكومة المكلفة من البرلمان، و4 ممثلين لحكومة الدبيبة، وممثل واحد لكل من المجلس الرئاسي والمؤسسة الوطنية للنفط ومجلس الدولة.
وقال الأعضاء الستة في بيانهم المشترك إنهم "التزموا بحضور اجتماعات اللجنة بوضع تصور لهيكلية الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2024، حيث جرى الاتفاق على وضع تصور مبدئي لأبواب الموازنة، يحتوي على أرقام ومواد حاكمة تؤذن بالصرف دون ذكر لأي مسميات أو مناطقية، وأن يتم التفويض لتنفيذ أبواب الموازنة كافة من وزارتي التخطيط والمالية بمدينة طرابلس.
وأشاروا إلى أنّهم لم يطلعوا كأعضاء للجنة على المسودة النهائية لمشروع القانون والمخصصات المالية المدرجة به والمواد الحاكمة بصيغتها النهائية.
كما أكدوا أنه "في حال إصدار قانون الموازنة دون اعتماد نهائي من قبل أعضاء اللجنة المالية مجتمعة فإننا نُخلي مسؤوليتنا مما يترب عليه".
وإثر بيان أعضاء اللجنة المالية، كتب رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، تدوينة عبر حسابه على منصة إكس، بيّن فيها أن إقرار قانون للموازنة الموحدة يتطلب "ثلاثة اشتراطات دستورية متلازمة"، موضحاً أن أولها ضرورة وجود "مقترح مشروع للقانون مقدم من السلطة التنفيذية لاختصاصها في ذلك".
واشترط المنفي ضرورة تشاور السلطة التنفيذية مع المجلس الأعلى للدولة، قبل إحالة القانون على مجلس النواب الذي يجب عليه التصويت لإقرار القانون بعدد 120 نائباً، وطالب بضرورة "التوافق بين ممثلي المؤسسات الوطنية المعنية بتحديد أولويات الإنفاق العام، وندعو إلى المزيد من الحوار بالخصوص".
ومنذ سنوات، دخلت قضية الإنفاق الحكومي حيز الخلافات، خصوصا بعد تكليف مجلس النواب حكومة أسامة حماد الموازية في بنغازي وسط اتهامات وجهتها لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة بطرابلس.
ووسط ازدياد حدة الانقسام الحكومي، دفعت البعثة الأممية، بدعم عدد من العواصم الفاعلة في الملف الليبي، خصوصا واشنطن والعواصم الأوروبية، إلى تشكيل لجنة مالية عليا من ممثلي كل الأطياف الليبية، كمجلسي النواب والدولة وحكومتي البلاد والبنك المركزي وديوان المحاسبة ومؤسسة النفط، على أن تكون برئاسة محمد المنفي.
وإثر عدة اجتماعات للجنة المالية، بعد تشكلها في يوليو من العام الماضي، بهدف الاتفاق على الوصول إلى صيغة للتفاهم لترشيد الإنفاق، وكيفية تقاسم موارد النفط، طرأت خلافات بين أعضاء اللجنة وسط انسحاب ممثلي مجلس النواب من عضويتها، ما أدخلها في حيّز الفشل.
ومطلع الشهر الجاري، انعقد اجتماع في العاصمة طرابلس ضمّ المنفي والدبيبة ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة بطرابلس، لمناقشة ضرورة إجراء تعديلات على اللجنة المالية العليا لضمان أداء مهامها، وتنظيم الإنفاق الحكومي.
ويبدو أن للمجتمع الدولي رؤية أخرى تتعلق بضرورة اتفاق كل الأطراف الليبية على اعتماد موازنة موحدة للبلاد، إذ عقدت مجموعة العمل الاقتصادية المنبثقة من لجنة المتابعة الدولية لمخرجات مؤتمر برلين التي تضم في عضويتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلى جانب الأمم المتحدة، اجتماعاً نهاية الشهر الماضي في طرابلس ناقش سبل مساعدة الأطراف الليبية على التوافق حول موازنة موحدة للدولة.
وكان ملف إقرار ميزانية موحدة للبلاد محل اجتماع لعقيلة صالح بمحافظ البنك المركزي، الصديق الكبير، السبت الماضي، بحسب بيان للبنك المركزي، والذي يعد الاجتماع الأول بينهما بعد سنوات من توتر العلاقة بين الجانبين.
ويشكل توحيد موازنة الدولة خطوة مهمة في توحيد المسار الاقتصادي بين الفرقاء الليبيين، ويأمل المواطن الليبي أن يرى انعكاساتها قريبا على وضعه المعيشي والاقتصادي المتردي.
ويعد توحيد وترشيد الموازنة أمرا بالغ الأهمية لإرساء ترتيبات اقتصادية أكثر ديمومة وأكثر إنصافا مما يلبي احتياجات كافة الليبيين، بما في ذلك تحسين الخدمات الأساسية وتلبية الحاجة الملحة لإصلاح البنية التحتية المتدهورة في البلاد، لاسيما شبكة الكهرباء، إضافة إلى تضييق الخناق على الفساد الإداري وإيقاف الاعتمادات الوهمية.
وتبدأ السنة المالية في ليبيا في أول يناير، وتنتهي في 31 ديسمبر من كل عام.