البرلمان الليبي يصر على تشكيل حكومة جديدة رغم غياب التوافق

يتجه البرلمان الليبي نحو عقد جلسة مفتوحة بحضور الشخصيات المترشحة لمنصب رئاسة الحكومة الموحدة المزمع تشكيلها، لكن المجلس الرئاسي يرفض تلك الخطوة ويتشبث بمواصلة حكومة الوحدة الوطنية لمهامها.
يتمسك مجلس النواب الليبي بتشكيل حكومة جديدة موحدة وتجاوز حالة الانقسام السياسي القائمة، في وقت يغيب فيه التوافق حول الفكرة، حيث يدافع المجلس الرئاسي على استمرار نشاط حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها بقيادة عبدالحميد الدبيبة.
ويستعد مجلس النواب الليبي لعقد جلسة مفتوحة يستمع خلالها إلى برامج الشخصيات السبع المترشحة لمنصب رئيس الحكومة الموحدة، فيما أكد رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي رفضه أية جهود دولية تغيب عنها المؤسسات الليبية المنبثقة عن الاتفاق السياسي، تفرغ النتائج من شرعيتها وإمكانية تنفيذها، وفق تعبيره.
وقال رئيس البرلمان عقيلة صالح، إنه “تم وضع آلية برلمانية لاختيار رئيس الحكومة الجديدة، وتم إبلاغ جميع الدول المعنية بها،” متوقعا أن “يتم التوصل إلى توافق بين جميع الأطراف حول تشكيل الحكومة الجديدة خلال الأيام القليلة المقبلة.”
وبحسب تصريحات صالح، فإن الآلية تتضمن حصول المرشح لرئاسة الحكومة على عدد محدد من التوقيعات من أعضاء مجلسي النواب والدولة، مما يعكس التوافق الوطني المطلوب لتشكيل حكومة قادرة على قيادة البلاد نحو الانتخابات المقبلة.
أوساط ليبية مطلعة تؤكد أن لا ضمانات لتنظيم الانتخابات حتى لو تم تشكيل الحكومة التي يدعو إليها البرلمان
وبإعلانه رفض الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة الجديدة، يكون رئيس المجلس الرئاسي قد انخرط في معركة التجاذبات بوقوفه إلى جانب حليفه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، وهو ما يقطع الطريق أمام المبادرة الجديدة التي ستصدر خلال الأيام القادمة عن البعثة الأممية.
وفي أواخر نوفمبر الماضي، أكد صالح، خلال لقائه مع نائبة الممثل الخاص للأمين العام والقائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري، على ضرورة استمرار التعاون والتواصل مع البعثة الأممية والمجتمع الدولي، وعلى التزام مجلس النواب بالاتفاق السياسي ومخرجات لجنة 6+6 وكل ما من شأنه إنهاء الانقسام السياسي.
وأكدت خوري، سعيها المتواصل والجاد لإعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف عبر تقريب وجهات النظر واتفق الطرفان على المضي قدما من أجل تطبيق خطة الحل السياسي والمتمثلة بالخصوص في توحيد السلطة التنفيذية بما يساعد على تمهيد الطريق لتنظيم الاستحقاقين الانتخابيين الرئاسي والتشريعي.
وبينما يرى مراقبون، أن لا انتخابات يمكن أن تعرفها ليبيا من دون توحيد السلطات التنفيذية عبر تشكيل حكومة موحدة يتفق عليها جميع الفرقاء.
وتؤكد أوساط ليبية مطلعة أن لا ضمانات لتنظيم الانتخابات حتى لو تم تشكيل الحكومة التي يدعو إليها البرلمان، وذلك لأسباب عدة منها عدم وجود استعداد لدى الفاعلين الأساسيين للتنازل عن امتيازاتهم الحالية والتضحية بمناصبهم من أجل مصلحة الدولة والمجتمع.
الآلية تتضمن حصول المرشح لرئاسة الحكومة على عدد محدد من التوقيعات من أعضاء مجلسي النواب والدولة
وفي يوليو الماضي، أعلن عقيلة صالح، فتح باب الترشح لتولي منصب رئيس حكومة موحدة للبلاد، وقال إن الإعلان جاء “استنادا إلى أحكام الإعلان الدستوري والتعديل الدستوري الثالث عشر، وإلى أحكام قوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب، ووفقا لما تم الاتفاق عليه بمخرجات لجنة 6+6 “.
وتوقع عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي أن تكون هناك جلسة منقولة للبرلمان، ويتم فيها الاستماع للمترشحين لرئاسة الحكومة، وسيتابع الجميع من هو الأوفر حظًا لتولي رئاسة الوزراء ، وقال إن فرص نجاح مجلس النواب في فرض أحد المترشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، مرتبطة بانعقاد مجلس الدولة، لأن التوافق بينهما يمكن أن ينجح هذه الخطوة ، لافتا الى أن الحكم على المترشحين واختيار أحدهم سيكون بناء على المشروع الذي سيطرحه لمنصب رئيس الحكومة.
ووفق المعطيات الأولية، فإن قائمة المترشحين تضم كلا من وزيري الداخلية والصحة بالحكومة المنبثقة عن مجلس النواب عصام أبوزريبة، وعثمان عبدالجليل، ورجل الأعمال والمرشح الرئاسي السابق محمد المنتصر، والمرشح الرئاسي ورئيس مجلس التطوير الاقتصادي السابق فضيل الأمين، ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية السابق سلامة الغويل والمرشح سابق لمجلس النواب نصر ويس، والمرشح السابق من مجلس الدولة الاستشاري لرئاسة الحكومة محمد المزوغي.
وقال عضو مجلس الدولة، عادل كرموس، إن “تحقيق المطلب الشعبي بالوصول إلى الانتخابات يتصدر أولوياتهم، وتابع أن الوصول إلى الانتخابات لن يتحقق إلا بتوحيد الحكومة” مشيرا إلى أن “استمرار الانقسام يشكل عائقاً رئيسيا أمام إجراء الانتخابات.”
المنفي انخرط في معركة التجاذبات بوقوفه إلى جانب حليفه رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة
وأوضح كرموس أن “التوافق بين الأطراف السياسية هو السبيل الوحيد لتحقيق هذا الهدف، مؤكدا ضرورة تكاتف الجهود لتجاوز هذه المرحلة.”
وعقد مجلس الدولة اجتماعا طارئا برئاسة خالد المشري، تم خلاله مناقشة عدة ملفات حيوية تهدف إلى مواجهة التحديات التي تواجه البلاد، كان أبرزها التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة موحدة قادرة على التصدي للكوارث وتقديم الخدمات لكل الليبيين دون استثناء، في ظل الأزمات المتكررة، وآخرها ما شهدته المنطقة الغربية.
ويواجه مجلس الدولة انقساما حادا بين فريقي الرئيسين المنافسين على سلطة القرار فيه خالد المشري الذي يبدو أقرب إلى موقف عقيلة صالح، ومحمد تكالة المحسوب على فريق رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة الذي كان عبر عن رفضه تسليم مقاليد السلطة لأية حكومة الجديدة .
وفي يوليو 2023 أكد أنه لن يقبل بخارطة الطريق التي اعتمدها مجلسا النواب والدولة، والتي تقضي إلى تشكيل حكومة جديدة موحدة لتتولى تسيير الانتخابات القادمة، وقال إن الانتخابات هي محطة مهمة لانتقال ليبيا إلى تاريخ جديد يؤسس للتداول السلمي للسلطة.
وشدد الدبيبة على أنه لن يسلم السلطة الا لحكومة منتخبة مباشرة من الشعب، واشترط أن تتم الانتخابات وفق دستور يتم اعتماده رسميا من خلال استفتاء شعبي.
والأسبوع الماضي، دعا الدبيبة إلى إعادة تفعيل دور الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور باعتباره “أساسا لاستقرار ليبيا ومستقبلها السياسي.” وأعرب عن استنكاره لما وصفها بـ”مؤامرة تعطيل الاستفتاء على الدستور،” مشيرا إلى أن “هذه العرقلة تمثل استهدافا لإرادة الشعب الليبي” وأكد خلال لقاء مع عدد من أعضاء الهيئة في طرابلس، أن “أي محاولات لعرقلة هذا المسار هي عرقلة مباشرة لمسيرة الشعب الليبي نحو بناء دولة القانون والمؤسسات.”