البرلمان الأوروبي يبحث عن ضمانات لاستمرار تدفق الأموال إلى مصر

القاهرة - أكدت زيارة رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إلى القاهرة بعد استلام مصر مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، وجود مساع للحصول على المزيد من الضمانات الحقوقية لاستكمال تدفق التمويلات المقدرة قيمتها بخمسة مليارات دولار.
وتناول الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال لقائه مع روبرتا ميتسولا بالقاهرة، الخميس، سبل تطوير العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبي، وملفات التعاون في المجالات الاقتصادية وآليات تفعيل الشراكة الشاملة بين الجانبين.
وذكر بيان للاتحاد الأوروبي أن اجتماعات ميتسولا في القاهرة “فرصة لمناقشة العلاقات البرلمانية، بما في ذلك تنظيم الاجتماع البرلماني المقبل بين الاتحاد الأوروبي ومصر في القاهرة، والمساعدة المالية الكلية التي يقدمها الاتحاد لمصر التي تجري مناقشتها حالياً في البرلمان الأوروبي، وتدفقات الهجرة واللجوء.”
وتشهد العلاقة بين مصر والبرلمان الأوروبي تذبذبا على إثر الانتقادات التي توجهها لجنة حقوق الإنسان بالمجلس الأوروبي للحالة الحقوقية في مصر، وهو ما رفضه مجلس النواب المصري، وأصدر بيانا طالب فيه بمراجعة العلاقات مع التكتل الأوروبي.
ويرى مراقبون أن زيارة رئيسة البرلمان، غرضها استطلاع التوجهات المصرية حيال حقوق الإنسان في المستقبل مع بدء النقاش حول تقديم التمويل المتبقي خلال هذا العام، وسط توقعات أن يقوم الاتحاد الأوروبي بتمرير التمويل المطلوب على دفعات مختلفة، وقياس توجهات القاهرة من جهة استقرار الوضع الاقتصادي والاستمرار في برنامج صندوق النقد الدولي وخطوات القاهرة نحو التعامل مع الحريات العامة.
وليس متوقعا أن يأخذ الخلاف بين مصر والاتحاد الأوروبي منحى تصاعديا بفعل الأزمات المشتعلة في المنطقة، وتلعب مصر دورا للتخفيف من حدتها، وأن الدول الأوروبية تدرك أهمية الحفاظ على حالة الاستقرار الداخلي مع تأثر القاهرة سلبا بتوالي الصراعات وتمددها بالمنطقة.
ولعل ذلك ما دفع الرئيس عبدالفتاح السيسي لإعادة التذكير بالخسائر التي تعرضت لها مصر بسبب اضطراب الأوضاع في البحر الأحمر وتأثر ممر قناة السويس ماديا.
وكانت الانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع إجراؤها العام الجاري ضمن نقاشات رئيسة البرلمان الأوروبي مع المسؤولين في القاهرة، وأن القاهرة قدمت تطمينات بشأنها وفقا لقوانين انتخابية تسهم في تمثيل أوسع للأحزاب وقوى المعارضة.
وقال رئيس المنتدى العربي الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان أيمن نصري إن البرلمان الأوروبي يعاني من ازدواجية التوجهات في التعامل مع مصر سياسيا وحقوقيا واقتصاديا، حيث هناك دول أوروبية تدرك أهمية القاهرة ومعها مصالح مشتركة تريد الحفاظ عليها، وثمة فريق آخر حالم تقوده لجنة حقوق الإنسان داخل البرلمان يركز على تقييم المناخ الحقوقي استنادا على تقارير منظمات حقوقية أغلبها مسيسة.
وأوضح نصري في تصريح لـ”العرب” أن الغلبة في النهاية للدول الأكثر تأثيرا داخل البرلمان الأوروبي، وذلك يتطلب المزيد من الإجراءات المصرية التي يمكن التسويق لها باعتبارها تهدف لتحسين السجل الحقوقي، لافتا إلى أن رئيسة البرلمان يمكن تصنيفها ضمن الفريق الأقوى، وهي تدرك أهمية استضافة مصر للملايين من اللاجئين ودورها في مواجهة الهجرة غير الشرعية، فضلا عن الدور الأمني المهم الذي تلعبه مع بعض الدول الأوروبية تجاه التعامل مع ملف الإرهاب وإمكانية حصاره.
وأكدت رئيسة البرلمان الأوروبي أن مصر شريك رئيسي في منطقة البحر المتوسط وفاعلًا رئيسيًا في تعزيز الحوار بالمنطقة.
وقالت في تدوينة لها عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس” فور وصولها إلى القاهرة مساء الأربعاء “حريصون على تعزيز العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر والتأكيد على رسالة البرلمان بأننا سنلعب دورنا في معالجة التحديات المشتركة.”
وأكد أيمن نصري في حديثه لـ”العرب” أن زيارة ميتسولا “مشروطة”، إذ طالبت القاهرة بالمزيد من الخطوات لتحسين السجل الحقوقي والإفراج عن المعتقلين السياسيين، بجانب التلويح بإمكانية تحريك ملف مصرع الباحث الإيطالي في القاهرة منذ عشر سنوات جوليو ريجيني، والتطلع لدور مصر أكبر في إمدادات الغاز إلى أوروبا بما يسهل مهمة تدفق أربعة مليارات دولار متبقية من التمويل الأوروبي لمصر.
وشدد على أن القاهرة تتعامل بحرص مع الملفين الحقوقي والسياسي وفقا لتقديرات تتعلق بحفظ الأمن القومي، ومن الصعب الاستجابة لمطالب المنظمات الحقوقية الغربية في ظل الأوضاع الإقليمية المضطربة، وأن اللجان المشتركة بين مصر والاتحاد الأوروبي تعتمد على تفاهمات في القضايا ذات البعد الأمني.
وقد تعود ميتسولا بمكاسب إيجابية حال حصلت على تعهدات مصرية لتحقيق مردود إيجابي مع بداية فترتها، ويمكن أن تلعب دورا في أن يمرر البرلمان الأوروبي الحزم التمويلية بلا عوائق، حال واجهت رفضا من أطراف تركز بشكل أكبر على الملف الحقوقي، وهو أحد الملفات التي يتم توظيفها لصالح تحقيق مصالح إستراتيجية للاتحاد الأوروبي، ويأخذ في الخفوت والحضور وفقا لما تقتضيه الحالة السياسية.
اقرأ أيضا:
وأوضح أيمن نصري أن القرار الصادر عن القضاء المصري برفع 716 شخصا من قوائم الإرهاب يمثل بادرة جيدة تجاه تعامل القاهرة مع ملف المعتقلين، ويعد هذا الملف من القضايا الملغمة التي لا تحظى بتوافق كامل، خاصة أنه يطال عناصر من جماعة الإخوان المصنفة في مصر إرهابية.
وصرح السفير تميم خلاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية بأن الأولوية تنفيذ المحاور المختلفة من الشراكة الإستراتيجية، بما فيها الشق الاقتصادي منها، معرباً عن التطلع لسرعة اعتماد البرلمان الأوروبي الشريحة الثانية بقيمة 4 مليارات يورو من حزمة التمويل الأوروبية لمصر.
وتوافقت مصر والاتحاد الأوروبي في مارس الماضي على ترفيع العلاقات إلى مستوى “الشراكة الإستراتيجية الشاملة”، ووقعا في نهاية يونيو الماضي اتفاقية تمويل استثماري بوصفها جزءاً من حزمة أكبر بقيمة 7.4 مليار يورو تهدف لتعزيز التعاون الاقتصادي ودعم استقرار مصر في ظل التحديات الإقليمية والدولية.
وتقول وسائل إعلام غربية إن تمويلات الاتحاد الأوروبي تأتي مدفوعة بالمخاوف من أن تساهم الحرب في السودان وقطاع غزة في زيادة الهجرة غير الشرعية من مناطق الاضطراب إلى أوروبا عبر السواحل المصرية.