الانسحاب الفرنسي من الساحل الأفريقي يمكّن تركيا من إبرام صفقات أسلحة مع دول المنطقة

يعكس إعلان النيجر عن شراء معدات عسكرية تشمل طائرات مسيرة ومدرعات وطائرات من تركيا استغلال أنقرة للانسحاب الفرنسي من منطقة الساحل لإبرام صفقات أسلحة، وهو ما تراهن عليه مالي أيضاً التي تصاعد التوتر بينها وبين فرنسا بشكل جعلها تستعين بمرتزقة فاغنر ولم تستبعد اللجوء إلى تركيا أيضاً في جهودها لمكافحة الإرهاب.
أنقرة - أعلنت النيجر أنها اشترت معدات عسكرية من تركيا، في خطوة تعكس استغلال أنقرة للانسحاب الفرنسي من الساحل لإبرام صفقات أسلحة مع دول المنطقة التي شهدت أيضاً دخول مرتزقة فاغنر الروس على الخط تحت ذريعة مكافحة الجهاديين.
وقالت السلطات النيجرية في بيان مشترك مع نظيرتها التركية إن النيجر اشترت معدات عسكرية من تركيا، بما في ذلك طائرات مسيرة وطائرات ومدرعات.
وجاء الإعلان في بيان بثته قناة “تي أر تي” (إذاعة وتلفزيون تركيا) ووزعت رئاسة النيجر نسخة منه على وسائل الإعلام مساء السبت.
وقال البيان إن “الرئيس رجب طيب أردوغان أجرى محادثة هاتفية مع رئيس النيجر محمد بازوم”. وأضاف أن “الرئيس أردوغان أعلن أن الطائرة المسيرة تي بي 2 وطائرة التدريب هوركوش والآليات المدرعة التي ستشتريها النيجر من تركيا ستعزز قدرات القوات العسكرية والأمنية للبلاد”.
وصرح مصدر مقرب من رئاسة النيجر بأنه “يؤكد” أن “المحادثة الهاتفية جرت هذا الأسبوع بين الرئيسين أردوغان وبازوم”.
الشركات التركية عززت هي الأخرى وجودها في النيجر حيث فازت بالعديد من العقود، من بينها عقد لتحديث مطار نيامي
وأشار رئيسا الدولتين إلى أن النيجر ستشتري “طائرات مسيرة وطائرات عسكرية وعربات مصفحة تركية”، بحسب المصدر نفسه.
وقال البيان الذي بثته القناة التركية إن أردوغان “أعرب عن تعازيه” لذوي الذين قتلوا الثلاثاء الماضي “في الهجمات المسلحة” غرب النيجر، وأوضح أن تركيا تدعم جهود النيجر في مكافحة الإرهاب.
وأضاف البيان أن أردوغان “مقتنع بأن النيجر ستواصل تعاونها الوثيق في الحرب ضد منظمة غولن الإرهابية” العدو اللدود للنظام التركي.
وقُتل عشرون مدنياً في السادس عشر من نوفمبر في هجوم شنه مسلحون -يرجح أنهم جهاديون- على مخيم باكورات في منطقة تاهوا (غرب النيجر) بالقرب من مالي، بحسب وزارة الداخلية النيجيرية.
ومطلع شهر نوفمبر 2021 قُتل 69 قرويًا على الأقل -من بينهم رئيس بلدية بانيبانغو- بأيدي مسلحين في منطقة تيلابيري (غرب) القريبة أيضًا من مالي.
وتيلابيري الواقعة في المنطقة المعروفة باسم الحدود الثلاثة (بوركينا فاسو ومالي والنيجر) وتاهوا منطقتان كبيرتان غير مستقرتين وتشهدان منذ 2017 أعمالا إجرامية ترتكبها مجموعات مسلحة مرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية.
وتعزز الشركات التركية هي الأخرى وجودها في النيجر حيث فازت بالعديد من العقود، من بينها عقد بقيمة 152 مليون يورو لتحديث مطار نيامي وعقود أخرى بقيمة 50 مليون يورو لفندق فخم أو 38 مليون يورو للمقر الجديد لوزارة المالية النيجيرية في قلب العاصمة.
وفي 2019 أنشأت تركيا مستشفى بقيمة مئة مليون يورو في مارادي (وسط الجنوب)، ثالثة المدن الكبيرة في البلاد، بالقرب من نيجيريا.
وتأتي هذه التطورات في وقت سمح فيه الانسحاب الفرنسي من الساحل لروسيا وتركيا بالتوغل في المنطقة: الأولى عبر شركة مرتزقة فاغنر والثانية عبر تزويد دولها بالأسلحة ولمَ لا التدخل مباشرة في مرحلة أخرى، وهو سيناريو غير مستبعد.
وفي وقت سابق أكد رئيس الوزراء المالي شوغل كوكالا مايغا أنهم منفتحون على التعاون مع أنقرة في مجال الصناعات الدفاعية، وأنهم في حاجة إلى دول “صديقة” مثل تركيا لمساعدتها في مكافحة الإرهاب.
وكان المسؤولون الماليون قد برروا لجوءهم إلى روسيا والسماح بدخول مجموعة فاغنر بنفس السبب، أي مكافحة الإرهابية، فيما يعتبر المراقبون أن استدعاء روسيا ولاحقا تركيا هو ردّ فعل على موقف فرنسا التي لم تدعم الانقلاب وسعت للضغط عليه لإعادة السلطة إلى المدنيين.
وبدأت فرنسا تخفض وجودها في الساحل، في خطوة نبه مراقبون من أنها ستسمح بـ”مغامرات” ستقوم بها تركيا وروسيا.
وبالفعل تصاعد التوتر بشكل غير مسبوق بين باماكو وباريس على خلفية هذا الخفض، حيث تعتبر السلطات المالية أن خفض فرنسا لوجودها العسكري يقوض كل ما تم تحقيقه خلال عملية برخان العسكرية التي أطلقتها باريس في عام 2013.
ووصف رئيس الوزراء المالي في الخامس والعشرين من سبتمبر على منبر الأمم المتحدة خطة فرنسا لخفض وجود عسكرييها بـ”التخلي (عن التزاماتها) في أوج العملية”، في تصريحات أثارت حفيظة باريس وأججت خلافاتها مع باماكو.