الانتخابات النقابية بالأردن رهينة الحالة الوبائية والحسابات السياسية

مماطلة الحكومة في منح الموافقة للنقابات لانتخاب هيئاتها العامة، لا يخلو من اعتبارات سياسية في علاقة ما يمكن أن تفرزه هذه الانتخابات من وجوه نقابية صدامية.
الثلاثاء 2020/09/01
النقابات شوكة في خاصرة حكومة الرزاز

عمان – لا تخفي النقابات المهنية في الأردن تململها حيال ازدواجية المعايير الحكومية في علاقة برفضها فسح المجال أمام إجراء الانتخابات النقابية، بداعي الحالة الوبائية، في مقابل استعدادها لإجراء الانتخابات النيابية، في ظل شكوك متنامية بوجود دوافع سياسية خلف هذه المماطلة.

وتوجد سبع نقابات مهنية، وهي: نقابات الأطباء والمحامين والصحافيين والفنانين والصيادلة والبيطريين والجيولوجيين، تنتظر منذ أشهر انتخاب هيئاتها العامة، بسبب جائحة فايروس كورونا والإجراءات الحكومية المتخذة لاحتوائها في إطار تفعيل قانون الدفاع الوطني في مارس الماضي.

وأرسلت النقابات طلبات للحكومة للموافقة على إجراء الاستحقاق بعدما تقرر إجراء الانتخابات النيابية، بيد أن الحكومة لم تُبد أي موقف رسمي حتى الآن وإن كانت جميع المؤشرات توحي بنيتها تأجيل الأمر إلى أجل غير مسمى.

وقال الناطق الإعلامي باسم اللجنة الوطنية للأوبئة نذير عبيدات، إنه لم ترد كتب أو توصيات من وزارة الصحة للجنة حول إجراء انتخابات للنقابات المهنية، موضحا أنه في حال وصول كتاب حول ذلك فستتم مناقشته بشكل موسع مع أعضاء لجنة الأوبئة.

بدوره أكد مسؤول ملف كورونا في وزارة الصحة الدكتور عدنان إسحاق، لوسائل إعلام محلية أنه لم يصل إلى الوزارة أي طلب أو توصية حول إمكانية إجراء الاستحقاقات النقابية.

ولفت إسحاق إلى أنه لا يمكن مساواة الانتخابات المهنية بالنيابية لأن الأخيرة تنعقد بإرادة ملكية وتعتبر كذلك استحقاقا دستوريا، أما انتخابات النقابات المهنية فتجري وفقا لقرارات الجهات المعنية بها.

النقابات لن تقوم بإجراء الانتخابات الخاصة بها وفق نظام أون لاين علما بأن ذلك مرفوض قانونيا لكون حق الانتخاب يمارس بشكل مباشر من أي ناخب

وأعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن في 29 يوليو الماضي إجراء انتخابات مجلس النواب في 10 نوفمبر المقبل، على إثر صدور إرادة ملكية في الغرض.

واعتقدت النقابات السبع أن قرار إجراء انتخابات مجلس النواب من شأنه أن يرفع الفيتو على تنفيذ استحقاقاتها الانتخابية، بيد أن حكومة عمر الرزاز التزمت الصمت، الأمر الذي حدا بعدد من تلك النقابات للتحرك وإرسال مكاتيب في الأمر.

وأكد رئيس مجلس النقباء، نقيب أطباء الأسنان، عازم القدومي، مؤخرا أن المجلس لا يزال ينتظر ردّ ديوان الرأي والتشريع الخاص بإمكانية عقد اجتماعات الهيئات العامة للنقابات بصفة عامة وللنقابات السبع التي حان موعد إجراء انتخابات مجالسها خلال الأشهر الماضية.

وشدد على استعداد النقابات لتنفيذ أي قرارات أو مقترحات تطالب بها الحكومة حول انتخابات النقابات المهنية واجتماعات هيئاتها العامة، مشددا على أن النقابات لن تقوم بإجراء الانتخابات الخاصة بها وفق نظام أون لاين علما بأن ذلك مرفوض قانونيا لكون حق الانتخاب يمارس بشكل مباشر من أي ناخب.

ويرى نقابيون أن مماطلة الحكومة في منح الموافقة للنقابات لانتخاب هيئاتها العامة، لا يخلو من اعتبارات سياسية في علاقة ما يمكن أن تفرزه هذه الانتخابات من وجوه نقابية صدامية، ستشكل لأصحاب القرار الرسمي في الأردن مستقبلا صداعا مضاعفا، خاصة إذا ما اضطرتهم الأزمة الاقتصادية المتفاقمة جراء كورونا إلى اتخاذ قرارات قد تلقى معارضة من النقابات.

ويدرك أصحاب القرار في المملكة أن قوى سياسية مثل جماعة الإخوان المسلمين تنظر إلى انتخابات النقابات باهتمام شديد يفوق حتى اهتمامها بانتخابات مجلس النواب، ذلك أن السيطرة على النقابات يشكل سلاحا أثبت نجاعته في السنوات الأخيرة.

وابرز مثال على ذلك نقابة المعلمين التي تحولت إلى شوكة في خاصرة الحكومة، التي خاضت معها وعلى مدار الأشهر الماضية جولات صراع عدة كان آخرها حينما رفضت النقابة التي تسيطر عليها جماعة الإخوان قرارا بتجميد علاوة مالية للمعلمين سبق وأن تم الاتفاق عليها العام الماضي بعد إضراب دام لشهر كامل.

ولم يشمل قرار التجميد الذي أقرته الحكومة في أبريل الماضي فقط المعلمين بل جميع القطاعات وهو محدد بفترة زمنية تنتهي بنهاية العام الجاري في مساع لتخفيف الضغط على الموازنة، ولئن التزمت باقي النقابات الصمت حيال القرار بيد أن نقابة المعلمين ارتأت الانتفاض عليه، في خطوة اعتبرها كثيرون ذات أبعاد سياسية في سياق استشعار الإخوان وجود نوايا لعزلهم سياسيا ولاسيما بعد قرار أعلى هيئة قضائية بحظر تنظيمهم.

2