الانتخابات المبكرة سلاح جونسون الأخير لتمرير بريكست

يدفع رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بمناورة جديدة بهدف تمرير اتفاقاته داخل مجلس العموم البريطاني بشأن بريكست بعد دعوته لإجراء انتخابات عامة في ديسمبر المقبل، بهدف ضمان أغلبية داخل البرلمان تخول له المصادقة على كل تفاصيل اتفاق بريكست دون عراقيل بعد تعطيل البرلمان الحالي الاتفاق الذي توصلت إليه بروكسل ولندن الأسبوع الماضي.
لندن – دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مقابلة تلفزيونية إلى تنظيم انتخابات عامة في 12 ديسمبر، الأمر الذي لا يزال يحتاج إلى موافقة المعارضة العمالية.
وقال جونسون لهيئة بي.بي.سي قبل أسبوع من الموعد المبدئي المحدد لبريكست، إنه إذا كان النواب “يريدون المزيد من الوقت لدراسة” القانون المتعلق باتفاق بريكست المبرم مع بروكسل “فيمكنهم الحصول على ذلك لكن ستكون عليهم الموافقة على انتخابات عامة في 12 ديسمبر”.
ويسعى جونسون من خلال هذا الطلب إلى كسر الجمود داخل مجلس العموم بشأن اتفاق بريكست، لكن رغبته في إجراء انتخابات تشريعية مبكرة قد تتعثر مرة أخرى في حال عدم استجابة المعارضة العمالية لذلك.
وهذه ليست المرة الأولى التي يطلب فيها رئيس الوزراء البريطاني القيام بانتخابات برلمانية مبكرة، وفشل في سبتمبر الماضي في تمرير مذكرة تقدم بها لمجلس العموم بغية إجراء الانتخابات بعد امتناع نواب المعارضة العمالية عن التصويت لصالحها.
ويفتح جونسون بطلبه انتخابات عامة مبكرة جبهة جديدة من جبهات دفاعه على اتفاق مغادرة المملكة للتكتل الأوروبي الذي لم يلق تأييدا لجدوله الزمني من قبل البرلمان الحالي.
ويعول رئيس الوزراء المحافظ على أن يتقدم حزبه في الانتخابات التي اقترحها ليتفادى استفتاء ثان على اتفاق بريكست الذي بات يطالب به البعض في لندن، ويتمكن من تمرير الاتفاقات التي يبرمها مع شركاء المملكة الأوروبيين.
وأعاد جونسون على حسابه على تويتر توجيه رسالة إلى زعيم حزب العمال المعارض جيريمي كوربن مناشدا فيها الحزب الموافقة على تنظيم الانتخابات لكسر الجمود، ومذكرا كوربن بأنه أكد مرارا أنه سيؤيد إجراء انتخابات تشريعية مبكرة بمجرد موافقة الاتحاد الأوروبي على التأجيل.
وكتب جونسون “من واجبنا وضع حد لهذا الكابوس وتزويد البلاد بحل في أسرع وقت ممكن”. وأضاف في الرسالة “هذا البرلمان رفض اتخاذ القرارات ولا يمكنه رفض السماح للناخبين باستبداله ببرلمان يمكنه اتخاذ القرارات”.
وفي ردها على دعوة جونسون قالت النائبة العمالية فاليري فاز في البرلمان إن حزب العمل “سيدعم الانتخابات بمجرد إزالة إمكانية تنفيذ بريكست دون موافقة الاتحاد الأوروبي وإذا كان التأجيل يسمح بذلك”.
ومن الواضح وفقا لمراقبين أن جونسون درس بالفعل آخر استطلاعات الرأي التي تفيد بأن المحافظين سيتقدمون بعشر نقاط على حزب العمل أي بـ35 بالمئة مقابل 25 بالمئة في حال إجراء انتخابات مبكرة.
وبعد وقت قصير من دعوة جونسون لتنظيم انتخابات، وافق البرلمان بأغلبية 310 أصوات و294 ضد الدعوة على أجندته السياسية العامة التي تم تحديدها في خطاب الملكة إليزابيث الثانية في 14 أكتوبر. وأعلن وزير العلاقات مع البرلمان جيكوب ريز-موغ أمام النواب أنهم سيتمكنون من التصويت على قرار تنظيم انتخابات مبكرة يوم الاثنين.
ولكن زعيم المحافظين خسر الأغلبية المطلقة في البرلمان على مدار عدة أسابيع بعد طرد حوالي 20 نائبا محافظا صوتوا ضده وفقد دعم الحزب الوحدوي الديمقراطي الأيرلندي الشمالي الصغير المعارض لاتفاق بريكست.
ويبحث جونسون الذي بات يخشى أن يواجه مصير رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي التي أجبرها امتناع البرلمان البريطاني عن الموافقة على خططها حيال بريكست على الاستقالة أن يستعيد حزبه الأغلبية المطلقة في البرلمان لتمرير اتفاق بريكست المنشود.
وكان جونسون قد تمكن بعد مفاوضات شاقة، الخميس الماضي من التوصل إلى اتفاق ينظم عملية خروج المملكة من التكتل الأوروبي بعد عضوية دامت 46 عاما.وبالرغم من تفاؤله الذي وصفه البعض بالمبالغ فيه إزاء وصفه لهذا الاتفاق إذ قال إنه ”سيجعل بريطانيا أعظم مكان على الأرض” إلا أن ذلك لم يغر النواب وصوتوا ضده السبت
الماضي، غير أنهم وافقوا مبدئيا عليه الثلاثاء دون أن يصوتوا لصالح التسلسل الزمني لعملية الخروج. واضطر ذلك جونسون إلى طلب تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لمدة ثلاثة أشهر.
ويتعين على القادة الأوروبيين إعطاء ردهم في الأيام المقبلة، وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية المقبلة أورسولا فون دير لايين، إن احتمال قبول الاتحاد الأوروبي تأجيل تاريخ مغادرة المملكة المتحدة “يبدو جيدا جدا”.
ولكن هذه الدول الأوروبية الـ27 لم تحسم أمرها بعد بشأن مدة التأجيل، إذ يريد بعضها مثل أيرلندا أن تمتد حتى 31 يناير فيما تريد فرنسا تأجيلا أقصر، ولم تعلن الدول الأخرى موقفها.
واتفق سفراء البلدان الـ27 على إرجاء الموافقة على تأجيل خروج المملكة من الاتحاد، على أن يصدر الرد الرسمي لبروكسل على الطلب البريطاني، الاثنين.
وقالت مينا أندريفا المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية إن سفراء الاتحاد وافقوا من حيث المبدأ، الجمعة، على إرجاء موعد خروج بريطانيا من الاتحاد لكنهم لم يحددوا موعدا جديدا.
ولم يستبعد مصدر دبلوماسي أوروبي أن يتفق القادة الأوروبيون على عقد قمة جديدة الأسبوع المقبل من الظاهر أنها ستخصص لدراسة مستجدات بريكست والنتائج المنتظرة من التمديد الثالث.
وكان من المقرر أن تخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس، لكن هذا التاريخ تم تأجيله مرتين إلى 12 أبريل ثم إلى 31 أكتوبر.