الاستفتاء الإلكتروني في ليبيا: حلحلة للأزمة أم تثبيت لها؟

مراقبون يؤكدون أن الدبيبة هو الذي يقود خطة تنظيم استفتاءات لحسم ملفات يراها ضرورية في المواجهة مع مجلس النواب وسلطات المنطقة الشرقية.
السبت 2024/10/26
يناور للانفراد بالمشهد

عاد موضوع الاستفتاء على عدد من القضايا الخلافية في ليبيا من قبل القوى الفاعلة في طرابلس ليثير جدلا واسعا حول ما قد يتسبب فيه من تعميق لحالة الانقسام، لاسيما وأن هناك نية لاستفتاء الشعب على خطة تقضي بإبقاء الوضع على ما هو عليه.

وكشف وكيل وزارة الخارجية في الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب حسن الصغير عن مخطط لرئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة للبقاء في السلطة، مشيرا إلى أنهما يعتزمان إجراء استفتاء إلكتروني عبر مفوضيتهما الخاصة بشأن عدم القبول بأي مرحلة انتقالية وعدم مغادرتهما إلى حين صدور دستور دائم.

واتهم عضو مجلس النواب علي التكبالي المجلس الرئاسي بالعمل على التعدي على صلاحيات المفوضية العليا للانتخابات ومجلس النواب عبر السعي لتفعيل جسم للاستفتاء تحت اسم “المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني”.

وقال إن المنفي ومن معه "يريدون تنظيم استفتاء إلكتروني لأنهم قادرون على التلاعب به عبر سيطرتهم على الجهات التي ستنظمه عبر وسائل الاتصالات المتاحة". وأكد التكبالي أن المجلس الرئاسي وعبدالحميد الدبيبة وجزء من مجلس الدولة يحاولون الانفراد بالمشهد ويعملون على خلق الفوضى في البلاد للذهاب نحو إعلان حالة الطوارئ.

وبحسب مراقبين، فإن الدبيبة هو الذي يقود خطة تنظيم استفتاءات لحسم جملة من الملفات التي يراها ضرورية في المواجهة المفتوحة بينه وبين مجلس النواب وسلطات المنطقة الشرقية في ظل استمرار حالة الانقسام السياسي والحكومي والعسكري، وأن الهدف الأول المطروح حاليا هو مجلس النواب.

علي التكبالي: المجلس الرئاسي يتعدى على صلاحيات مفوضية الانتخابات
علي التكبالي: المجلس الرئاسي يتعدى على صلاحيات مفوضية الانتخابات

وكان المنفي والدبيبة اتفقا في الثالث من أكتوبر الجاري على تفعيل مفوضية الاستفتاء والاستعلام الوطني في إطار الجهود المبذولة لدفع المسار الديمقراطي، مع التأكيد على أن المرحلة تتطلب تنسيقًا فعالًا بين مختلف الجهات لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي بما يخدم مصالح الشعب الليبي، وفق ما ورد في بيان حكومي.

ودخل رئيس دار الإفتاء التابعة لحكومة الوحدة الوطنية والمعزول من قبل مجلس النواب منذ عام 2014 الصادق الغرياني على خط الموضوع، عندما رأى أن قرار المجلس الرئاسي بإنشاء الهيئة الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني يغلق الباب على كل من يريد أن يتردد بأمر الانتخابات.

ويشير متابعون للشأن الليبي إلى أن الاهتمام القوي والحثيث بموضوع الاستفتاء يأتي في ظل اندفاع المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية إلى فرض قرارهما في خضم حرب الإرادات ومعركة لي الذراع مع سلطات بنغازي، لاسيما أن القوى الأساسية في طرابلس تحاول الاستفادة في الاستفتاء من وجود غالبية الناخبين الليبيين في المنطقة الغربية ذات الكثافة السكانية الأكبر في البلاد.

واجتمع رئيس المجلس الرئاسي بمقر المجلس في طرابلس مع وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية في حكومة الوحدة الوطنية وليد اللافي الذي قدم خلال اللقاء إحاطة شاملة حول الاستعدادات اللازمة لضمان مشاركة فعالة في عمليات الاستفتاء.

وفي اليوم السابق اجتمع المنفي مع الدبيبة لبحث مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد ومتابعة جهود تفعيل الاستفتاء، حسب الموقع الإعلامي للحكومة. وقال الموقع إن الجانبين أكدا على أهمية الاحتكام إلى رأي الشعب الليبي كخطوة أساسية في تحقيق الحلول السياسية اللازمة للوصول إلى الانتخابات.

وفي 11 أغسطس 2024 أصدر رئيس المجلس الرئاسي قرارا يقضي بإنشاء مفوضية للاستفتاء والاستعلام الوطني تتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة، ويكون مقرها مدينة طرابلس وتكون مهمتها تنفيذ الاستفتاء والإشراف عليه وفرز نتائجه والإعلان عنها.

وفي السادس من سبتمبر أصدر المنفي قرار تشكيل مجلس إدارة المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني برئاسة عثمان أبوبكر القاجيجي، الرئيس الأسبق للمفوضية العليا للانتخابات.

ووصف مجلس النواب قرار المنفي بأنه باطل. وأشار إلى أن إنشاء المفوضية يعد تجاوزا للصلاحيات المقررة للمجلس الرئاسي وفق اتفاق جنيف، مؤكدا أن إنشاء هيئة جديدة للاستفتاء يمس بمهام مفوضية الانتخابات العليا، التي تعد الجهة الفنية الوحيدة المختصة بتنظيم الانتخابات والاستفتاءات في البلاد.

◙ المجلس الرئاسي ينفذ خطة الدبيبة في الضغط على مجلس النواب والاتجاه نحو تعميق الفجوة بين سلطات طرابلس وبنغازي

ورأى رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة أن قرار إنشاء المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني من قبل المنفي معدوم ولا أثر له، موضحا أن القرار ليس من اختصاصات المنفي طبقا لما جاء في خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي.

لكن المستشار السياسي للمجلس الرئاسي زياد دغيم، رأى أن ذاك القرار هو “الحل الأمثل” للخروج من الأزمة السياسية، مشيرا إلى أن الاحتكام إلى الشعب عبر الاستفتاءات خطوة ضرورية في هذه المرحلة، واعتبر أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات قد فشلت في تحقيق الاستحقاقات الانتخابية المطلوبة في السابق.

وترى أوساط ليبية مطلعة أن المجلس الرئاسي ينفذ خطة الدبيبة في الضغط على مجلس النواب، وفي الاتجاه نحو تعميق الفجوة بين سلطات طرابلس وبنغازي بما يؤدي إلى دوام الأزمة السياسية وضمان بقاء السلطات الحالية في مناصبها إلى أجل غير مسمى.

وأشارت تلك الأوساط إلى وجود مبادرة مطروحة للنقاش حاليا في كواليس السياسة بطرابلس حول تنظيم استفتاء شعبي بخصوص شرعية مجلس النواب الذي كان قد تم انتخابه في يونيو 2014 ولا يزال يستمد شرعيته من غياب الحل السياسي، والهدف منها هو قطع الطريق أمام أي خطوة في اتجاه تشكيل حكومة موحدة، ومنع أي مشروع للسير نحو مرحلة انتقالية جديدة، وتجميد الأوضاع إلى حين الاتفاق على دستور جديد للبلاد، وهو ما يراه المراقبون أمرا مستبعدا في الظروف الحالية.

وقال عضو مجلس النواب خليفة الدغاري إن مسألة استفتاء المجلس الرئاسي على شرعية مجلس النواب هدفها خلط الأوراق ومناكفات لا تُسمن ولا تغني من جوع، لأن أي استفتاء لا يمكن إجراؤه إلا بقانون من مجلس النواب.

1