الاتفاق اليوناني الإيطالي يطيح بمغامرات أردوغان في شرق المتوسط

اليونان تراهن بقوة على اتفاقها مع مصر حول المنطقة البحرية بين البلدين.
الأحد 2020/06/14
الاتفاق الإيطالي اليوناني ضربة موجعة للمطامع التركية

هل يشهد الخميس القادم توقيع اتفاق مصري يوناني حول المنطقة الاقتصادية الخالدة بين البلدين يزيد من قطع الطريق أمام الأطماع التركية في ثروات المتوسط؟ خصوصا في ظل المواقف الأوروبية والدولية المتصاعدة ضد محاولات تركيا الهيمنة على المنطقة والتوسع على حساب الدول الأخرى.

وقعت اليونان، الثلاثاء الماضي، اتفاقية ترسيم للحدود البحرية مع إيطاليا اعتبرها المراقبون ضربة موجعة لمذكرة التفاهم التي تم توقيعها في 27 نوفمبر الماضي بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي بطرابلس حول المنطقة البحرية الخالصة والتي اعتبرها البرلمان الليبي باطلة، وقوبلت برفض إقليمي ودولي.

وأعلن وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، فور التوقيع على الاتفاق بين بلاده وإيطاليا، أنه سيزور القاهرة في 18 يونيو الجاري لمناقشة قضية ترسيم المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة، مؤكدا أن الإعلان عن هذه الخطوة هو أحد الأهداف الثابتة للسياسة الخارجية.

وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس عقب التوقيع على الاتفاق “اليوم هو يوم جيد لليونان وإيطاليا وأوروبا ومنطقة البحر المتوسط بأكملها. حددت أثينا وروما المناطق الاقتصادية الحصرية في المياه التي توحد البلدين الجارين، وبالتالي تمت إزالة العراقيل التي كانت وراء تعليق القضية لمدة 40 عامًا”.

ويهدف الاتفاق الثنائي الموقع بين اليونان وإيطاليا إلى تحديد مناطق الصيد البحري بين البلدين، ويعد نقطة مهمة بالنسبة لأثينا التي تواجه توترا شديداً مع تركيا المجاورة الطامعة في حقول النفط بالمنطقة وخصوصاً حق قبرص في القيام بأي عملية استكشاف للموارد النفطية في المنطقة الاقتصادية القبرصية الخالصة.

ووصف أستاذ القانون البحري الدولي والعميد السابق لجامعة بانثيون اليونانية، غريغوريس تسالتاس، الاتفاقية التي وقعتها اليونان وإيطاليا بأنها “ذات أهمية سياسية قصوى”. وقال في تصريحات لموقع “كابيتال غر” إن أهمية الاتفاق اليوناني الإيطالي تكمن في عنصرين.

وليد فارس: اتفاق اليونان مع مصر سيفسد مخطط تركيا الطامعة في حقول النفط شرق المتوسط
وليد فارس: اتفاق اليونان مع مصر سيفسد مخطط تركيا الطامعة في حقول النفط شرق المتوسط

الأول، هو ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة على أساس الجرف القاري، الذي تم ترسيمه منذ العام 1977، باستخدام طريقة خط الوسط. ويتعلق الثاني بالاعتراف بتأثير الجزر على جميع المناطق البحرية.

وتتعارض المعايير التي اتبعتها الاتفاقية اليونانية الإيطالية مع فلسفة مذكرة أردوغان والسراج غير القانونية وفقًا للقانون الدولي، في حين أنها تجذب ألبانيا إلى حد ما، بعد أن تم إبطال قرار مثير للجدل من المحكمة الدستورية بموجب الاتفاق اليوناني الألباني ذي الصلة لعام 2009.

وأبلغ رئيس البرلمان، كوستانتينس تاسولاس، الهيئة بذلك، رداً على طلب ممثل حركة التغيير، هارس كاستانيديس، لإجراء مناقشة مستفيضة حول الاتفاق، وأوضح رئيس اللجنة المختصة أنه توصل بالفعل إلى اتفاق مع مكتب البرلمان لعقد اجتماع اللجنة. كما رحبت أحزاب المعارضة بالاتفاق مع إيطاليا بشأن المنطقة الاقتصادية الخالصة، ووصفت التطور بأنه إيجابي.

وقال السفير الأميركي لدى اليونان جيفري بيات عندما سُئل عن المناطق الاقتصادية الخالصة، كجزء من مناقشة في منتدى دلفي الاقتصادي، إن جميع الجزر لها نفس حقوق البر الرئيسي، كما هو محدد في القانون البحري الدولي.

وبحسب تقرير لمنتدى دلفي الاقتصادي، طُلب من سفير الولايات المتحدة لدى اليونان التعليق على المذكرة التي وقعتها أنقرة مع طرابلس، ورد بأن “مذكرة تركيا وليبيا لا يمكن أن ينتج عنها أي شيء بعيدا عن اليونان”. بينما وصفها بأنها “غير مساعدة” و”استفزازية”.

ويبدو أن هيمنة تركيا على القرار السياسي في ألبانيا كان وراء إلغاء اتفاق تم توقيعه بين أثينا وتيرانا قبل 11 عاما، وهو ما اعترف به رئيس أركان القوات البحرية التركية المقال مؤخرا ومهندس اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا الأميرال جهاد يايجي.

وأبرزت صحيفة “ليبيرال” اليونانية “الثلاثاء الماضي، تم التوقيع على اتفاق لتحديد المناطق الاقتصادية الخالصة لليونان وإيطاليا، بعد 43 سنة من ترسيم الجرف القاري بين البلدين.

وتابعت الصحيفة في مقالها الذي جاء بقلم المحلل جورج مينسيان دولي “يجب على اليونان، بمناسبة الاتفاق، تكثيف المفاوضات مع مصر والسعي لاستئنافها مع ألبانيا. تواجه مصر معضلة أمنية بسبب وجود تركيا في ليبيا، وكذلك هيمنة السراج في الجزء الغربي من البلاد. هذا هو السبب الأنسب لإقناع مصر بالعمل من أجل التوصل إلى اتفاق، حتى ولو جزئي. إذا نجحنا، فستتلقى مذكرة التفاهم التركية الليبية ضربة قوية”.

وبالنتيجة “سينهار استمرار المنطقتين الاقتصاديتين المفترضتين المنصوص عليهما في الاتفاقية. حالة ألبانيا مختلفة. ألبانيا حليفنا في حلف شمال الأطلسي ومن منظور أوروبي. هذا هو السبب في أننا بحاجة إلى جعلها تفهم أن عليها أن تعمل معنا، مثل إيطاليا، وكبلد أوروبي. وقد حان الوقت في سياق مفاوضات الانضمام بين ألبانيا والاتحاد الأوروبي وشراكتنا المستقبلية وعلاقاتنا المتحالفة، لتسوية قضية المناطق البحرية بين اليونان وألبانيا”.

ويبدو أن اليونان تراهن بقوة على اتفاقها مع مصر حول المنطقة البحرية بين البلدين، خصوصا بعد الاتفاقية مع إيطاليا التي يرى المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وليد فارس، أنها ستفسد مخطط تركيا الطامعة في حقول النفط شرق المتوسط.

4