الاتحاد الأوروبي يتغاضى عن الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان في إيران

أرووبا لا تتجاهل فحسب انتهاكات حقوق الإنسان من جانب النظام الإيراني -والتي تعجز الكلمات عن وصفها- بل يواصل سعيدًا العمليات التجارية المعتادة مع زعماء النظام الإيراني.
الاثنين 2021/11/15
شاهد حيّ على انتهاكات حكام إيران

واشنطن - أدى دفاع الاتحاد الأوروبي عن حقوق الإنسان في بيلاروسيا ودول عديدة أخرى وتغاضيه عنها في إيران، إلى اتهام أوروبا -من قبل محللين سياسيين- بالنفاق في تعاطيها مع هذا الملف من بلد إلى آخر وبتغاضيها عن الفظائع المرتكبة في طهران مما يتيح لحكام البلاد إفلاتا كاملا من العقاب.

ويقول المحلل السياسي مجيد رفيع زاده -رئيس المجلس الدولي الأميركي للشرق الأوسط- في تقرير نشره “معهد جيتستون” الأميركي إن “الاتحاد الأوروبي، الذي يعطي المجتمع الدولي محاضرات لا نهاية لها وبشكل يتسم بالنفاق بشأن حقوق الإنسان، يغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تتسع وتتزايد من جانب النظام الإيراني”.

وأضاف رفيع زاده أن المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا سافر إلى إيران في شهر أكتوبر الماضي وناقش “المصالح المتبادلة” مع زعماء إيران، رغم انتهاكات حقوق الإنسان البشعة والوحشية التي يرتكبها النظام.

 

مجيد رفيع زاده: الاتحاد الأوروبي يدلل الحكام القمعيين في إيران

ووفقا لتقرير حديث أصدرته منظمة العفو الدولية، يقوم النظام الإيراني بإعدام أشخاص بمعدل مروع ومخيف، ويتصدر قائمة الدول التي نفذت عمليات إعدام في الشرق الأوسط خلال العام الماضي.

ويرى رفيع زاده أن الاتحاد الأوروبي يدلل الحكام القمعيين في إيران حتى في الوقت الذي حذر فيه مؤخرا جاويد رحمن -المقرر الخاص بشأن وضع حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية- بقوله إن “هناك أسبابا كثيرة وغامضة وتعسفية في إيران لتوقيع عقوبة الإعدام، والتي يمكن بسرعة أن تحوّل هذه العقوبة إلى أداة سياسية. وعلاوة على ذلك فإن العيوب الهيكلية للنظام القضائي عميقة جدا وتتعارض بشكل كبير مع مفهوم سيادة القانون، إلى درجة أن المرء يمكن أن يتحدث بالكاد عن نظام قضائي”.

وأضاف رحمن “بالإضافة إلى ذلك تعني العيوب المتجذرة في القانون وإدارة عقوبة الإعدام في إيران أن معظم حالات الإعدام، إن لم يكن كلها، بمثابة حرمان تعسفي من الحياة”.

وذكر رفيع زاده -عضو مجلس إدارة صحيفة “هارفارد إنترناشيونال ريفيو” بجامعة هارفارد- أن “قمع وإعدام السجناء السياسيين وأولئك الذين يحتجون على حكام إيران يتزايدان”.

وأضاف أنه لكي يتم إعدام السجناء السياسيين يوجه النظام القضائي الإيراني إلى المدعى عليهم اتهامات تتم صياغتها بشكل غامض تحت مسمى “جرائم الأمن الوطني”، والتي تتضمن “العداء لله” و”الإفساد في الأرض” و”التمرد المسلح”.

وليس عدد حالات الإعدام هو الأمر المروع فحسب، بل أيضا طبيعة بعضها، فقد شملت حالات الإعدام أطفالا قصر ونساء وأفرادا من أقليات عرقية ودينية.

وإضافة إلى ذلك يتعرض الأطفال والنساء والرجال بشكل روتيني للتعذيب خلال الاستجواب وخلف القضبان، ويتم إرغامهم على تقديم اعترافات. كما يتم حرمانهم من الوصول إلى محامين ومن الإجراءات القانونية الواجبة ومن الزيارات العائلية والرعاية الطبية.

ووفقا لمنظمة العفو الدولية فإنه “بعيدا عن أعين الرأي العام يخضع مسؤولو الأمن الإيرانيون بشكل روتيني الرجال والنساء والأطفال خلف القضبان للتعذيب أو لمعاملة سيئة أخرى، وبصفة خاصة عندما يتم استجوابهم في مراكز الاحتجاز التي تديرها وزارة المخابرات والحرس الثوري ووحدة التحقيق التابعة للشرطة الإيرانية (أجاهي)”.

 

جاويد رحمن: معظم حالات الإعدام في إيران حرمان تعسفي من الحياة

وقال رفيع زاده إن “النظام الإيراني لجأ منذ عقود إلى العقوبات المتمثلة في التعذيب والإعدام، ويبدو أن الهدف من ذلك هو بثّ الخوف بين أولئك الذين ينتقدون ويعارضون الملالي الحاكمين”، متابعا أن “ممارسة التعذيب تتم جسديا ونفسيا”.

وحسب منظمة العفو الدولية “يتم بشكل متكرر وضع أقنعة على وجوه الضحايا أو تعصيب أعينهم، ثم تُوجَّه إليهم لكمات أو يتم ركلهم وجلدهم وضربهم بالعصي والخراطيم المطاطية والسكاكين والهراوات والأسلاك، وتعليقهم أو إجبارهم على اتخاذ أوضاع إجهاد مؤلمة لفترات طويلة، وحرمانهم من الغذاء الكافي والمياه الصالحة للشرب، كما يتم وضعهم في الحبس الانفرادي الطويل، أحيانا لأسابيع أو شهور، ويُحرَمون من تلقي رعاية طبية لعلاجهم من الجروح التي يصابون بها خلال الاحتجاجات أو الناتجة عن التعذيب”.

وذكر رفيع زاده أن حكام إيران يرفضون وقف عمليات الإعدام التي ينفذونها ولا يكفون عن انتهاكاتهم لحقوق الإنسان، ولا يقومون بإصلاح نظامهم القمعي لأنهم لا يشعرون بأي ضغط من الاتحاد الأوروبي الذي عادة ما يقدم المواعظ المتعلقة بالسلوك الأخلاقي. ولذلك فإنهم يتصرفون على أساس أنهم سيفلتون من العقاب إفلاتا كاملا، والصمت الواضح من جانب الاتحاد الأوروبي يجعله بالتالي شريكا في جرائمهم بمحض إرادته.

وتابع رفيع زاده أن “القوى الأوروبية لم تفشل في محاسبة النظام الإيراني عن انتهاكاته واسعة النطاق لحقوق الإنسان فحسب، بل إنها تقيم علاقات تجارية مع حكام إيران”.

ومن شهر يناير حتى شهر يوليو العام الجاري ضخت تجارة الاتحاد الأوروبي مع إيران مئات الملايين من الدولارات في خزينة النظام.

وذكرت صحيفة فايننشال تريبيون أن “ألمانيا ظلت أكبر شريك تجاري لإيران خلال الأشهر السبعة التي تمت مراجعتها، حيث تبادلت الدولتان بضائع بما قيمته 1.01 مليار يورو. وجاءت إيطاليا في المرتبة الثانية حيث بلغ حجم التجارة مع إيران 347 مليون يورو”.

ويرى رفيع زاده أنه “لَأمر مثير للاشمئزاز أن الاتحاد الأوروبي، الذي هو نفسه دائما يقدم للعالم محاضرات بشأن حقوق الإنسان، لا يتجاهل فحسب انتهاكات حقوق الإنسان من جانب النظام الإيراني -والتي تعجز الكلمات عن وصفها- بل يواصل سعيدًا العمليات التجارية المعتادة مع زعماء النظام الإيراني القاسي وغير الإنساني”.

6