الإمارات تستثمر في ترميد المخلفات لتوليد الكهرباء

تواجه خطة الحكومة الإماراتية، التي أعطت الضوء الأخضر لبناء محارق لترميد النفايات غير القابلة لإعادة التدوير وتحويلها إلى كهرباء، بعض التحفظات من قبل منظمات معنية بالبيئة، في الوقت الذي تزداد فيه معدلات الاستهلاك في البلاد بموازاة ارتفاع الطلب على الطاقة.
الشارقة (الإمارات) - تعكف السلطات الإماراتية على بناء أربع محارق لترميد المخلفات، لتكون بذلك أول بلدان الشرق الأوسط التي تشرع في عملية “تحويل النفايات إلى طاقة” يمكن الاستفادة منها.
وفي حين تظهر بيانات حكومية أن معدل استهلاك الفرد من الكهرباء يعد من بين الأعلى على مستوى العالم، تشير إحصائيات وزارة البيئة إلى أن معدل النفايات المنزلية يبلغ حوالي 1.8 كليوغرام للفرد في اليوم، وهو من بين الأعلى في العالم كذلك.
وفيما يؤكد القيّمون على المشروع أنّ المخاطر البيئية الناجمة عن الحرق ضئيلة، تحذر منظمات غير حكومية من بيانات قد تفتقر للدقة وملوثات تقول إنه لم يتم قياسها بشكل كاف لتحديد مدى ضررها.
وقالت المهندسة نوف الوزير، التي تعمل في شركة “بيئة” المشرفة على المشروع في إمارة الشارقة، لوكالة الصحافة الفرنسية “لا يعلم كل الناس أن للنفايات قيمة. في شركة بيئة، هذا هو المبدأ الذي نعتمده”.

نوف الوزير: لا يعلم كل الناس أن للنفايات قيمة، لكنه مبدؤنا بشركة بيئة
وحاليا، ينشغل عمّال في إنجاز المنشأة في الوقت المحدد، حيث إنّه من المقرّر أن تبدأ العمل بحلول نهاية العام الجاري على أن تكون قادرة على استيعاب 300 ألف طن من النفايات سنويا، لتزود حوالي 28 ألف منزل بالكهرباء.
وتملك شركة بيئة خمس منشآت مختلفة تتخصص كل منها في معالجة وإعادة تدوير أنواع معينة من النفايات، مثل نفايات البيوت العادية والمركبات غير الصالحة للاستعمال.
وفي دبي المجاورة، المعروفة بناطحات السحاب ومراكز التسوق الكبيرة المتعطشة للطاقة، تم التخطيط لإنشاء محرقة أكبر في 2024 في منطقة الورسان 2 بتكلفة إجمالية تبلغ نحو 1.2 مليار دولار. ومن المتوقع أن تتعامل مع 1.9 مليون طن سنويا أو 45 في المئة من النفايات المنزلية في الإمارة.
ويقول رياض بستاني، مؤسس شركة إيكوسكوير في دبي، التي تقدم حلول إدارة النفايات للصناعة والخدمات العامة، إنّ في الإمارات “نستهلك كثيرا ونرمي كثيرا”.
وتتراكم النفايات في مكبّات ضخمة، بينها ستة في دبي وحدها تغطّي 1.6 مليون متر مربع، وهي مساحة تقول بلدية الإمارة إنه يمكن أن تصل إلى نحو 5.8 مليون متر مربع في العام 2041 إذا لم يتم التوصل إلى حلول أخرى.
وتفيد إيما باربر، مديرة شركة دغريد التي تصنّع الملابس والأكسسوارات من زجاجات المياه البلاستيكية المعاد تدويرها، بأن تكاليف مكبّات النفايات “تكاد تكون معدومة، لذا فهي رخيصة للغاية، كما أنّه من السهل التخلص من جميع المواد في الصحراء”.
وأعلنت دبي في السابق عن رغبتها في تقليص مكبّات النفايات بنسبة 75 في المئة بحلول العام 2021.
وشرعت الإمارات، وهي من بين أكبر عشر بلدان مصدّرة للنفط في العالم، في حملة لتنويع اقتصادها ومصادر الطاقة، لاسيما مع تدشين أول محطة للطاقة النووية في العالم العربي.
وأعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية الخميس اكتمال الأعمال الإنشائية في المحطة الثالثة من محطات براكة للطاقة النووية.
وقالت في بيان على منصتها الإلكترونية إن المحطة، الواقعة بمنطقة الظفرة في العاصمة أبوظبي، تستعد الآن للتشغيل وهي بصدد بدء العمل لتوصيل الكهرباء النظيفة في 2023.
وبحسب تقرير حكومي صدر في 2019، تعتمد البلاد بنسبة 90 في المئة على الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة. وتشير إحصائيات الوكالة الدولية للطاقة إلى زيادة في استهلاك الكهرباء في الإمارات بحوالي 750 في المئة منذ العام 1990.
ومنذ ذلك الوقت، تحوّلت الإمارات إلى مركز إقليمي للأعمال والسياحة والاستثمار والبناء، وتضاعف عدد السكان وتطوّرت البنية التحتية بشكل جذري في بلد معروف بمراكز التسوق فيه والسيارات الفاخرة ومكيفات الهواء المنتشرة في كل مكان.

رامي شعار: تحويل النفايات إلى كهرباء ليس بالضرورة طاقة خضراء
ويرى يانيك فاك، الخبير في منظمة زيرو ويست أوروبا، أن حرق النفايات قد يكون الحل “الأسهل” بدل المكبات التي تستهلك مساحة، مشيرا رغم ذلك إلى أنّ الحرق بعيد عن أن يكون “وسيلة” مراعية للبيئة.
وقال فاك لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ “الأكثر فائدة للمناخ والبيئة هو جمع النفايات وفرزها وإعادة تدويرها بشكل أكبر مما عليه الوضع حاليا”.
ودعت المنظمة غير الحكومية ومقرها بروكسل إلى وقف تشييد محارق نفايات جديدة والتخلص التدريجي من المحارق القديمة بحلول العام 2040، محذرة من أن الكهرباء التي تنتجها كثيفة الغازات المسببة للاحتباس الحراري، حتى بالمقارنة مع بعض محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري.
ويوضح فاك أن “الحرق أكثر فاعلية عندما ينتج الحرارة أيضا، وبالتالي فهو عملي في بلدان الشمال الأوروبي. ولكن إذا تم إنتاج الكهرباء فقط، فإنّ كثافة غازات الاحتباس الحراري لهذه الطاقة تكون عالية جدا”.
وفي مطلع أكتوبر الماضي، أعلنت الإمارات أنها تسعى إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول العام 2050، وهو ما يتطلب الإسراع في تنفيذ مخططها لإنتاج الكهرباء من المصادر النظيفة.
واعتبر رامي شعار، الشريك المؤسّس لشركة واشمان لغسل الملابس وكيها التي تجمع الغسيل من الزبائن إلى جانب النفايات المفرزة، أن تحويل النفايات إلى كهرباء ليس “بالضرورة طاقة خضراء”.
وأضاف “إنه حل نوعا ما تجاه عدم استخراج المزيد من النفط، لكنّه لا يحل المشكلة برمتها”.