الإماراتية فاطمة المزروعي: القراء سبب تراجع القصة القصيرة

كاتبة متعددة تشغلها قضايا المرأة والأطفال في عالم متغير.
الأحد 2023/05/21
المرأة الإماراتية الأديبة تثبت نفسها في جميع الميادين

الكتابة في أكثر من جنس أدبي تعد تجربة مثيرة وتغري بخوضها، ورغم  ما فيها من متعة فإنها تمثل تحديا صعبا للغاية، خاصة من ناحية المزاوجة بين فنون أدبية مختلفة دون الضرر بجنس على حساب الآخر. ولكن المتابع للساحة الثقافية العربية يلاحظ الطفرة الروائية ما ينبئ بتغييرات جذرية. “العرب” كان لها هذا الحوار مع الأديبة الإماراتية فاطمة المزروعي حول الأجناس الأدبية وتنوعها وغيرها من القضايا الراهنة.

تكتب الأديبة الإماراتية فاطمة سلطان المزروعي في أكثر من جنس أدبي من المقالة إلى الشعر والقصة إلى الرواية والمسرح، كما لها اطّلاع كبير على أدب الطفل ما يجعل منها تجربة أدبية متنوعة الروافد كما نتبين في الحوار معها.

العرب: كيف جاءت فاطمة المزروعي إلى عالم القصة والشعر والرواية والمقالة؟ هل الأمر يتعلق بشكل من أشكال التجريب الإبداعي بحثا عن الذات؟ أم ماذا؟

المزروعي: أعتبر الكتابة في هذه المجالات نوعا من التحدي الذي أمارسه مع نفسي، وشغفا بالتجارب الجديدة، فالانتقال من جنس إلى آخر أعتبره نوعا من التجريب الإبداعي وبحثا عن ذاتي التي ترغب بالتنوع والتنقل المستمر، فلم تعد القصة في يوم من الأيام تكفي لمعالجة القضايا التي أرغب بتناولها، فأصبحت الرواية ملاذا لبعض القضايا التي يمكن لي التجول فيها بحرية والبحث عن الأجوبة للأسئلة التي تدور في أذهاننا.

 كما أن الشعر هو حالة تعبر عن مشاعر الكاتب الجياشة وتعاطفه مع الحالات الإنسانية ونقله لصور مرهفة بطريقة موسيقية، ولا تختلف المقالة سوى بنقل تلك القضايا بصورة أكثر واقعية ومنطقية والمساهمة في حلها ووصولها إلى أكبر شريحة من المجتمع، والمسرح أبوالفنون وعوالم تتسع لإيقاعات مختلفة من الحياة يؤديها ممثلون بصورة أكثر نقاء وإحساسا، لذلك جاءت هذه الأجناس الأدبية معبرة عن الحالات التي يعاني منها الكاتب على اختلافها.

الكتابة والتلصص

g

العرب: ما هي قصة الحلم الذي أوصلك إلى كتابة القصص والروايات والكتب وغيرها حتى أصبح لديك كل هذه المؤلفات؟

المزروعي: منذ طفولتي عشقت القراءة، حتى في أوقات الامتحانات الخاصة بالمدرسة، كانت القراءة تصبح هي الأمتع ربما لأنها كانت تخفف عني وطأة الامتحان وخوفه وقلقه، ومع الوقت صار لدي حلم وهو أن تصبح لدي إصدارات، كان الحلم يكبر معي والرغبة تصبح أمنية وهاجسا كبيرا، ومع الوقت والقراءة كان الحلم يكبر ويكبر مع الكتابة وتعدد الأجناس الأدبية والجوائز والإصدارات والتكريمات والفعاليات والمشاركة في العديد من المحافل داخل الدولة وخارجها، وكل يوم عندما أرى حلمي بدأ يتحقق بسبب الشغف الذي أملكه وحب هذه الهواية التي تحولت بالفعل إلى عمل دائم وتنوع وإصرار لا يمل.

أصبحت اليوم فخورة جدا بنفسي بالحلم الذي بدأ معي منذ الطفولة وأصبح اليوم حقيقة، ولذلك أقول للجميع لا تتوقفوا عن الحلم؟ سوف يتحقق في يوم مّا، فأنا حلمت فقط بإصدار واحد يحمل اسمي واليوم لدي أكثر من 20 إصدارا متنوعا في جميع المجالات الأدبية.

العرب: في حوار سابق لك وصفت نفسك بـ”المتلصصة ” ربما البعض لا يفهم بالمعنى الإيجابي، كيف تفسرين ذلك؟

المزروعي: إن البحث عن الأفكار واصطيادها ليس سهلا، وبالأخص تلك الأفكار المتميزة، النادرة، المختلفة، ولذلك انتهجت منهجا مختلفا في البحث عن تلك الأفكار، فأصبحت أستغل الأماكن التي أذهب إليها سواء للترويح عن نفسي أو لزيارتها بغرض التسلية أو التبضّع أو لزيارة المستشفيات أو المراكز التجارية، كنت أشعر بمتعة حقيقية وأنا أستمع لتلك الحكايات والقصص والحوارات التي تدور في أروقة الأماكن التي أزروها.

 مواقف كثيرة مرت عليّ لا يمكن أنا أنساها، وربما كانت من أكثر الأماكن التي أجد فيها تلك القصص الغريبة، المستشفيات، ففي غرف الطوارئ، جمعتني الظروف المرضية أحيانا مع أشخاص لا أعرفهم ولم ألتقهم ولكن حكاياتهم وقصصهم صارت جزءا مني، كنت أستمع لأحاديثهم في فضول، وأحيانا بضحكة أو فرحة ومرات كثيرة بحزن، أغلبية القصص التي أكتبها في حكاياتي هي من قصص سمعتها وأعدت كتابتها بطريقتي، أضفت إليها الكثير من الأحداث والتفاصيل، ومزجتها مع حكايات وتفاصيل أخرى، ليس الغرض من تلصصي على الآخرين معرفة أمورهم ولا فضول بالاطلاع على أخبارهم وحياتهم بقدر ما كانت الحكايات والقصص تشغلني وتؤجج صدري وتوقظ لديّ عالما كبيرا متعلقة به.

الكتابة للأطفال مختلفة جدا وصعوبتها تكمن في اختيار المواضيع والحذر في طريقة الطرح واختيار الكلمات والتعبير عنها

العرب: هل يمكن أن تعتبري نفسك محظوظة أم لك تفسير آخر؟

المزروعي: أعتبر نفسي محظوظة لأنني إماراتية وربما جزء كبير من أحلامي ككاتبة تحقق لأني أعيش على هذه الأرض الخصبة التي ترعى المواهب الإماراتية، كما أرى أن الشغف والإصرار والأحلام والقراءة قادتني إلى تحقيق فعل الكتابة وطرح الأفكار، فدعم القيادة الرشيدة كان دافعا لي للتميز وتحقيق الإبداع والكتابة اليومية في الصحف الإماراتية التي أتاحت لي الفرصة لذا أعتبر نفسي محظوظة وإنسانة مجتهدة وعصامية تواجه التحديات بكل عزم وقوة.

العرب: باعتبارك رئيس  الأرشيفات التاريخية في الأرشيف الوطني بأبوظبي، إلى أي حد كان مفيدا وساعدك في تنمية مواهبك؟

المزروعي: وظيفتي لا تتقاطع مع موهبتي، فقد تخصصت في مرحلة البكالوريوس في التاريخ واستكملت مرحلة الماجستير في تخصص العلوم السياسية، ولطالما ساعدني هذا الجانب في كتابتي للمقالات التاريخية والتراثية والاجتماعية، فقراءة الوثائق والتعرف على الأخبار اليومية في الصحف والمجلات إضافة إلى تعلمي مهارة تحليل الأخبار والاستفادة من التاريخ في جميع الكتابات من مسرح وسينما وقصص أطفال وروايات وغيرها، ولديّ أعمال روائية قادمة تستلهم التاريخ وتحكي جزءا كبيرا من تاريخ دولة الإمارات في فترة الأربعينات والخمسينات إضافة إلى كتب بحثية متنوعة تتناول موضوعات في التاريخ والتراث.

العرب: نعرف أنك تكتبين في الصحافة والمسرح، برأيك هذا التنوع يزيد الكاتب إبداعا أم لك وجهة نظر خاصة؟

f

المزروعي: بطبيعتي أميل إلى التعبير عن نفسي في كل جنس، والكتابة المتنوعة إنما هي تنوع في هواياتي وتعبير عن شخصيتي، وأجد أن لها مساحة في حياتي ويمكنني أن أعبر بها بصور مختلفة، فمتى رغبت في كتابة المسرح لا يوجد لديّ مانع حتى أقدم أعمالا أدبية فيه، ورغم أن الكتابة اليومية قد تأخذ وقتا مني بالإضافة إلى حيز من التفكير والإرهاق اليومي غير العمل، إلا أنني عندما أنجز هذا العمل أشعر بالمتعة والسعادة، ولذلك لا أجد أن هناك تعارضا، هناك حيز ومساحة ويمكن للجميع أن يبدع في جميع المجالات الثقافية.

المرأة الإماراتية

العرب: فاطمة المزروعي جاءت بعد أكثر من جيل أدبي كيف تنظرين إلى تجربة الأجيال التي سبقتك؟

المزروعي: إن تجربة الأدب الإماراتي منذ بدايتها تجربة ثرية قائمة على التنوع في جميع المجالات الأدبية في الشعر والمسرح والقصة والرواية والمقال والسينما، وهذه التجارب كبرنا عليها، وتشربنا منها الكثير، وقد ساهمت في إثراء المشهد الإماراتي بهذا التنوع الثري، فجميع الأعمال السابقة لأدبائنا كانت أعمالا غنية بالمعارف وتطرقت للتراث والبيئة والقضايا الاجتماعية وساهمت في معالجتها والتعرف على العادات والتقاليد وسلوكيات المجتمع المحافظ القائم على التسامح والمحبة والتواصل والتعارف وتقدير الأسرة واحترامها وغيرها من المفاهيم، وهذه التجارب مهمة جدا تناولت البحر والنخلة والتراث والبيوت الطينية وغيرها ولولا تلك الكتابات لما وصلت إلينا وإلى العالم.

العرب: سؤال يتردد دائما، الأدب النسائي في الوطن العربي، أدب المرأة، المرأة والأدب، عناوين كثيرة وكبيرة قد تثير الانتباه ماذا تقولين في تلك العناوين؟

المزروعي: أولا أنا لا أميل إلى تقسيم الأدب إلى ذكوري وأنثوي أو نسوي، ولست مع مثل هذه التصنيفات، بل أعتقد أن الأدب نفسه لديه من التقسيمات والتصنيفات ما يكفيه من أن نضيف له عبئا جديدا وتسمية جديدة، الأدب هو من الإنسان إلى الإنسان وحسب. لكن اسمح لي بالحديث عن المرأة نفسها ومعاناتها وبطبيعة الحال إذا كتبت ستجد منجزاتها نفس المعاناة، بمعنى نحن في حاجة إلى معالجة وضع المرأة وبالتالي ستجد مفاصل حياتها الأخرى سواء في الكتابة أو في أيّ مهمة إنسانية قد صلحت واستقامت وقامت بدورها الحقيقي.

الرواية هي الأدب الأكثر شيوعا والأكثر بساطة وسهولة ويستطيع أن يصل إلى أكبر عدد من القراء اليوم

المرأة تحتاج في مجتمعاتنا الخليجية بالذات – أستثني بلدا أو اثنين – إلى إصلاح وضعها بسن المزيد من القوانين التي تحميها وتمنحها حق المواطنة بشكل كامل ومستقل عن الرجل، إذا تم هذا فإن المنجزات التي تكتبها ستجد ماسحة أكبر وهي نفسها ستجد أنها حرة لتكتب بحرية وتفكر بحرية وتعيش أيضا بحرية. إنني مع مصطلح الأدب الإنساني دون تصنيف أو تحديد، لأن محاولة تقسيم المقسّم خطيئة كبرى، وأقصد بتقسيم المقسم، الأدب، الذي تم تصنيفه وتجنيسه لعدة أنواع، لذا من البديهي أن أكتفي بتلك التوزيعات التقليدية دون المزيد من التنويع، هذا في جانب، لكن لعل الجانب الأهم هو الرفض لمحاولة قراءة الأدب وفق تمييز ذكوري أو أنثوي.

العرب:  كيف تعالجين قضية المرأة في كتاباتك، هل استطعت أن تنصفيها أم لا؟

المزروعي: تناولت كتاباتي على اختلاف أجناسها قضايا المرأة الاجتماعية، الأم والأخت والزوجة والعاملة والطبيبة والمهندسة وغيرها، فالمرأة الإماراتية قد حصلت على حقوقها كاملة، اليوم نراها في كافة المناصب إلى جانب الرجل، ونجد أن هناك مساواة كبيرة وتقديرا واحتراما لها، وفي المقابل ما تقدمه الإماراتية اليوم واضح في جميع المجالات، تشهد بذلك النجاحات التي حققتها على الصعيد المحلي والخليجي والعربي والعالمي، ولكن ما يزال وضع المرأة في العالم مزريا فما تزال تعاني من العنف والطلاق وعدم المساواة والظلم والقهر.

f

لقد كتبت في الكثير من هذه المواضيع، وذكرت الكثير من النسب والأدلة والإحصائيات التي تظهر عالم المرأة ومشكلاتها التي لا حصر لها، فلديّ مجموعة كبيرة جدا من المقالات التي نشرت في كتب مختلفة منها كتابي “بشر للنساء انقراض الرجال” الذي تناول قضايا المرأة على اختلافها وكتابي “الرجل الأصم والمرأة العمياء” وكتابي “قصص الناس” وغيرها من الكتب التي خاضت في العديد من المواضيع التي تهم المرأة وتلقي الضوء على مشاكلها على اختلاف أدوراها ونجاحها في جميع الميادين، ولكن ما تزال قضايا المرأة تشغل قلمي وسوف أظل أكتبها بنفس الروح والرغبة والشجاعة والحماس حتى يراها العالم بأكمله وأتمنى أن أنصفها بحق في كتاباتي.

العرب: إلى أي مدى أثبتت المرأة الإماراتية إبداعها في المجال الأدبي؟

المزروعي: استطاعت المرأة الإماراتية الأديبة أن تثبت نفسها في جميع الميادين وبالأخص المجال الأدبي، نرى اليوم الكاتبة الإماراتية في مختلف الأجناس الأدبية تكتب في المقال والشعر والمسرح والقصة والرواية وترجمت لها المئات من الكتب إلى اللغات الأجنبية، وحضرت في العديد من الفعاليات وشاركت في المهرجانات الدولية على اختلافها سواء داخل الدولة أو خارجها واستطاعت أن تحصل على الجوائز الأدبية وتكرم من جميع الجهات الثقافية، أصبحت المرأة الإماراتية حاضرة بقوة إبداعها ونجاحها وتفوقها وذكائها واجتهادها على اختلاف أدوارها، فاليوم نراها كاتبة وناشرة ومخرجة وسينمائية ومحررة وممثلة، لقد نجحت المرأة الإماراتية واستطاعت أن تتبوأ أفضل المناصب القيادية في دولتنا.

الرواية وأدب الطفل

العرب: نلاحظ تحول أغلب كتاب القصة إلى الرواية، برأيك لماذا هذا التحول والتغيير؟

المزروعي: لقد تغيرت ميول القراء وأذواقهم، وبالتالي قل الطلب على القصة القصيرة وأصبح الطلب على الرواية، وبالتالي غيرت دور النشر اتجاهها فصار الطلب على شراء الروايات وقراءتها، بمعنى اتجه الكتاب إلى الرواية، فصارت الرواية حاجة وضرورية لهذا المجتمع الذي أصبح يرغب بالحصول على شيء يشبهه ويعبر عنه، لذلك فمن وجهة نظري كانت الرواية هي الأدب الأكثر شيوعا والأكثر بساطة وسهولة ويستطيع أن يصل إلى أكبر عدد من القراء الذين يعشقون هذا الأدب ويرون فيه أنفسهم وقضاياهم ويعبر عنهم.

الكاتبة لا تميل إلى تقسيم الأدب إلى ذكوري وأنثوي أو نسوي رافضة مثل هذه التصنيفات معتبرة الأدب إنسانيا فحسب

العرب: صدر كتاب “فاطمة المزروعي وتشظيات الإبداع  الأدبي” للناقد الدكتور هيثم الخواجة، يسلط الضوء على نتاجك الإبداعي في الرواية، والقصة القصيرة، والمسرح، والشعر، وأدب الأطفال، مبينا كيف يعكس صورة مشرقة عن الأدب الإماراتي، ألا تعتبرين هذا الأمر بحد ذاته تكريما لك؟

المزروعي: طبعا أيّ دراسة تتناول أعمالي الأدبية أعتبرها بمثابة تكريم لي، وحقيقة أفتخر جدا بهذا العمل والدراسة القيمة التي قام بها الدكتور هيثم الخواجة، فهذه الدراسة شاملة ومستفيضة وتتناول الكثير من جوانب الإبداع لدي، وقد تناول الدكتور هيثم بكل دقة وبعين ناقدة بحسب خبرته في مجال النقد، وأعتبرها هي وغيرها من الدراسات والمقالات والأحاديث الصحفية والحوارات وأيّ جانب يتناول كتاباتي وقصصي ورواياتي وأعمالي بالنقد إنما هو تكريم وتقدير، ومن هذا المنبر أوجه للجميع الشكر والامتنان على جميع القراءات والدراسات على اختلافها، فهذه الدراسات رغم اختلافها إنما هي إضافة إلى الساحة الإماراتية والمشهد الثقافي، أتمنى مع الوقت أن يأخذ مساحة وحيزا أكبر.

‏العرب: وماذا عن  تجربتك في الكتابة الأدبية للأطفال وما هي المراحل والمحطات التي مررت بها؟

f

المزروعي: وجدت أني كتبت جميع الأجناس الأدبية إلا أدب الطفل، لقد تأخرت جدا في الكتابة للطفل، وهذا الأمر فعلته متعمدة لإيماني أن الكتابة للطفل تحتاج إلى المزيد من النضج والخبرة والمعرفة والثقافة وطريقة للتعامل مع الطفل، لقد كتبت للطفل مجموعات قصصية تخاطب مواضيع قريبة جدا منه ومن بيئته المدرسية، فطفل اليوم طفل ذكي يستطيع أن يفسر بكل سهولة ويستطيع التعامل مع الأشياء بكل ذكاء لذلك فاليوم نحتاج إلى أدب يخاطب عقله ويشجعه على التفكير والبحث.

العرب: هل يختلف أدب الطفل عن غيره من الآداب؟ وأين تكمن صعوبته في نظرك؟

المزروعي: الكتابة للأطفال مختلفة جدا، وصعوبتها تكمن في اختيار المواضيع والحذر جدا في طريقة الطرح واختيار الكلمات والتعبير عنها. إن الطفل ذكي جدا ويفهم محتوى القصص التي تكتب من أجله، وبالأخص طفل اليوم الذي تحيط به التقنية في جميع مراحل حياته، لذلك نريد أدبا يخاطب عقله وكيانه وطريقة تفكيره، نريد أدبا يدخله في التحدي ويشجعه على الإبداع والابتكار ويجعله يساهم في البحث عن الطريقة والحل وتقديم الأجوبة بطرق مختلفة، فالأدب للطفل اليوم يختلف عن الماضي، نريد أدبا يقدم الماضي والحاضر والمستقبل بطريقة ذكية ويعرّف الطفل بماضيه وماضي أجداده وبمفردات التراث والبحر والبيئة ويتوافق مع الفضاء والعلوم الرياضية والفيزيائية وغيرها من المفاهيم.

العرب: ما رأيك في المواصفات التي يجب توافرها في النص المقدم إلى الطفل؟

المزروعي: أن تخاطب النصوص عقل الطفل وأن يتناسب المحتوى مع هذا التطور الحاصل اليوم، فاليوم وسائل التواصل قريبة من الطفل وفي متناول يده، إننا اليوم في حاجة إلى أعمال أدبية للطفل، ملائمة لثقافته، قادرة على الإقناع والتأثير، تتصف بالشجاعة وبالإيثار والقيم، بعيدة عن المثالية، يريد الطفل أن يرى نفسه هو البطل الذي يستطيع القيام بكل شيء، لذلك فتلك الأعمال القائمة على النصائح لا نفع لها. نحن في حاجة إلى أعمال قادرة على جذبه وتحتوي على رسوم ملونة وشخصيات جذابة وتسطيع أن تشده في الحوار والسرد وتناسب مراحله العمرية .

10