الإفتاء المصرية تدخل على خط "تيك توك" بحساب يتضمن خطبا غريبة عن محتواه

هل تنجح المؤسسة الدينية في استقطاب مستخدمي التطبيق.
الاثنين 2021/08/23
محتوى العصر الرقمي لا يختلف

مع أن تطبيق “تيك توك” معروف بأنه خاص بالمقاطع المصورة وغالبية رواده شباب يقدمون محتوى مثيرا، إلا أن دار الإفتاء المصرية قررت مزاحمة هؤلاء بحساب يتضمن محتوى غريبا عنهم يتضمن خطبا وفتاوى دينية.

القاهرة - أثار إعلان دار الإفتاء المصرية بتدشين حساب على تطبيق تيك توك جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي. ومنذ إعلان الخطوة قبل يومين ولم يتوقف هاتف كبار المسؤولين في الدار عن تلقي أسئلة عديدة للاستفسار عن الخطوة التي بدت عجيبة، حيث تصور البعض أنهم يجهلون المحتوى الذي يقدم على هذا التطبيق والفئة الموجه إليها وقدرة الدار على الصمود في مواجهة المد الكاسح لفيديوهات مصورة خليعة تحذب الشباب.

وكشفت ردود بعض المسؤولين عن تفسير معنوي جذاب للتطبيق، حيث شبهه أحدهم بالسكينة التي يمكن ذبح شاة بها وهي حلال، أو ذبح إنسان وهو حرام، بينما ذهب آخر إلى أن المنصة لها وجهان، أحدهما ضار والآخر نافع.

وقادت بعض التبريرات إلى الشعور بأن دار الإفتاء المصرية تريد مسايرة موجة طرق أبواب كل التطبيقات كي تبدو حريصة على الوصول لقطاع كبير من الجمهور، وهو شيء مهم شريطة أن يكون الجمهور مستعدا لتقبل هذه البضاعة لأن المتطرفين كهدف للدار يقبلون على منصات يمكن مواجهتهم من خلالها أقلها “تيك توك”.

وقالت دار الإفتاء عبر حسابها على فيسبوك الأربعاء “من أجل المزيد من الوعي، من أجل المزيد من التواصل الفعّال، دار الإفتاء المصرية تنشئ حسابا لها على منصة جديدة، من أجل نشر الفتاوى الصحيحة بالفيديو، تابع حساب دار الإفتاء المصرية على تيك توك”.

وتضمن الحساب الجديد فيديوهات لشيوخ تابعين لدار الإفتاء يناقشون قضايا من نوعية، رأي الدين في التحرش الجنسي، قتل الحيوانات مثل القطط والكلاب، وفيديو عن مبادرات ومؤتمرات دار الإفتاء داخل مصر وخارجها في نشر الفتاوى.

وشهد حساب دار الافتاء على “تيك توك” انقساما بين مؤيدين للخطوة باعتبارها تواكب تكنولوجيا العصر بهدف الوصول إلى شريحة عريضة من الشباب، ومعارضين لها لأن المنصة معروفة بتقديم محتوى حافل بفيديوهات راقصة ومخلة أحيانا.

وأشار الخبير في تكنولوجيا وأمن المعلومات وليد حجاج إلى أن وجود منصة للفتوى على “تيك توك” قد يكون خطوة جيدة لأن المؤسسات الدينية مطالبة بالذهاب إلى الشباب، ولا تنتظر أن يأتوا إليها في ظل وجود شريحة منهم ضخمة على هذا التطبيق، ومحاولة بعض التيارات المتشددة استمالتهم بخطاب ديني متطرف وأسلوب مرن.

وأضاف لـ”العرب” أن معدلات انتشار أفكار الإلحاد والتطرف على التطبيقات الاجتماعية صارت كبيرة، ومطلوب من دار الإفتاء أن تقطع الطريق عليهم بالطعن في توجهاتهم، ولا يجب التذرع بأن الشباب يستهوون الغناء والرقص فقط، لأنهم في النهاية بحاجة لمن يستقطبهم ويمدهم بالمعلومات الوسطية.

ودرجت دار الإفتاء المصرية على توظيف الفضاء الرقمي بلغات متعددة، وطرقت أبواب العديد من المنصات الأخرى التي تتواءم ظروفها مع المحتوى الذي تقدمه.

وأوضح عبدالغني الهندي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن “أزمة الخطاب والفتاوى هي أزمة حضور، ولو نظرنا إلى القضية باعتبار أن ‘تيك توك’ يقدم محتوى غير أخلاقي ويجب تجنبه فالساحة سوف تكون مفتوحة لدعاة التطرف الذين استغلوا غياب المؤسسات الدينية عن القيام بدورها”.

وليد حجاج: المؤسسات الدينية أصبحت مطالبة بالذهاب إلى الشباب
وليد حجاج: المؤسسات الدينية أصبحت مطالبة بالذهاب إلى الشباب

ولفت في تصريح لـ”العرب” إلى أهمية انتشار جهات الفتوى على التطبيقات الاجتماعية ذائعة الصيت بخطاب عقلاني ومتمسك “حتى لو بلغ الأمر حد الدعوة أمام وكر لتعاطي الخمور والرقص والغناء”.

وعقد في القاهرة يومي 2 و3 أغسطس الجاري مؤتمر الإفتاء العالمي السادس، بعنوان “مؤسسات الفتوى في العصر الرقمي”، واتفقت وفود إسلامية من 85 دولة على أهمية التصدي للجماعات المتطرفة وما تبثه من أفكار وفتاوى تكفيرية، وضرورة اقتحام دور الإفتاء ميدان التكنولوجيا والاستفادة منها في مواجهة المتطرفين، وبحثوا متطلبات تطوير دور الفتوى تقنيا.

وأوضح إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر، الأمين العام لما يسمى بدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن أمانة الإفتاء عقب انتهاء المؤتمر السادس “تحولت إلى خلية نحل من أجل وضع خطة لبدء تنفيذ التوصيات والمشروعات التي تم الإعلان عنها”.

ويبدو حساب “تيك توك” خطوة روتينية أكثر منها عملية اتخذها من لا يعرفون الكثير عن محتوى التطبيق، أو يعرفون وتجاهلوا ذلك كي لا تترك دار الإفتاء منصة إلا ودقت أجراسها فيها، بصرف النظر عن مدى المواءمة العلمية والفنية.

وذكرت بعض الأرقام الرسمية التي نشرتها المنصة الشهيرة أن 41 في المئة من مستخدمي تطبيق “تيك توك” تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عامًا.

وجاءت الدراما في صدارة فئات المحتوى الأكثر تداولًا بين مستخدمي هذا التطبيق في مصر، ويليها الرياضات التقليدية مثل كرة القدم، وحلت الموسيقى في المرتبة الثالثة بين أكثر الموضوعات التي شغلت المصريين على هذا التطبيق.

توظيف الفضاء الرقمي
توظيف الفضاء الرقمي

اقرأ أيضا: #زواج_بارت_تايم يثير الجدل في مصر

19