الإعلام الموريتاني في اختبار لنزاهة تغطيته الانتخابية وحياديتها

"الهابا" تمنع وسائل الإعلام العمومي من بث المبادرات الداعمة للمترشحين بعد شكوى الانحياز للرئيس.
الأربعاء 2024/06/05
تأكيد الحياد

تسعى السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية في موريتانيا "الهابا" إلى تأكيد حياد دورها خلال الحملة الانتخابية الرئاسية التي تنطلق يوم 14 يونيو الحالي، بعد الاتهامات التي واجهتها خلال الأيام الماضية من قبل عدد من رموز المعارضة الذين اعتبروا أن الإعلام العمومي يدور في فلك الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني المرشح للحصول على ولاية ثانية وقدموا شكوى رسمية للسلطة.

وعقدت السلطة اجتماعا مع المدراء العامين لمؤسسات الإعلام العمومي، وتمت مناقشة موضوع الانتخابات المقبلة وضوابط التغطية الإعلامية المهنية وتكريس الخدمة العمومية فضلا عن الحصص المجانية المخصصة بالإعلام العمومي للمترشحين خلال الحملة الانتخابية، والتغطية الإعلامية لأنشطة المترشحين، والحرص على متطلبات التوازن والمساواة في الحصص الإعلامية والبرامج الحوارية والاستثمار الأمثل للاستحقاقات كمناسبة لإعلاء قيم الحرية والديمقراطية والعدالة .

وأكد ولد مدو خلال الاجتماع على واجب "تأمين النفاذ العادل للمترشحين في وسائل الإعلام العمومي، وتمهين التغطية الإعلامية للانتخابات والاضطلاع بالتهذيب المواطني والتثقيف الانتخابي وإقامة الحوار الذي يساهم في إثراء الفضاء العمومي مع الحرص على البعد التمثيلي لكل المترشحين"، كما شدد على واجب "مراعاة مبادئ العدل والمساواة بين المترشحين في كل الطبعات الخبرية والبرامجية والإعلانية بوسائل الإعلام العمومي والنأي عن كل ما من شأنه المساس بمبدأ المساواة بين المترشحين".

◙ ولد مدو يؤكد على واجب تأمين النفاذ العادل للمترشحين في وسائل الإعلام العمومية وتمهين التغطية الإعلامية للانتخابات
◙ ولد مدو يؤكد على واجب تأمين النفاذ العادل للمترشحين في وسائل الإعلام العمومية وتمهين التغطية الإعلامية للانتخابات

ومنذ الأربعاء الماضي، أطلقت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية لقاءات تشاورية بممثلي المترشحين وممثلي المجتمع المدني والسلطات المكلفة بتنظيم الانتخابات فضلا عن الإعلاميين بالقطاعين العمومي والخاص وذلك وصولا لتأمين التغطية المهنية للانتخابات وضمان النفاذ العادل للمترشحين إلى وسائل الإعلام ونفاذ المواطنين والناخبين إلى برامج تثقيفية وتنويرية متخصصة وبرامج حوارية مهنية.

وشددت “الهابا” على حرصها على “الاضطلاع بدورها الكامل في تأمين النفاذ العادل لكل المترشحين ووفق الضوابط القانونية التامة وانفتاحها التام على المعالجة الفورية والقانونية لمختلف الشكاوى الواردة إليها من مختلف المترشحين”. وقررت "الهابا" منع وسائل الإعلام العمومي من بث المبادرات الداعمة للمترشحين للانتخابات الرئاسية. وأشارت خلال بيان إلى أنها تلقت رسالة شكوى مقدمة من قبل مترشحين للانتخابات الرئاسية حول “مخرجات بعض وسائل الإعلام العمومي في الفترة الأخيرة”.

وأضافت أنها استقبلت ممثلا عن المترشحين وأطلعته على الإجراءات المتخذة لضمان النفاذ العادل لمختلف المترشحين إلى وسائل الإعلام خلال هذه الفترة السابقة على الحملة الانتخابية. وأوضحت أن من بين الإجراءات التي اتخذتها "تأمين نفاذ عادل في الفترة ما قبل الانتخابات، ووقف جميع البرامج التي قد يتداخل فيها البعد الخيري بالبعد الدعائي، والحرص في التغطيات على التوضيح الصارم بين مكانة رئيس الجمهورية كرئيس وموقعه كمترشح للرئاسيات، وواجب مراعاة منسوب التغطية للمتطلبات القانونية الناظمة للحالتين".

وكان مرشحو المعارضة لانتخابات الرئاسة في موريتانيا هددوا الجمعة، بمقاطعة وسائل الإعلام العمومية (الرسمية)، بحجة تحيزها لمرشح الأغلبية الحاكمة محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يحكم البلاد منذ 2019، ويترشح لفترة لولاية ثانية.

واتهم خمسة مترشحين محسوبين على المعارضة، وهم حمادي ولد سيدي المختار، وبيرام الداه أعبيدي، والعيد ولد محمد، وأتوما أنتوان سليمان سومارى، ومامادو بوكاري، وسائل الإعلام الرسمية في البلاد، بأنها تحولت إلى منصات دعاية لمرشح بعينه في إشارة إلى الرئيس الحالي ولد الغزواني، وأشاروا إلى أن التلفزيون والإذاعة الحكوميين قاما ببث تقارير مرئية ومسموعة عن أنشطة ومبادرات داعمة لمرشح السلطة، وتتبّع ما تصفه هذه المؤسسات بحصيلة "الإنجازات خلال المأمورية المنقضية"، وتسويقها تسويقا دعائيا فجّا وصريحا، مؤكدين أنه في حال لم تتم معالجة هذه القضية فإنهم سيضطرون إلى مقاطعة وسائل الإعلام الرسمية.

وشدد مرشحو المعارضة على ضرورة "التنفيذ الصارم للنصوص القانونية بما يضمن وقف مسار استغلال النظام للإعلام العمومي في الدعاية الانتخابية خارج أوقاتها وبشكل فج" مضيفين أنه إذا لم تتم معالجة هذه المسألة فإنهم سيضطرون لمراجعة موقفهم من السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية بما في ذلك موضوع تسيير الحصص المجانية خلال الحملات الانتخابية القادمة.

◙ مرشحو المعارضة يشددون على ضرورة التنفيذ الصارم للنصوص القانونية بما يضمن وقف مسار استغلال النظام للإعلام العمومي في الدعاية الانتخابية

وقال المترشحون إنهم سجلوا "مخالفات قانونية صريحة تكررت على مدى الأسابيع الأخيرة في مساطر بث المؤسسات السمعية البصرية العمومية، وعلى رأسها التلفزيون والإذاعة، حيث تحولا إلى منصتي دعاية انتخابية لمرشح بعينه في السباق الرئاسي". ودعا المترشحون الخمسة السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية إلى "استحضار الدور الذي أناطه بها المشرع الموريتاني، وطالبوا السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية بممارسة صلاحيتها والقيام بالدور الرقابي على أكمل وجه، لضمان حياد الإعلام العمومي، وحفظ حقوق جميع المترشحين وفق النصوص القانونية المسطرة.

وأردف أصحاب البيان مخاطبين "الهابا"، "بشكل أكثر دقة وتحديدا، نطالبكم بتنفيذ أحكام المادة: 5 من القانون، بكل أجزائها، والتي تنيط بسلطتكم مهمة ضمان النفاذ المنصف للأحزاب السياسية إلى وسائل الإعلام والاتصال العمومية وأن من مسؤولياتها أن تسهر خلال الفترات الانتخابية على تساوي فرص المترشحين في النفاذ إلى وسائل الإعلام العمومية (واستخدم المشرع الفترات ولم يستخدم عبارة خلال الحملات ولا يخفى عليكم أن فترة الانتخابات تبدأ من استدعاء هيئة الناخبين)، كما تلزم ذات المادة خلال تقسيم فترات البث أن يكون الوقت المخصص لمداخلات الرئيس في إطار مهامه الدستورية لا غير"، لافتين إلى ما نصت عليه الفقرتان 8 و10 من المادة 4، واللتان تنصان على إلزام السلطة بـ"السهر على احترام النفاذ العادل للأحزاب السياسية (..) إلى وسائل الإعلام العمومية حسب الشروط التي تحددها القوانين والنظم"، وكذلك بـ "تحديد قواعد إنتاج وبرمجة وبث البرامج المتعلقة بالحملات الانتخابية".

وتصدرت موريتانيا مؤشر حرية الصحافة عربيا وأفريقيا لعام 2024، وفق تقرير صادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية، حيث احتلت المرتبة 33 عالميا والأولى عربيا وأفريقيا، وتقدمت 53 نقطة على مؤشر حرية الصحافة مقارنة بالعام الماضي، حيث كانت تحتل المرتبة 86 عالميا.

5