الإعلام الليبي يحاول توحيد خطاباته في مواجهة فاجعة درنة

إيقافات تطال صحافيين ليبيين بسبب نشرهم أخبارا مضللة.
الثلاثاء 2023/09/19
مأساة درنة توحد الليبيين

عكس الخطاب الإعلامي الذي رافق تغطية مأساة درنة المستمرة رغبة أصحاب المؤسسات الإعلامية بليبيا في إعادة تصويب البوصلة نحو تعزيز الوحدة بدل الانقسام والتشرذم اللذين ميزا السنوات الماضية.

درنة (ليبيا) - يتطلع الليبيون إلى توحيد الخطابات الإعلامية في بلادهم بعد سنوات من الانقسام المؤسساتي والسياسي والعقائدي، فيما بدأت مؤسسات إعلامية ورقابية في ملاحقة الصحافيين والإعلاميين المتورطين في نشر أخبار زائفة أو الحضّ على الفتنة.

وأعلنت هيئة الرقابة الإدارية الليبية عن إيقاف مدير هيئتها الإعلامية نبيل السوكني، وإحالته إلى التحقيق، بعد تصريحات تحدث فيها عن تفجير سدود درنة بصاروخين من دون صوت.

وقالت الهيئة في بيان لها إنها فوجئت بما ورد على صفحة السوكني، بعد الكارثة الطبيعية التي حلت بمناطق مدن شرق ليبيا، خاصة مدينة درنة المنكوبة.

وأضافت الهيئة أنها تستنكر ما ورد على لسان المسؤول، وتعتبره تصرفا شخصيا لا يمثل إلا نفسه، ولا علاقة لهيئة الرقابة الإدارية الليبية به، مشيرة إلى أنها اتخذت إجراءات رادعة بوقفه عن العمل وإحالته إلى التحقيق.

وقررت قناة “ليبيا الحدث” القريبة من قيادة الجيش، والتي تبث برامجها من بنغازي، إيقاف الإعلامي محمد شركس عن العمل إلى أجل غير مسمى بعد تعرضه لحملة على مواقع التواصل الاجتماعي تتهمه بإثارة الفتنة، وهو ما نفاه شركس عن نفسه.

وفي الأثناء حذرت نقابة الصحافيين في العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية الصحافيين والإعلاميين من مغبة نشر أو بث أي أنباء أو تقارير، أو الإدلاء بأي تصريحات مكتوبة أو متلفزة، تحمل بيانات أو معلومات مشوشة غير مثبتة ومدعمة بالقرائن والأدلة، حول أسباب تفاقم أوضاع السيول في درنة وأسباب انهيار السدود.

وأكدت النقابة في بيان أن مسؤولية الصحافي والإعلامي تحتم عليه عدم نشر أي معلومات إلا بوجود قرائن وأدلة وفق تحقيق استقصائي مهني شامل ومتكامل الشروط، بهدف تقديم الحقيقة، وليس بهدف تصفية حسابات أو ضرب مصالح أو تحقيق مكاسب.

وأضافت أن استسهال بث ونشر المعلومات دون أدلة وعمل صُحفي مهني هو في الحقيقة نوع من أنواع الارتزاق وحصد المتابعين وسرقة الأضواء، ولا يخدم المصلحة العامة بأي شكل من الأشكال، خصوصاً خلال الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن جراء الكوارث والأزمات.

وأشارت النقابة إلى من وصفتهم بالصحافيين والإعلاميين الشرفاء، سيقفون في وجه كل من تسول له نفسه بث الفتن والشائعات خصوصا في هذا الوقت الحساس الذي يسطر فيه أبناء ليبيا أعظم ملاحم التآزر والتآخي والتعاضد.

نقابة الصحافيين تحذر من مغبة نشر أو بث أي تقارير، أو الإدلاء بأي تصريحات، تحمل بيانات غير مثبتة

ويرى مراقبون أن هناك تحولا واضحا في الخطاب الإعلامي نحو التركيز على مفهوم الوحدة الوطنية والدعوة إلى طي صفحة الماضي واتخاذ فاجعة درنة مناسبة لتكريس قيم التضامن والتعاضد والتكافل بين كل الليبيين.

وفي مبادرة غير مسبوقة قامت قنوات فضائية ليبية الجمعة الماضية بتوحيد بثها التلفزيوني لمدة سبع ساعات تحت شعار “صرخة وطن”، وذلك للمساهمة في الحملة الشعبية لمساعدة المنكوبين، جراء العاصفة دانيال التي ضربت المنطقة الشرقية.

وشاركت في البث الموحد قنوات “الوسط” و”الوطنية” و”ليبيا الحدث” و”ليبيا الأحرار” و”المسار” و”شبكة سلام” و”منصة حكومتنا” و”ليبيا الرسمية” و”ليبيا الرياضية” و”ليبيا الجديدة” و”فبراير”، بالإضافة إلى العشرات من الإذاعات والمواقع الإلكترونية.

وأعربت الهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي المحسوبة على حكومة الوحدة الوطنية عن تقديرها وامتنانها لعدد من وسائل الإعلام الليبية، على مبادرتها خلال هذا المنعطف الحرج في تاريخ البلاد، ببث موحد يدعم جهود الإغاثة وينبذ الفرقة ويبتعد عن تسييس الأزمة. وأشادت بالتزامها الثابت بدعم السلام، وبجهودها القيمة من أجل إيصال الإغاثة إلى المدن المتضررة جراء السيول والفيضانات.

وقالت الهيئة “في وقت ابتليت فيه أمتنا بالانقسام السياسي لأكثر من 8 سنوات، تعالت هذه المؤسسات على الانقسام، واستخدمت برامجها كوسيلة للوحدة والتضامن، من خلال البث الموحد، ولعبت دورا حاسما في تعزيز الشعور الجماعي بالتضامن بين أبناء شعبنا، كان تجمعهم لنشر الوعي حول جهود الإغاثة مفيدًا في حشد الدعم، وشحذ الهمم للتآزر في وقت كانت فيه بلادنا بحاجة إلى كل حبة عرق، لإنقاذ كل قطرة دم”.

وتابعت “نعترف بالتأثير الإيجابي الذي أحدثوه من خلال توجيه مواردهم لخدمة الصالح العام، علاوة على ذلك نحن على يقين من أن هذه المبادرة ستعبّد الطريق للسلام المجتمعي، كونها أشعلت شعورًا بالأمل والتفاؤل يتردد صداه في جميع أنحاء البلاد”.

5