الإعلام الحزبي يبدأ في الحشد للانتخابات المغربية

حزب الأصالة والمعاصرة يعزز مجموعته الإعلامية بصحيفة ورقية.
الجمعة 2020/12/04
الحضور الصحافي لا يكفي دون تأثير

يتطلع حزب الأصالة والمعاصرة المغربي إلى أن تكون مجموعته الإعلامية أداة فعالة لمواجهة المنظومة الإعلامية لحزب العدالة والتنمية، في المعركة الانتخابية القادمة، ويسعى لتلافي أخطاء التجارب الإعلامية السابقة التي لم تستطع الصمود عقب خسارة الانتخابات عام 2016.

الرباط - أطلق حزب الأصالة والمعاصرة المغربي، صحيفة ورقية جديدة تحت اسم “التراكتور” باللغتين العربية والفرنسية، ويتحضر لإطلاق قناة على الإنترنت، قبل أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية، ما يشير إلى اتجاه الأحزاب لتكثيف حضورها الصحافي والإعلامي استعدادا للمعركة الانتخابية.

واعتبر عبداللطيف وهبي الأمين العام للحزب، في افتتاحية الصحيفة، أن هذه الخطوة تندرج في إطار إرادة الحزب الذي يعتبر القوة السياسية الثانية في البلاد، في تقديم “مساهمة حاسمة وعلى نطاق واسع لعمل وإشعاع المملكة”.

و”التراكتور” هي النسخة المطبوعة لموقع إلكتروني يصدر بثلاث لغات العربية والفرنسية والإنجليزية “من أجل تقوية تواصل الحزب مع مناضليه ومع الرأي العام”.

عبداللطيف وهبي: تقوية حضور الحزب على الإنترنت سيكون الوسيلة المثالية للدفاع عن مشروعه السياسي والمجتمعي

ويتطلع الحزب إلى أن تكون مجموعته الإعلامية التي تضم موقعا إلكترونيا وصحيفة ورقية وقناة تلفزيونية على الإنترنت ستنطلق قريبا، أداة فعالة لمواجهة المنظومة الإعلامية لحزب العدالة والتنمية التي استطاعت تحقيق نتائج إيجابية في انتخابات عام 2016.

وأشار وهبي إلى أن “تقوية حضور حزب الأصالة والمعاصرة على شبكة الإنترنت ستكون الوسيلة المثالية للدفاع عن صورة المملكة وقضاياها المقدسة، وكذلك عن المشروع السياسي والمجتمعي للحزب”.

وتضمن العدد الأول الذي تم تخصيصه بالكامل لقضية الكركرات بلاغا للمكتب السياسي للحزب ندد فيه بـ”المناوشات العقيمة والتصرفات الطائشة” لانفصاليي البوليساريو. باعتبارها القضية الرئيسية الأولى اليوم في المغرب.

في المقابل تضم مجموعة حزب العدالة والتنمية الإعلامية موقعا إلكترونيا إخباريا، ومجلة إلكترونية، وقناة تلفزيونية على الإنترنت، إلى جانب صفحات رسمية على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر وإنستغرام.

وتحرص القيادات الحزبية على التركيز على التواصل المستمر مع المواطنين، بالاعتماد على منابر متخصّصة في الإعلام الإلكتروني، تتولى عملية الدفاع عن برنامج الحزب ومواقفه، والرد على الخصوم السياسيين، في إطار الحرب الإعلامية والنفسية، ولا تتردّد هذه المنابر في تبادل الاتهامات في ما بينها، بالتوازي مع تسويق نموذج حزبي مثالي، وتصحيح الصور والتحكّم في صناعة الأخبار ورواجها.

وتركز القوى السياسية على الوجود والحضور والاستثمار الدائم في الأخبار، قبيل فترة الانتخابات وإنتاج الصور الخاصة بها، عبر عدد من الوسائط، من قبيل إنجاز سلسلة من ريبورتاجات وبث فيديوهات دعائية، وإصدار بيانات أو الإدلاء بتصريحات لتحديد المواقف والأفكار والتصورات والتصدّي للهجمات الإعلامية التي تهدف إلى زعزعة ثقة الناخبين. إضافة إلى إجراء اللقاءات مع وسائل الإعلام المحلية والدولية.

ويطرح المتابعون تساؤلا اليوم حول إمكانية حزب الأصالة والمعاصرة في الإمساك بخيوط اللعبة الإعلامية، والاستفادة من التجارب الماضية التي لم تحظ بالنجاح المطلوب في انتخابات 4 سبتمبر عام 2015 المحلية، وانتخابات 7 أكتوبر عام 2016 التشريعية.

وأطلق الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري، في ديسمبر 2015 مجموعة “آخر ساعة” الإعلامية، بكلفة مالية وصلت إلى 65 مليون درهم مغربي (حوالي 6 ملايين ونصف المليون دولار أميركي)، بمساهمة من مستثمرين مغاربة وأجانب. وضمت 6 منصات إعلامية، وهي جريدة “آخر ساعة”، وموقع “كُشْك” الإلكتروني الإخباري، وجريدة “لَادِيبِيشْ”، ومجلات “أفكار”، و”لكل النساء”، و”تَافُوكْتْ” الأمازيغية.

لكن المجموعة سرعان ما بدأت بالتعثر، وأغلقت جميع منابرها، بعد خسارة حزب الأصالة والمعاصرة معركته السياسية في انتخابات 7 أكتوبر 2016 التشريعية، والتي حل فيها ثانيا، خلف حزب العدالة والتنمية.

وأفاد مدير النشر في “آخر ساعة”، عبدالقادر الشاوي، في تصريحات حينها، بأن المجموعة كانت تدافع عن قيم الانفتاح والتعدد والديمقراطية في مواجهة مشاريع مجتمعية أخرى، إلا أنها واجهت إكراهات في الميدان الإعلامي والسياسي.

”التراكتور” هي صحيفة ورقية لموقع إلكتروني يصدر بثلاث لغات العربية والفرنسية والإنجليزية من أجل تقوية تواصل الحزب مع الرأي العام

وأضاف أن المجموعة عرفت منذ تأسيسها “نزيفا ماليا” بسبب التكاليف العالية للأجور والطباعة وغيرها من المصاريف، مشيرا إلى أن محاولات وقف هذا النزيف باءت بالفشل بسبب ضعف الإشهار وغياب الدعم العمومي.

وشهدت انتخابات 7 أكتوبر 2016 التشريعية منافسة شرسة بين الحزبين على الصدارة. وفاز بها حزب العدالة والتنمية بـ125 مقعدا من أصل 395 يتكون منها مجلس النواب المغربي، مقابل 102 مقعد للأصالة والمعاصرة، الذي اختار التوجه إلى صفوف المعارضة.

ويقول متابعون إنه على حزب الأصالة والمعاصرة مراجعة حساباته هذه المرة والتفكير في آليات إعلامية مختلفة تنسجم مع التطورات الجارية في البلاد، والاعتماد على الحضور القوي في مواقع التواصل الاجتماعي عبر مضامين وأدوات جديدة، فالإعلام الحزبي التقليدي غير مجد إذا لم يواكب التطور بالشكل والمضمون. وقد شهد تراجعا لصالح الإعلام الجديد بدأ مع ظهور الصحافة الخاصة والمواقع الإلكترونية.

وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة للتنافس السياسي بين الأحزاب المغربية، وهو ما ظهر جليا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لكونها توفر فرص التواصل المجاني والمباشر مع المواطنين وفرصة لإقناعهم بحملاتهم الانتخابية.

وبعد أن كانت تشهد حضورا كبيرا للإسلاميين فيها، أصبحت ساحة لمختلف التوجهات والآراء السياسية خصوصا بعد انتخابات 2016.

وفي الآونة الأخيرة، انتبه عدد من الأحزاب السياسية إلى ضرورة الاستثمار في المنصات الرقمية، فوضعت خططا ورؤى تتعلق بالتواصل الإلكتروني، وأنشأت صفحات رسمية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مواجهة الخصوم وتسويق برامجها ومشاريعها السياسية.

ويرى خبراء إعلام أن الصحافة المستقلة تبقى أقوى تأثيرا من الصحافة الحزبية، فظهور الصحف الخاصة فتحت آفاقا جديدة أمام القارئ سواء من حيث طريقة طرح المواضيع أو من حيث سقف التناول، في حين أن الصحف الحزبية تظل مرتبطة في غالب الأحيان بالتوجه السياسي للحزب المالك لها.

واستطاعت الصحف المطبوعة تصدر أرقام مبيعات الجرائد الورقية، في أواخر القرن الماضي وبداية القرن العشرين. لكن مع بدء أزمة الصحافة العالمية، لم تسلم الصحافة الحزبية ولا المستقلة من تراجع معدلات القراءة، وهو ما دفع نوابا برلمانيين إلى التقدم بمقترح قانون جديد يرمي إلى إحداث صندوق لدعم توزيع الصحف المغربية، التي تعاني ضعفا كبيرا في المبيعات.

18