الإسلاميون يقلبون الواقع: حفتر خطر على شمال أفريقيا وليس تركيا

تونس - قوبلت تصريحات وزير الداخلية في حكومة الوفاق الواجهة السياسية للإسلاميين في ليبيا، فتحي باشاغا التي حذر خلالها دول شمال أفريقيا من مشروع القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر على المنطقة، باستهزاء محلي ومغاربي إذ كيف لقوات الجيش التي تحاول منذ تسعة أشهر دخول العاصمة أن تشكل خطرا على المنطقة.
وتحولت ليبيا إلى ساحة نفوذ لتركيا ومحطة مهمة ضمن أجندتها الرامية لبسط مشروعها الإقليمي في منطقة شمال أفريقيا، لذلك رفعت أنقرة الدعم العسكري للميليشيات الإسلامية في طرابلس ولوحت بإرسال قوات تركية للتصدي لسيطرة الجيش على العاصمة.
وقال فتحي باشاغا “إن خليفة حفتر له مشروع كبير لإثارة الفوضى” وإن “التحالف بين ليبيا وتونس وتركيا والجزائر سيكون داعما للاستقرار”.
وأوضح فتحي باشاغا في مؤتمر صحافي عقده في تونس أن كامل منطقة شمال أفريقيا مستهدفة وليس طرابلس فقط، مبينا أنه إذا سقطت طرابلس ستسقط تونس العاصمة والجزائر.
واعتبر مراقبون أن هذه التصريحات ليست غريبة عن تيار الإسلام السياسي الذي كثيرا ما يعتمد في حربه الإعلامية على أسلوب قلب الوقائع والحقائق واتهام خصومه بنفس التهم الموجهة إليه بهدف الترويج لمشاريعه.
ويرى هؤلاء أن زج باشاغا المحسوب على الإسلاميين، بالجزائر وتونس في الحلف التركي القطري الإخواني تشير لصعوبات يواجهونها في إقناع الدولتين بالانضمام إلى حلفهم، وهو ما أكده نفي الرئاسة التونسية.
ونفت مؤسسة الرئاسة التونسية الخميس وجود أيّ حلف مع أحد أطراف النزاع في ليبيا ردا على ما ورد في تصريحات باشاغا والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتحدث أردوغان في خطاب في أنقرة عن وجود اتفاق مع الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء زيارته الأربعاء إلى تونس، لدعم حكومة الوفاق.
ونفت المستشارة الإعلامية بمؤسسة الرئاسة التونسية رشيدة النيفر وجود هذا التحالف.
وأوضحت النيفر في ردها “لم تطرح هذه المسألة بالمرة والدولة التونسية تبقى متمسكة بالحل السلمي للأزمة الليبية، كما جاء في بيان تونس للسلام وكما أكده أيضا رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال زيارة الرئيس التركي مؤخرا”.
ودفعت زيارة أردوغان إلى تونس ضمن وفد يضم وزيري الدفاع والخارجية ومدير المخابرات ومستشارين أمنيين، تكهنات على السطح بالتحضير لتدخل عسكري وشيك في ليبيا تشارك فيه تونس.
واعتبر متابعون أن زيارة أردوغان إلى تونس تهدف لتشكيل تحالف إقليمي يواجه التحالف الذي تسعى اليونان لتشكيله لإبطال اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين أنقرة وحكومة الوفاق.
وأعلن وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس بعد جولة خارجية استهدفت الرياض وأبوظبي وعمان والقاهرة وبنغازي، أن قمة رباعية بين قبرص ومصر واليونان وفرنسا ستعقد في يناير المقبل في العاصمة المصرية.
وتهدد اتفاقية أنقرة وحكومة الوفاق مصالح اليونان ومصر وقبرص بشكل متفاوت في البحر المتوسط. ومن شأن سيطرة الجيش الليبي على طرابلس وتشكيل حكومة جديدة إبطالها.
وتوقع أردوغان، حصول حكومته على تفويض من البرلمان التركي في 8 و9 يناير من أجل إرسال جنود إلى ليبيا تلبية لدعوة الحكومة الشرعية.
وجاء في بيان رسمي للرئاسة التونسية “تونس لن تقبل بأن تكون عضوا في أيّ تحالف أو اصطفاف على الإطلاق، ولن تقبل أبدا بأن يكون أيّ شبر من ترابها إلا تحت السيادة التونسية وحدها”.
وأضاف البيان “إن رئيس الجمهورية حريص على سيادة تونس واستقلالها وحرية قرارها، وهو أمر لا يمكن أن يكون موضوع مزايدات أو نقاش، ولا توجد ولن توجد أيّ نية للدخول لا في تحالف ولا في اصطفاف”.
وأكد النائب طلال ميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي، في اتصال هاتفي مع “العرب” من شرق ليبيا، أن ما ورد على لسان أردوغان وفتحي باشاغا، يعكس حقيقة المخاوف التي سبق أن عبر عنها الليبيون من الدور التركي الخطير الذي يستهدف أمن واستقرار ليبيا والمنطقة بأسرها.
واعتبر أن ما قاله أردوغان يعكس تمنياته التي لن تتحقق على أرض الواقع، داعيا في هذا السياق القوى التونسية إلى التصدي للتغلغل العثماني في تونس وليبيا، ونزع الغطاء عن الأدوات الوظيفية التي تسعى إلى تمريره.
وأشار إلى أن البرلمان الليبي، سيتوجه إلى الجامعة العربية، وكذلك أيضا الاتحاد الأفريقي ومختلف المؤسسات الإقليمية والدولية لوضع حد للعبث التركي في ليبيا، محذرا في نفس الوقت تونس من السماح لتركيا باستعمال أراضيها لضرب ليبيا.
وكشف في هذا السياق عن مخططات يجري التحضير لها لضرب القاعدة العسكرية الجوية “الوطية” القريبة من الحدود التونسية، انطلاقا من تونس، مؤكدا في المقابل أن الجيش الليبي سيُفشل جميع تلك المخططات.
وأفاد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف الخميس، أن الأراضي الليبية أصبحت ملاذا للمرتزقة من عدد كبير من البلدان، وكذلك للعناصر الإرهابية.
وقال بيسكوف “نتيجة لتدخلات دول معروفة جيدا لتدمير بنية الدولة الليبية، أصبحت ليبيا ملاذا للمرتزقة من عدد كبير من البلدان، وكذلك للعناصر الإرهابية”.