الإحصاء العام للسكان في المغرب يدعم البرنامج الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية

العاهل المغربي يدعو وزير الداخلية والمندوب السامي للتخطيط وكافة المحافظين إلى السهر على التنظيم العملي الأمثل للإحصاء.
السبت 2024/06/22
عدد مدن المليون يتزايد في المغرب

الرباط - أسدى العاهل المغربي الملك محمد السادس، تعليماته السامية من أجل التعجيل بمعالجة وتحليل نتائج الإحصاء العام المقبل للسكان والسكنى حتى تكون أداة مهيكلة للسياسات العمومية على المستويين الوطني والمحلي، لافتا إلى أن هذه العملية، التي ستنظم نهاية الصيف الجاري ستشكل “مساهمة قيمة في تجسيد مشروعنا المجتمعي وفي تحقيق نموذجنا التنموي”.

وأكد الملك محمد السادس، في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بخصوص الإحصاء العام السابع للسكان والسكنى، أن التنظيم الدوري لهذه العملية، على رأس كل عشر سنوات، يشكل ”اختيارا حكيما يمكننا من الاستعداد الجيد لفهم التطور الديمغرافي والسوسيو – اقتصادي لبلادنا بشكل دقيق، واستشراف الاحتياجات المتغيرة لمواطنينا، وإعداد السياسات الملائمة تبعا لذلك “.

وأوضح الملك محمد السادس، أن “الإحصاء العام للسكان والسكنى وبالنظر إلى ما توفره هذه العملية من معطيات ومؤشرات مهمة ومتعددة، فإنها ستساهم مساهمة قيمة في تجسيد مشروعنا المجتمعي وفي تحقيق نموذجنا التنموي القائمين معا على مبادئ الديمقراطية السياسية، والنجاعة الاقتصادية، والتنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي”.

كما دعا العاهل المغربي وزير الداخلية، والمندوب السامي للتخطيط، وكافة الولاة والعمال (المحافظون)، إلى السهر على التنظيم العملي الأمثل لهذا الإحصاء، في ظل احترام الآجال المحددة، وبتنسيق محكم مع باقي المتدخلين في الميدان”، مهيبا بالمغاربة إلى “المبادرة، على المعهود فيهم، بالتعاون التام والمشاركة الفعلية في هذه العملية ذات النفع العام بما سيقدمونه من معلومات موثوقة ودقيقة”.

محمد بودن: المغرب يراهن على اعتماد الرقمنة في إحصاء السكان
محمد بودن: المغرب يراهن على اعتماد الرقمنة في إحصاء السكان

وبخصوص الاستعداد للإحصاء العام، أكد الملك محمد السادس في رسالته إلى أخنوش، أنه “لا يخامرنا أدنى شك أنك لن تدخر جهدا في السهر على تيسير سبل النجاح الكامل لهذا الاستحقاق الوطني الكبير الذي يتطلب، إلى جانب التعبئة الشاملة لموارد بشرية ولوجستية مهمة، انخراطا وتنسيقا وثيقا وفعالا من لدن جميع الإدارات والمؤسسات العمومية والمصالح اللامركزية، بالإضافة إلى السلطات والجماعات الترابية والجهوية والإقليمية والمحلية، وندعو وزير الداخلية، والمندوب السامي للتخطيط، وكافة الولاة والعمال، إلى السهر على التنظيم العملي الأمثل لهذا الإحصاء، في ظل احترام الآجال المحددة، وبتنسيق محكم مع باقي المتدخلين في الميدان”.

وأكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، أن الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى رئيس الحكومة المتعلقة بالإحصاء العام السابع للسكان والسكنى 2024 “يضع محددات هذه العملية الكبرى التي ستشكل نتائجها القاعدة الأساس بالنسبة لأصحاب القرار والفاعلين خلال بلورة سياسات عمومية في جميع القطاعات”.

وأوضح آيت الطالب، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية، أن “هذه الرسالة الملكية تتميز بتناولها، بشكل دقيق وعلمي، لمواضيع جديدة ضرورية لمختلف السياسات والاستراتيجيات العمومية، خاصة الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية، وهو ما يجسد الاهتمام البالغ الذي ما فتئ جلالة الملك يوليه لتحسين ظروف عيش المواطنين”.

وذكر الوزير أن هذا البرنامج الملكي الهام الذي يروم النهوض بالعدالة الاجتماعية والمجالية يشكل “ثورة اجتماعية حقيقية بالنظر لآثاره على شريحة واسعة من المجتمع المغربي”، مضيفا أن “الإحصاء العام للسكان والسكنى سيمكن أصحاب القرار من جمع وتحيين المعطيات السوسيو-اقتصادية للأسر، مع تمكينهم من إمكانية التوفر على رؤية استشرافية للحاجيات في مجالات الصحة والحماية الاجتماعية. كما أن من شأن هذا الإحصاء أن يسهل تكييف البرامج مع الواقع الراهن والمستقبلي من أجل استجابة أفضل لانتظارات المواطنين”.

وأعلنت المندوبية السامية للتخطيط أن أحمد الحليمي العلمي، المندوب السامي عقد بحضور المدراء المركزيين والجهويين، اجتماعا خصص للوقوف على سير التحضيرات الخاصة بإنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024، وأعطى تعليماته للمدراء الجهويين من أجل التسيير الأنسب للاستحقاقات المبرمجة في مسلسل إنجاز الإحصاء.

وأفاد محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن “الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة، تضمنت توجيهات مرجعية من شأنها أن تنير طريق مختلف المتدخلين لوضع هذا الاستحقاق الهام ضمن الطموحات الوطنية من منطلق تراكم الخبرات الذي تحقق في المحطات الست السابقة للإحصاء، كما تمثل رؤية إستراتيجية لمواكبة التحولات الدولية في عمليات إحصاء السكان والسكنى، جوهرها دقة في التوجيهات والأهداف وتحديد للمتطلبات والرهانات واستشراف لاتجاهات ومعالم المستقبل”.

الرسالة الملكية تتميز بتناولها بشكل دقيق وعلمي لمواضيع جديدة ضرورية لمختلف السياسات والاستراتيجيات العمومية

وأضاف في تصريح لـ”العرب”،  أن “المملكة المغربية تراهن خلال الإحصاء العام السابع للسكان والسكنى على جعله أول إحصاء يعتمد على الرقمنة والتقنيات الجديدة وأنظمة المعطيات الخرائطية لجمع البيانات الإحصائية بصيغ موثوقة ودقيقة من أجل استثمارها في وضع سياسات تستجيب للتحديات والفرص المستقبلية ومعرفة رأس المال البشري وميزاته بدقة، نظرا لدوره الحيوي في التنمية لاسيما مجموعات محددة كالشباب والأطفال أو ما يعرف في الدراسات السكانية بالعائد الديمغرافي”.

 وأشار بودن إلى أن “الرؤية الملكية الاستشرافية تعكس أن منظومة الإحصاء في المغرب بلغت درجة مهمة من النضج بسبب وجود أرضية وأسس إحصائية في العديد من القضايا الخاصة بموضوع السكان والتنمية ويتضح هذا المعطى باستمرار في ما توليه المملكة المغربية من أهمية لهذه القضايا والمشاركة المغربية الفعالة بمختلف المنتديات الأممية ذات الصلة”.

وأكدت المندوبية السامية للإحصاء، أن عملية إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى تتم حسب البرنامج التوقعي المسطر ابتداء من فاتح سبتمبر المقبل، حيث تم الانتهاء كليا من صياغة محتوى الاستمارة ومعالجتها المعلوماتية، والانتهاء من الأعمال الخرائطية التي تعتبر ركيزة أساسية في عملية تجميع المعطيات لدى الأسر، والتي ستمكن من تقسيم التراب الوطني إلى حوالي 38 ألف “منطقة إحصاء”، وضمان التعداد الشامل للسكان دون إغفال أو تكرار، ومن التوزيع الأمثل للموارد البشرية واللوجستية خلال إنجاز الإحصاء.

وأبرز أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط، أهمية التنسيق بين المندوبية السامية للتخطيط ووزارة الداخلية، باعتبارهما المشرفين على هذه العملية الوطنية، التي تأتي وفق التوجيهات السامية للملك محمد السادس، وتنسجم مع توصيات الأمم المتحدة في مجال الإحصائيات، موضحا أن الإحصاء السابع سيتميز بفعالية عملية وترشيد للكلفة المالية على ثلاثة مستويات، تهم العمل الخرائطي، وطريقة جمع البيانات لدى الأسر واستخدامها ونشرها، بالإضافة إلى توظيف وتكوين وكلاء التنفيذ.

ويذكر أن آخر إحصاء عام للسكان بالمغرب أنجز في عام 2014، وبلغ عدد السكان وفق معطياته أزيد من 33.8 ملايين نسمة منهم حوالي 33.7 مليون مغربي وحوالي 86 ألف أجنبي، وهو سادس إحصاء عرفته المملكة بعد الإحصاءات التي جرت في سنوات 1960 و1971 و1982 و1994 و2004.

وتزايد عدد المدن المليونية بالمغرب إلى 5 مدن، هي الدار البيضاء وطنجة وسلا ومراكش وفاس، بعدما تجاوز عدد سكانها مليون نسمة، بحسب إحصائيات حديثة قدمتها المندوبية السامية للتخطيط خلال 2021.

وبلغ عدد سكان مدينة الدار البيضاء 3 ملايين و566 ألفا و20 نسمة، مقابل مليون و229 ألفا و103 في فاس، ومليون و152 ألفا و215 في طنجة أصيلة، ومليون و44 ألفا و494 بمراكش، ثم مليون و24 ألفا و99 نسمة بسلا، علما أن هذه الأرقام تشمل السكان الحضريين فقط دون سكان الجماعات القروية التابعة لتلك المدن.

4