الأهمية الاستراتيجية لمشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب

الخميس 2016/12/15
زيارة مثمرة

بعد عودته من الزيارة الرسمية التي قادته إلى نيجيريا بداية شهر ديسمبر الجاري، ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، جلسة عمل تم تخصيص جدول أعمالها لمشروع خط أنابيب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب عبر العديد من بلدان غرب أفريقيا.

وشارك في جلسة العمل بحسب بلاغ الديوان الملكي، مسؤولون نيجيريون من مستوى رفيع، عينهم رئيس الجمهورية محمد بخاري، في تأكيد على أهمية المشروع الاستراتيجي وعزم البلدين على وضع التدابير الملموسة الرامية إلى تنفيذ المشروع الإقليمي الكبير، الذي يخدم عددا كبيرا من البلدان.

وتمّ الإعلان عن خط أنابيب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب في 3 ديسمبر الجاري، على هامش الزيارة التي قام بها العاهل المغربي إلى نيجيريا.

واعتبر أكثر من مراقب أن أنبوب الغاز سيمنح فرص نمو اقتصادية كبيرة لبلدان غرب أفريقيا التي سيمرّ منها وسيحقق نقلة تنموية مهمة للمغرب ونيجيريا.

وأكد بلاغ مشترك للبلدين، أن الملك محمد السادس ومحمد بخاري، أعلنا رسميا عن بناء خط أنابيب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي يقدم فرصا كبيرة لجميع البلدان التي يمر عليها، من خلال المزايا الاقتصادية التي سيقدمها المشروع فور الانتهاء منه.

ويرى الخبير المغـربي في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، الشرقاوي الروداني في حـديث لـ“العرب” أن هذا الاجتماع يعكس من جهة حرص المغرب ووجود إرادة كبيرة على تفعيل المشروع لمباشرة عملية التنفيذ من أجل إنجازه في آجال محدودة بوضع جدول زمني محدّد، في إشارة واضحة إلى المتشككين الذين يلمحون إلى صعوبة المشروع.

ويسعى مشروع خط أنابيب الغاز الاستراتيجي، إلى تحقيق 5 أهداف تم تدارسها في جلسة العمل، من بينها تشجيع انبثاق منطقة اقتصادية متكاملة تضمّ دول شمال وغرب أفريقيا، إضافة إلى تمكين المنطقة من تحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع الكهرباء وتطوير أنشطة اقتصادية وصناعية جديدة وبحث تمويل للمشروع.

وفي هذا الإطار أكد مستشار الرئيس النيجيري، أن المغرب ونيجيريا تجمعهما علاقة استراتيجية ستعود بالنفع على البلدين والمنطقة وعموم القارة الأفريقية. وأوضح أن هذه العلاقة التي تندرج في سياق التعاون جنوب- جنوب، عرفت ديناميكية جديدة بعد اللقاء الذي جمع بين الملك محمد السادس والرئيس محمد بخاري، على هامش انعقاد مؤتمر المناخ في مراكش (كوب 22).

واعتبر المسؤول النيجيري أن اللقاء مكن من إنعاش العلاقات القائمة بين نيجيريا والمغرب، والتي تعود إلى سنوات طويلة، مسجلا أن هذه العلاقات تعززت بشكل أكبر بعد الزيارة الناجحة للغاية التي قام بها العاهل المغربي إلى نيجيريا.

وكان الملك محمد السادس، قد دعا خلال افتتاح “قمة العمل الأفريقية” التي انعقدت في مدينة مراكش على هامش مؤتمر المناخ، إلى تأسيس أفريقيا صامدة في وجه التغيرات المناخية، وثابتة على درب التنمية المستدامة.

وأكد الروداني أن الاجتماع الذي ترأسه العاهل المغربي يعكس الحرص الكبير للمغرب على تفعيل المشروع وعزمه على المباشرة بتنفيذه وفق جدول زمني محدد، ونفى وجود أي عقبات تعرقل تنفيذ المشروع، والتي يطرحها بعض المشككين في الجدوى الاقتصادية والاستثمارية للمشروع.

وأشار إلى أن هناك تدابير عملية تتضمن دراسة آليات التمويل التي تحظى بضمانات من الجانب المغربي، إضافة إلى انطلاق الاتصالات المباشرة مع جميع الدول المعنية بالمشروع، من أجل تحديد بنود الاتفاقيات الثنائية من أجل الإسراع بتوحيد الجهود للبدء في تنفيذ المشروع الاستراتيجي.

أما على المستوى التقني والعلمي فقد أقرّ الروداني بوجود بعض الصعوبات، وقال إنها تبقى محدودة ويمكن تجاوزها، مضيفا أن تكلفة الاستثمار في المشروع تتراوح بين 25 إلى 50 مليار دولار، وهو مبلغ يبقى معقولا ويمكن تمويله دون صعوبات.

وفي تأكيد على أهمية هذا المشروع الاستراتيجي فقد حضر جلسة العمل رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران، ومستشارا العاهل المغربي فؤاد عالي الهمة وياسر الزناكي، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون والرئيس التنفيذي لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، إلى جانب أحمد أبوبكر الرفاعي، مستشار الرئيس النيجيري، والمدير العام المكلف بالهندسة والخدمات التقنية في الشركة الوطنية النيجيرية للنفط، وشخصيات أخرى.

وكان مامادو فاي مدير شركة النفط السنغالية، قد أكد أن السنغال منفتحة على المشروع، الذي سيحل عددا من الإشكاليات المرتبطة بإمدادات الطاقة في المنطقة. وأوضح أن التبادل في هذا المجال عادة ما يأخذ أبعاد التعاون شمال- جنوب، فيما يندرج هذا المشروع بين المغرب ونيجيريا بشكل تام في إطار مقاربة للشراكة جنوب- جنوب.

أما بشأن الشركات التي من الممكن أن تتولى إنجاز المشروع، فقد أكد الروداني، أن العمل جار لعرض المشروع على الشركات الدولية وتحديد خصوصيات الدول التي سيمرّ منها المشروع، من أجل إحالة المشروع على الشركات التي تقدم أفضل العروض التي تستجيب لشروط تنفيذ المشروع.

ولم يستبعد الروداني أن يتم إنجاز المشروع من قبل شركات أفريقية، رغم أن هناك بعض الأمور التي تتطلب تقنيات أجنبية ستكون في صلب نقاش جماعي للدول المعنية.

وأكد أن التأمين على المخاطر سيتمّ تحديده من قبل الممولين والمانحين لتنفيذ المشروع وفق أعلى درجات الأمن والسلامة.

كاتب مغربي

11