الأنبوب الإسرائيلي يقوض خطط مصر لتجارة الغاز

خيم الصمت على الحكومة المصرية ولم يصدر عنها أي تصريح بشأن توقيع الاتفاق الإسرائيلي القبرصي اليوناني لمد أنبوب لنقل الغاز، رغم أنه يمكن أن يقوض خطط القاهرة لإنشاء منصة لتجارة الغاز وتجميع إنتاج دول شرق المتوسط.
ويمكن تفسير امتناع القاهرة عن التعليق بأنه يعبر عن حجم الإحراج، الذي تعرضت له، من جراء الاتفاق، الذي يعني محاولة إسرائيل التنصل من اتفاق تسليم الغاز، الذي بدأت إنتاجه مؤخرا، إلى مصر لتصديره إلى الأسواق العالمية.
وشهدت أثينا يوم الخميس الماضي توقيع اتفاق مد أنبوب “إيست ميد” بحضور رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس.
ووصفت الدول الثلاث الاتفاق بأنه تاريخي. وقال ميتسوتاكيس إننا “نقوم ببناء جسر، سيتم معه نقل الطاقة إلى أوروبا” وأكد أن خط الأنابيب سوف يسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة.
وكانت الحكومة المصرية قد روجت للقيام بدور كبير في تجارة الغاز العالمية، تجمع من خلاله إنتاج دول شرق المتوسط لتصديره إلى الأسواق العالمية.
وجاء ذلك بعد توقيع شركة دولفينوس المصرية الخاصة اتفاقا في منتصف عام 2018 لاستيراد الغاز الطبيعي الإسرائيلي من أجل إعادة تصديره، وكان من المتوقع أن يبدأ التصدير خلال العام الماضي.
ووصف الرئيس عبدالفتاح السيسي الصفقة حينها بأنها “هدف” أحرزته مصر في إطار سعيها للتحول إلى مركز إقليمي لتداول الطاقة في منطقة شرق المتوسط.
وقللت القاهرة حينها من أهمية الجدل الذي أثاره الاتفاق في الأوساط المصرية والذي تزامن مع بدء الإنتاج من حقلها البحري ظُهر الذي يعد أكبر حقل غاز في البحر المتوسط وأحد أكبر اكتشافات الغاز العالمية في السنوات الأخيرة.
وأكدت أن لديها تسهيلات ومنشآت للتعامل مع الغاز غير موجودة في دول كثيرة في منطقة البحر المتوسط، وعبرت عن طموحات كبيرة لإنشاء منصة تجمع إنتاج المنطقة لتصديره إلى أكبر الأسواق العالمية.
ونص الاتفاق الذي وقعه الشركاء في حقلي تمار ولوثيان البحريين الإسرائيليين للغاز مع دولفينوس، على تصدير ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز الطبيعي الإسرائيلي على مدى عشر سنوات.
وهناك اليوم آراء تشكك في الجدوى الاقتصادية لمشروع الأنبوب الإسرائيلي القبرصي اليوناني، خاصة أن إنجازه ينطوي على تكاليف باهظة وسوف يستغرق وقتا طويلا، حيث يستهدف الاتفاق تشغيله في عام 2025.
ويرى محللون أن إسرائيل لن تجد مفرا من تسليم الغاز الذي تنتجه إلى مصر على الأقل لحين إكمال مد أنبوب “إيست ميد” خاصة أنها لا تملك منشآت لتسييل الغاز.
ويتداخل المشروع مع ملفات كثيرة بينها محاولات أوروبا تخفيف اعتمادها الشديد على الغاز الروسي في ظل خلافات تتعلق بالأزمة الأوكرانية الروسية.
وجاء الصوت الأكثر غضبا من الاتفاق الإسرائيلي القبرصي اليوناني من تركيا، التي تواجه عزلة دولية بسبب أطماعها في غاز شرق البحر المتوسط خارج مياهها الإقليمية. واعتبرت الاتفاق محاولة لإخراج تركيا والقبارصة الأتراك من المعادلة الإقليمية للطاقة.
وجددت رفضها لتشييد خط أنابيب “إيست ميد” بعبارات شديدة قائلة إنها لن تسمح بمشروعات من هذا النوع في شرق المتوسط دون مشاركتها أو موافقتها.
ويبدو أن ساحة ثروات الغاز الكبيرة، التي شهدت تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة، ستواصل مواجهة مخاض عسير قبل أن تتبلور التحالفات بين كبار المنتجين.