الأمن المغربي يحذر من خطورة "الاستقطاب الأسري" لتجنيد الخلايا الإرهابية

السلطات الأمنية في المغرب تحبط مخططا إرهابيا كان يستهدف "تفجير مقرّات أمنية" في مناطق متفرقة من البلاد.
السبت 2025/02/01
تأهب مغربي لإجهاض المخططات الإرهابية

الرباط - تمكنت السلطات الأمنية في المغرب من إحباط مخطط إرهابي كان من بين أهدافه “تفجير مقرّات أمنية” وأماكن أخرى حساسة في مناطق متفرقة من البلاد، وحذرت من تنامي “الاستقطاب الأسري” من قبل الجماعات الإرهابية.

وكشف المكتب المركزي للأبحاث القضائية (البسيج) عن تفاصيل الخلية الإرهابية المكونة من ثلاثة أشقاء في منطقة حد السوالم بجهة الدار البيضاء سطات، موضحا أنها كانت على ارتباط بقيادات في تنظيمات إرهابية بمنطقة الساحل.

وكشفت التحريات أن المشتبه بهم “لهم ارتباط عضوي بأحد القياديين في تنظيم داعش بمنطقة الساحل” الأفريقي “اضطلع بدور مهم في تسريع عملية التجنيد والاستقطاب وتلقين الأفكار الإرهابية” بواسطة وسائل تواصل رقمية.

وحذر مدير البسيج حبوب الشرقاوي، ضمن ندوة صحفية احتضنها المقر الرئيسي للمكتب بسلا، من الاستقطاب الأسري في مثل هذه العمليات التي تدخل في إطار العمليات الإرهابية، باعتبار أن تنظيمات مثل داعش صارت تعوّل على هذه الأساليب كرافد للتطرف وتجنيد المرشحين للقيام بعمليات إرهابية.

محمد الطيار: الاستقطاب في المجموعات الإرهابية بات يعتمد على القرابة
محمد الطيار: الاستقطاب في المجموعات الإرهابية بات يعتمد على القرابة

وأكد الشرقاوي أن خطورة هذه الخلية المتطرفة لا تَكمُن فقط في المشاريع الإرهابية التي كانت تعتزم تنفيذها، ولا في المستوى المتقدم من التخطيط والاستعداد الذي بلغه أعضاؤها في مخططهم الإرهابي، وإنما تكمن أيضا في تنامي “الاستقطاب الأسري”، حيث أن الشقيق الأكبر كان يريد نقل أبنائه إلى منطقة الساحل، في وقت تحاول المنظمات الإرهابية توفير الظروف المعيشية للعناصر التي تريد استقطابها.

وتمكن المكتب المركزي للأبحاث القضائية الأحد الماضي، في ضوء معلومات استخباراتية دقيقة وفرتها الأجهزة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إجهاض مخطط إرهابي وشيك، بعد توقيف أربعة عناصر متطرفة، من ضمنهم ثلاثة أشقاء، يرتبطون بتنظيم داعش الإرهابي، ويبلغون من العمر 26 و29 و31 و35 سنة، كانوا يحضّرون لتفجير مقرات أمنية ومحلات عمومية وأسواق.

وأوضح الشرقاوي أن خلية “الأشقاء الثلاثة” كشفت عن تصاعد تهديد ناشئ، يُنذر بتحديات أمنية واجتماعية خطيرة، يتمثل في خطر انزلاق أسر بأكملها في شراك التطرف الفكري، وتشكيل جيوب مقاومة للأعراف والتقاليد المغربية ووحدة المجتمع والمذهب والعقيدة، وذلك بسبب التأثير الذي قد يمارسه بعض أفراد الأسرة الحاملين للفكر المتطرف على محيطهم الأسري والاجتماعي.

وتأسف المسؤول الأمني لكون الأمير المزعوم لهذه الخلية الإرهابية وهو الشقيق الأكبر، استطاع تحويل أسرته الصغيرة إلى حاضنة للتطرف والتجنيد والاستقطاب لفائدة مشروعه الإرهابي، مستغلا في ذلك سلطته المعنوية وقدرته على التأثير السلبي في محيطه المجتمعي القريب.

وعلق محمد الطيار، الباحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، على المعطيات المهمة في هذه القضية، مؤكدا أن العناصر المتشبعة بالأفكار الإرهابية والموالية لتنظيم داعش في الساحل، كما هو حال خلية الأشقاء الثلاثة، أصبحت مجبرة على الاعتماد على أفراد العائلة الصغيرة الواحدة لتنفيذ المشاريع الإرهابية والتخريبية، وهذا الأمر يدخل في إطار الاحتياطات الأمنية عند المجموعات الإرهابية.

واعتبر الطيار، في تصريح لـ”العرب”، أن ما تقدمه خلية الأشقاء الثلاثة من تفسير يتعلق بأن الخطط الإرهابية والتخريبية في المغرب تلقت ضربات موجعة من خلال عمليات عديدة لإحباطها وهي مازالت في المهد ولم تنتقل بعد إلى مرحلة التنفيذ، وهو ما جعل الشقيق الأكبر يكتفي بتوسيع خليته بالاستناد إلى أفراد أسرته فقط وأضاف شخصا رابعا يعد صديقا مقربا، مخافة السقوط في يد الأجهزة الأمنية وانكشاف مخططه الإرهابي.

وسبق أن ظهرت حالات من الاستقطاب الأسري، حيث أقدم شقيقان في مارس 2007 على تفجير نفسيهما قرب مصالح أميركية في وسط مدينة الدار البيضاء، ويدعى الشاب الذي فجر نفسه قرب القنصلية الأميركية في العاصمة الاقتصادية محمد ماها وهو مولود بالدار البيضاء، بينما فجر شقيقه عمر ماها نفسه قرب مدرسة لغات أميركية، كما تورط في العمليات الإرهابية ثلاثة أشقاء: أيوب الرايدي الذي فجر نفسه وهو شقيق مفجر مقهى الإنترنت، وقد اعتقل الأمن أخاهم الثالث عثمان الرايدي زعيم الخلية التي كانت تعرف بخلية الرايدي.

◙ مدير البسيج حبوب الشرقاوي يؤكد أن خلية "الأشقاء الثلاثة" كشفت تصاعد تهديد ناشئ، يُنذر بتحديات أمنية واجتماعية خطيرة، يتمثل في خطر انزلاق أسر بأكملها في شراك التطرف الفكري

وفي هذا الصدد أكد حبوب الشرقاوي أنه بالرغم من أن الأسرة المغربية شكلت دائما حصنا منيعا ضد الأفكار المتطرفة، ودعامة قوية للتسامح والتعايش والاعتدال، إلا أن التحقيقات المرتبطة بقضايا الإرهاب سمحت برصد بعض نزعات هذا “الاستقطاب الأسري” كآلية للتجنيد والتطرف السريع، مذكرا بـ”الخلية النسائية” التي تم تفكيكها بتاريخ 3 أكتوبر 2016، والتي تبين أن جل أعضائها كانوا قد تشبعوا بفكر داعش عن طريق التأثر بالوسط العائلي.

وأكد الناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني بوبكر سابيك أن تنظيم داعش يعتمد على الإنتاج الإعلامي بطريقة تشبه عرض فيلم درامي كطريقة لاستقطاب الأتباع، وهو ما يلفت الانتباه، مضيفا أنه تم تقديم طفل قاصر في الرابعة عشرة من عمره، وصل إلى مستوى من التطرف “غريب جدا”، حيث كان ينشر فيديوهات متطرفة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويتوعد بتنفيذ عمليات قتل.

وأوضح محمد الطيار أن “الاستقطاب في المجموعات الإرهابية يستند في نسبته الكبيرة على روابط القرابة والجوار والصداقة، بل إن الروابط الأسرية والقبلية هي الأساس الذي ترتكز عليه التنظيمات الإرهابية كما هو الحال بالنسبة إلى تنظيم ‘ماسينا’ الذي يستند فقط على اثنية ‘الفولان’ في منطقة الساحل، ونفس الأمر نجده عند مختلف التنظيمات الإرهابية والمسلحة في منطقة الساحل، ونفس الأمر بالنسبة إلى تنظيم القاعدة عند بداية تأسيسه الذي استند على قبائل بعينها، وكذلك تنظيم داعش في العراق وسوريا.”

ولهذا اعتبر مدير البسيج أن خطورة هذا التهديد تتزايد عندما ندرك أن التنظيمات الإرهابية العالمية، خاصة تنظيم داعش، تسعى جاهدة لاستغلال “الاستقطاب الأسري”، وذلك “لخدمة مشاريعها التخريبية التي تستهدف المساس بأمن بلادنا واستقرارها، من خلال الدفع بمقاتليها في بؤر التوتر إلى تجنيد أقربائهم وأشقائهم من أجل الانخراط في أعمال إرهابية،” إضافة إلى تهديد التطرف السيبراني في أوساط القاصرين، حيث يزداد الوضع خطورة بسبب ارتفاع عدد القاصرين من الأسر المغربية المعتقلين في بؤر التوتر.

4