الأفغان يتّهمون المبعوث الأميركي خليل زاد بتسليم أفغانستان لطالبان

كابول- بعد استقالة المبعوث الأميركي الخاص لأفغانستان زلماي خليل زاد من منصبه، أعرب الأفغان عن عدم رضاهم عن الدور الذي قام به في بلادهم، حيث حمّلوه مسؤولية سقوط أفغانستان في أيدي طالبان في شهر أغسطس الماضي.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أكدت الاثنين، تنحي خليل زاد، مبعوث واشنطن الخاص للمصالحة الأفغانية، عن منصبه.
ووصف رحمة الله نبيل رئيس الاستخبارات الأفغاني السابق خليل زاد “بالرجل المخادع” الذي أودى بأفغانستان إلى كارثة لا رجعة فيها.
تولّى زلماي خليل زاد ملف العلاقة بين الولايات المتحدة وأفغانستان في 2018، بعدما عيّنته إدارة دونالد ترامب مبعوثا خاصا للإشراف على المفاوضات مع حركة طالبان
ويواجه خليل زاد، الذي قام بدور حاسم في السياسة الأفغانية لعقود، انتقادات كبيرة لتقديمه الكثير من التنازلات في اتفاق قام بتوقيعه تحت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مع طالبان في الدوحة العام الماضي.
ويقول الخبراء إن الاتفاق مهّد الطريق أمام عودة طالبان إلى السلطة. ولم يدخل المسلحون في مباحثات ذات معنى مع الحكومة، ولكنهم قاموا باستيلاء عسكري تسبب في انسحاب فوضوي للقوات الأميركية من البلاد.
وكتب الخبير السياسي الأفغاني أحمد سعيدي في منشور على صفحته على فيسبوك “إن إرث خليل زاد هو بؤس الأفغان وانتهاء مهمة فاشلة وسمعة سيئة لأميركا على المستوى الدولي”.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد أعلن الاثنين، أنّ مبعوث الولايات المتّحدة إلى أفغانستان خليل زاد استقال من منصبه، في خطوة تأتي بعد أن فشلت الجهود الدبلوماسية التي بذلها على مدى أشهر عديدة لمنع حركة طالبان من الاستيلاء على السلطة في بلده الأمّ.
وأفاد بلينكن في بيان مقتضب بأنّ نائب المبعوث الأميركي إلى أفغانستان توماس ويست الذي كان مستشارا للبيت الأبيض حين كان الرئيس جو بايدن نائبا للرئيس باراك أوباما، سيخلف زلماي خليل زاد في منصبه.
وفي خطاب الاستقالة الذي أرسله إلى بلينكن دافع خليل زاد عن الجهود التي بذلها وأقرّ في الوقت نفسه بفشل هذه الجهود، مؤكّدا أنّه يريد التنحّي خلال هذه “المرحلة الجديدة” من السياسة الأميركية إزاء أفغانستان.
وقال الدبلوماسي الأميركي إنّ “الاتفاق السياسي بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان لم يسِر كما كان مخطّطا له”، مضيفا أنّ “أسباب ذلك معقّدة للغاية، وسوف أتشاطر وإياكم أفكاري في الأيام والأسابيع المقبلة”.
وخليل زاد دبلوماسي مخضرم وُلد قبل 70 عاما في أفغانستان وتقلّد مناصب رفيعة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، إذ عيّن سفيرا للولايات المتّحدة في كابول ثم في بغداد ثم في الأمم المتحدة.

أحمد سعيدي: إرث خليل زاد هو بؤس الأفغان وسمعة سيئة لواشنطن
ويتحدّر خليل زاد من مزار الشريف في شمال أفغانستان ويجيد الباشتو والداري، وهما اللغتان الرئيسيتان في بلده الأمّ.
وتولّى خليل زاد ملف العلاقة بين الولايات المتحدة وأفغانستان في 2018، بعدما عيّنته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مبعوثا خاصا للإشراف على المفاوضات مع حركة طالبان، وهي مفاوضات لم يشرك فيها الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابول.
وأثمرت المفاوضات اتفاقا تاريخيا أبرم في الدوحة في فبراير 2020، وتعهّدت الولايات المتّحدة بموجبه بالانسحاب من أفغانستان في العام التالي.
لكنّ مفاوضات السلام بين طالبان وحكومة كابول لم تحرز أي تقدم يذكر، وعندما دنا موعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان انهارت في غضون أيام القوات الحكومية التي بنتها الولايات المتحدة على مدى 20 عاما.
وبدا أنّ الاتفاق الذي رسم معالمه خيل زاد لم يكن أكثر من مجرّد سلسلة من تنازلات أميركية، إذ نصّ على أن تغادر الولايات المتحدة أفغانستان من دون وقف لإطلاق النار ومن دون أن تضع حتى إطار عمل لأي عملية سلام مستقبلية تنهي الحرب.
وبدلا من انتزاع ضمانات من طالبان في الأشهر التي تلت الاتفاق، كثّف خليل زاد الضغط على الحكومة الأفغانية، فأجبر الرئاسة على إطلاق سراح الآلاف من السجناء التابعين للحركة الذين عزّزوا على الفور صفوف مسلّحي طالبان.
وفاقم الاتفاق الضغط على حكومة كابول إذ أطلق عدّا تنازليا بسبب تعهّد الولايات المتّحدة سحب كامل جنودها من أفغانستان بحلول مايو 2021، في مهلة تم تمديدها لاحقا إلى سبتمبر. ولم يترك ذلك أمام الحكومة الأفغانية الكثير من الوقت والمساحة للمناورة.
وأشعل قرار الرئيس الأميركي جو بايدن في أبريل المضيّ قدما بالانسحاب آخر فتيل، فأطلق العنان لهجوم شامل شنّته طالبان أطاح بالحكومة الأفغانية بالقوة في 15 أغسطس.