الأسواق تراقب بحذر الهزات التابعة للزلزال التركي

اسطنبول – تعمقت خسائر الأسهم التركية أمس بعد بداية حذرة، لتتفاقم عند نهاية تعاملات أمس مع اتضاح أبعاد الهزات التابعة للزلزال التركي، وردود الأفعال العالمية على زحف الرئيس رجب طيب أردوغان لفرض هيمنته المطلقة على جميع مؤسسات الدولة.
وفقد مؤشر الأسهم الرئيسي نحو 9 بالمئة من قيمته في نهاية تعاملات أمس، بعد أن كانت خسائره محدودة في بداية التعاملات. ويمكن قراءة الخسائر الفعلية بنحو 14 بالمئة إذا أضفنا خسائرها من تراجع سعر صرف الليرة بنحو 5 بالمئة.
وبدأت الليرة تعاملات أمس باستعادة نصف الخسائر التي تكبدتها مقابل الدولار في اليومين الماضيين، لكنها عادت للانخفاض والابتعاد بنسبة 5 بالمئة عن المستويات التي كانت عليها قبل الانقلاب.
وتفاقمت الخسائر مع توالي ردود الأفعال العالمية على اعتقال الآلاف في مؤسسات الدولة التركية، في محاولة من الرئيس أردوغان لفرض سلطته المطلقة، والتي أثارت ردود أفعال واسعة.
وأعربت الشركات الألمانية، التي تعد من أكبر المستثمرين في تركيا، عن قلقها على علاقاتها الاقتصادية مع تركيا عقب الاضطرابات الناجمة عن محاولة الانقلاب العسكري.
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة الألمانية إريك شفايتسر أمس إن “الأحداث في تركيا تزيد الارتباك لدى الشركات… وتؤثر بشكل مباشر على نشاط الاقتصاد الألماني مع تركيا”. وأوضح أن الإعداد للصفقات صار صعبا بسبب إلغاء أو إرجاء السفريات والوفود.
|
وذكر شفايتسر أن فرص إبرام صفقات يكتنفها الغموض حاليا، مشيرا إلى تعليق تدفق رؤوس الأموال في أعقاب التطورات الراهنة، ما أدى إلى تقليص القوة الشرائية للكثير من العملاء الأتراك.
وذكر أن الكثير من السياح بدأوا بالتحول إلى مقاصد أخرى لأن تركيا لم تعد تصنف على أنها مقصد آمن. وأكد ضرورة “عدم التهاون مع مبادئ دولة القانون في تركيا… من أجل عودة ثقة المستثمرين على المدى الطويل”.
وحاول رئيس اتحاد البنوك التركية حسين ايدن التقليل من شأن التداعيات على القطاع المصرفي التركي. وأكد أنه لم يشهد “تطورات غير معتادة” وأن البنوك ليست بحاجة على ما يبدو للإجراءات التي أعلنها البنك المركزي مطلع الأسبوع.
وكان البنك المركزي التركي قد أعلن يوم الأحد أنه سوف يقدم للمصارف المحلية “سيولة غير محدودة” حسبما يقتضي الأمر، وسوف يتخذ “جميع التدابير” اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة.
وأكد البيان أن البنك المركزي، في حال اقتضى الأمر، لديه إمكانية زيادة السقف الحالي لودائع العملات الأجنية للمصارف والذي كان يبلغ نحو 50 مليار دولار.
ويمكن اعتبار انخفاض الأسهم والليرة التركية مجرد القمة الظاهرة من جبل التداعيات الكبيرة التي سيتلقاها الاقتصاد التركي في الأيام المقبلة.
ومن المرجح أن تتزعزع ثقة المستثمرين والمؤسسات المالية بالاقتصاد التركي، وأن يشعل ذلك موجة نزوح واسعة لرؤوس الأموال الساخنة التي يعتمد عليها الاقتصاد التركي.
ومن المتوقع أن تتلقى حركة السياحة الأجنبية في تركيا ضربة قاسية، بعد أن ازدحمت المطارات بالمغادرين فور عودة افتتاح المطارات بعد فشل الانقلاب، وأن يتم إلغاء معظم الرحلات السياحية إلى البلاد في الفترة المقبلة.
|
وتأتي هذه الضربة القاسية لقطاع السياحة لتفاقم معاناة القطاع الطويلة بسبب تردي الأوضاع الأمنية والتفجيرات الإرهابية المتلاحقة وتداعيات ابتعاد السياح الروس منذ إسقاط الطائرات التركية لمقاتلة روسية في نوفمبر الماضي.
وكانت السياحة التركية تأمل باستعادة بعض عافيتها بعد اعتذار أردوغان لروسيا واستئناف الرحلات السياحية، لكن محاولة الانقلاب يمكن أن تقضي على تلك الآمال.
وشدد أن جميع الأسواق والأنظمة لدى البنك المركزي (الحوالات المالية الإلكترونية وحوالات القيم المنقولة إلكترونيا) ستكون قابلة للاستخدام حتى نهاية العمليات للمصارف. وأكد أنه سيتخذ جميع التدابير اللازمة، في حال الضرورة، من أجل حماية الاستقرار المالي. وأوقفت جميع شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى المطارات التركية فور بدء محاولة الانقلاب، وقد أعاد بعضها تسيير البعض من الرحلات لكنها لا تزال بعيدة عن المستويات العادية قبل محاولة الانقلاب.
ويعد مضيق البوسفور أحد أهم الممرات المائية العالمية المزدحمة لنقل النفط، إذ يمر فيه نحو 3 ملايين برميل يوميا معظمها من روسيا وبحر قزوين حيث يربط المضيق بين البحر الأسود وبحر إيجه والبحر المتوسط.
كما تمر عبر تركيا خطوط أنابيب تنقل 1.2 مليون برميل يوميا من دول مطلة على بحر قزوين مثل أذربيجان وكازاخستان، ومن صادرات إقليم كردستان العراق، ما يعادل 4.5 بالمئة من الامدادات العالمية.
وتمر عبر المضيق أيضا كميات ضخمة من الحبوب من روسيا وأوكرانيا وكازاخستان إلى الأسواق العالمية، وهي تمثل نحو ربع صادرات الحبوب العالمية.
ويجمع المراقبون على أن تشديد قبضة أردوغان على مؤسسات الدولة وتطهيرها من خصومه لتعزيز قبضته المطلقة على البلاد، سوف يزعزع ثقة المستثمرين بالاقتصاد التركي، إضافة إلى زعزعة ثقة أكبر شركاء تركيا التجاريين.
ومن المتوقع أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي ويرتفع التضخم نتيجة ارتفاع أسعار السلع المستوردة بسبب انخفاض سعر صرف الليرة، الأمر الذي يهدد الاقتصاد بالدخول في مرحلة ركود قاسية.