الأسئلة الكبرى على رف الكتب

"وجها الحياة" كتاب يحتوي على أفضل ما كتب الفيلسوف الفرنسي الراحل ألبير كامو على الإطلاق.
الأحد 2021/10/10
لوحة: دنيو أحمد علي

يتميز كتاب “دليل أكسفورد في الفلسفة”، الصادر في جزأين عن مشروع نقل المعارف الذي تقوم عليه هيئة البحرين للثقافة والآثار، بالدقة والعمق والشمول وبتنوُّع المساهمين فيه، ونال شهرة واسعة منذ طبعته الأولى الصادرة عام 1995 التي تمّ تنقيحها وأضيفت إليها مداخل جديدة في طبعة ثانية هي المنقولة هنا.

هذه المداخل مدعّمة بمقالات مطوّلة في فروع من المعرفة وفي مدارس ونظريّات ومناهج ذات صلة بالفكر الفلسفيّ، إذ يناقش عدة قضايا منها علاقة الذِّهن بالجسد، وهل لنا إرادة حرّة؟ ما هي أسس المعرفة؟ هل للطبيعة قوانين؟ ما الذي يجعل الجملة صادقة؟ كيف يسبِّب شيءٌ ما شيئًا آخر؟ ما قيمة الفنّ؟ هل للحياة معنى؟ هل ثَمّة سبب للإيمان بالله؟ هل صحيح أنه ليس ثمّة ما هو صالح أو سيء، وإنّما التفكير هو ما يجعله كذلك؟ هذا الدليل يجيب عن أسئلة كبرى كهذه، ويربط بين مداخله بإحالاتٍ تُغنيها، وتوجد متعةً في تتبّعها وقراءتها.

القراءة فعل فردي

القراءة تقف على عتبة الحياة الروحية لكنها لا تشكلها
القراءة تقف على عتبة الحياة الروحية لكنها لا تشكلها

في كتابه “أيام القراءة” يروي الأديب الفرنسي مارسيل بروست تفاصيل ممتعة عن شغفه المبكر بالقراءة ودورها في صقل موهبته الأدبية. ومن ثم يشرح مفهومه عن فن القراءة وأنها ليست هروباً من الواقع كما يتصوّرها البعض، ولا هي ابتعاد عن المكان والزمان بقدر ما هي تأكيد على

الالتصاق بهما، لا بل استحضار الماضي إلى قلب الحاضر حيث تتداخل الأزمنة والأمكنة من دون أن يحلّ أحدها مكان الآخر.

“أيام القراءة”، الصادر حديثا في نسخته العربية عن “دار الرافدين”، يعارض فيه بروست بروسكين (1819 – 1900) على الرغم من إعجابه وتأثره به.

فهو يرى آن آراء روسكين تتوافق مع رأي ديكارت القائل بأن “قراءة كل الكتب الجيدة هي بمثابة حوار مع الناس الأكثر صدقاً في القرون الماضية”. وفيما يحثّ روسكين على القراءة الجماعية في المكتبات العامة، يرى بروست أن القراءة فعل فردي وهي تقف على عتبة الحياة الروحية لكنها لا تشكلها.

الفيلسوف وهو شاب

"وجها الحياة" تأليف الفيلسوف الفرنسي الراحل ألبير كامو وترجمة إسكندر حمدان، يضم خمسة مقالات، وهو أوّل عمل ينشره كامو بين سنتي 1935 و1936 وهو في الثانية والعشرين من عمره.

ويمكن القول إنّ هذا الكتاب، الصادر عن دار خطوط وظلال، يحتوي على أفضل ما كتب كامو على الإطلاق. وفي مقدّمته لطبعة سنة 1958، التي وافق عليها أخيرًا لأسباب سيشرحها، يستنتج كامو قائلا “أردت فقط أن أؤكّد أنّي لو مشيت مطوّلا بعد هذا الكتاب، فأنا لم أتقدّم. غالبًا، ظانّا نفسي أتقدّم، كنت أتراجع”. وهذا يؤكّد أنّ هذه النّصوص زرعت بذور موضوعاته المهمّة كاملةً.

ترسم المقالات الخمسة تجربة شاب غنيّة جدًّا رغم صغر سنّه، وتأخذ بيد القارئ من حيّ بلكور في الجزائر العاصمة، حيث عاش في الفقر مع عائلته، إلى رحلةٍ قادته إلى جزر البليار، إلى ميورقة بالتّحديد، ثمّ في رحلة أخرى إلى براغ التي حمل أثناءها موتَه في روحه، ثمّ فيتشنزا الإيطالية.

12