الأزمات ترغم الخطوط القطرية على الهروب إلى المجهول

دفعت الأزمات المالية، التي تمر بها الخطوط القطرية بسبب المقاطعة الخليجية إلى الدخول في مغامرات غير محسوبة العواقب من خلال زيادة حصتها في شركات طيران عالمية، حيث كان آخرها رفع حيازتها في الشركة المالكة للخطوط البريطانية.
لندن - تكشف تحركات الخطوط الجوية القطرية للاستحواذ على حصص إضافية في كيانات طيران كبرى عالمية مسلسل الإخفاقات للشركة المملوكة للدوحة للالتفاف على المقاطعة العربية.
وفي أحدث خطوة للشركة القطرية إعلانها، الأربعاء، شراء حصة قيمتها 600 مليون دولار في آي.أي.جي المالكة للخطوط البريطانية لرفع حيازتها إلى 25.1 في المئة لتعزز استراتيجيتها الرامية إلى تكوين محفظة عالمية من الاستثمارات في شركات الطيران.
وفي دعم للمجموعة الإنجليزية الإسبانية قبل أسابيع من تنحي مؤسسها ويلي والش، قالت قطر إن زيادة حصتها دليل على دعمها للشركة واستراتيجيتها.
وكانت حصة قطر السابقة تبلغ 21.4 في المئة في آي.إي.جي التي تمتلك أيضا شركتي الطيران الإسبانيتين إيبيريا وفولينج وإير لينجوس الإيرلندية. وارتفع سهم آي.أي.جي 52 في المئة في الأشهر الستة الماضية.
وجرى تداول أسهم آي.أي.جي مرتفعة 1.4 في المئة عند 641 بنسا في التعاملات المبكرة الأربعاء، ما يمنح المجموعة قيمة سوقية قدرها 12.75 مليار جنيه إسترليني (16.6 مليار دولار).
ويؤكد محللون في قطاع النقل الجوي أن الخطوة ربما تعقد من مهمة إنقاذ شركة الطيران القطرية، التي تكافح بحثا عن منافذ جديدة تساعدها في تعويض خسائرها الكبيرة.
وتأسست آي.أي.جي بفضل اندماج الناقلتين المحليتين لبريطانيا وإسبانيا في 2011 وأشرف على ذلك والش الذي يتقاعد الشهر المقبل.
ويخلف والش لويس جاليجو الذي قاد إيبيريا منذ عام 2014 وهو اختيار يقول محللون إنه يشير إلى أنه لن يكون هناك تغير يذكر في توجه المجموعة.
ونسبت وكالة رويترز للرئيس التنفيذي للخطوط القطرية، أكبر الباكر، قوله “استثمارنا حتى الآن كان ناجحا جدا والإعلان عن زيادة مساهمتنا دليل على استمرار دعمنا لآي.أي.جي واستراتيجيتها”.
وتكلفة زيادة حصة الشركة القطرية في آي.أي.جي القابضة 465 مليون جنيه إسترليني (604 ملايين دولار) على أساس سعر إغلاق سهم آي.أي.جي الثلاثاء الماضي.
وكان أول استثمار للخطوط الجوية القطرية في آي.أي.جي في عام 2015 بحصة 9.99 في المئة ورفعتها باطراد منذ ذلك الحين.
وتقول الشركة القطرية، التي تواجه منافسة شرسة من طيران الإمارات المملوكة لحكومة دبي والاتحاد للطيران المملوكة لحكومة أبوظبي، إن “استثماراتها في ناقلات أخرى لأغراض مالية في معظمها”.
واضطرت الخطوط القطرية، التي تسير رحلات لأكثر من 160 وجهة، إلى التحليق على مسارات أطول لتفادي المجال الجوي لبعض جيرانها والمغلق في وجه طائراتها. وحاولت الشركة تسريع وتيرة زيادة بعض حيازاتها بعد أن حظرت كل من السعودية والإمارات على وجه التحديد تحليق طائراتها في مجاليهما الجوي إثر خلاف سياسي. وعزت خسائرها الأخيرة إلى هذا السبب.
وتمتلك الشركة حصص أقلية في شركات طيران عالمية من بينها كاثاي باسيفيك وخطوط جنوب الصين، وقالت في وقت سابق من الشهر إنها مهتمة بمضاعفة حيازاتها في شركة لاتام إيرلاينز وتجري محادثات لشراء حصة في رواند إير.
وقال الباكر في الخامس من هذا الشهر إن “الشركة تجري محادثات لشراء 49 في المئة في شركة الطيران الأفريقية رواند إير وإنها مهتمة بمضاعفة حيازتها في مجموعة لاتام إيرلاينز إلى 20 في المئة”.
زيادة حيازة الخطوط القطرية في آي.أي.جي المالكة للخطوط البريطانية تعقد مهمة تعويض خسائر الشركة
ولا يسري الحظر على شركات الطيران غير القطرية التي تسير رحلات إلى الدوحة، مما يعني أنه يمكن لرواند إير نقل المسافرين من أفريقيا فوق المجال الجوي المغلق أمام الخطوط القطرية دون قيود.
تسير رواند إير رحلات إلى 29 وجهة أغلبها في أفريقيا لكن هناك أيضا رحلات لدبي ومومباي وبروكسل. وأكدت رئيستها التنفيذية، إيفون مانزي ماكولو، لوكالة رويترز أن محادثات جارية لبيع حصة لكنها رفضت الإدلاء بالمزيد من التفاصيل.
وكانت الخطوط القطرية قد اتفقت في ديسمبر الماضي على شراء 60 في المئة في مطار جديد برواندا. ويبدو أن هذه الخطوات الارتجالية تعكس المشكلة الحقيقية للشركة القطرية التي فقدت استثماراتها في شركات تملك حصة فيها أو رفض بعض الكيانات عقد شراكات معها.
وتمتلك الشركة حصة 49 في المئة في إير إيطاليا، التي قال المستثمرون بها في وقت سابق هذا الشهر إنها قيد التصفية بسبب “مشاكل مزمنة وهيكلية في السوق”. ويأتي انهيار الشركة الإيطالية، التي أعلنت الأسبوع الماضي عن توقفها نهائيا عن النشاط، بعد عامين ونصف العام من حصول الخطوط القطرية على حصة أقلية فيها.
وتصر الخطوط القطرية على أنها كانت مستعدة لمواصلة دعم الناقل، وقالت في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني “كنا مستعدين مرة أخرى للعب دورنا في دعم نمو شركة الطيران، لكن هذا كان يمكن تحقيقه فقط عبر التزام جميع المساهمين”.
وتزعم الشركة، التي تكبدت خسائر بملايين الدولارات خلال العامين الماليين الأخيرين، أنها قدمت الدعم الممكن لإير إيطاليا وخطة عملها، بما في ذلك توفير الطائرات وطلب طائرات إضافية.
وأكدت أنها كانت “تؤمن إيمانا راسخا بشركة الطيران وبإمكاناتها المحتملة وأنها دعمت قرارات الإدارة وقامت بضخ رأس المال عند الحاجة”.
وقال الباكر في وقت سابق العام الجاري لرويترز إن “الشركة قد تكون مهتمة بزيادة حصتها في لاتام وإنها تعمل مع المساهم الآخر فيها دلتا إيرلاينز”.
وأضاف “حين تتاح الفرصة المناسبة والسعر المناسب سندرس زيادة استثمارنا في لاتام”، مشيرا إلى أن الخطوط القطرية ستكون مهتمة بامتلاك حصة مساوية لدلتا، التي تحوز على 20 في المئة في حين تبلغ حصة القطرية عشرة في المئة.
وفاجأت دلتا القطاع حين أعلنت في سبتمبر أنها ستشتري تلك الحصة في مجموعة الطيران العاملة في أميركا الجنوبية بقيمة 1.9 مليار دولار والعلاقات بين الخطوط القطرية ودلتا وشركات طيران أميركية عملاقة أخرى تشوبها خلافات منذ فترة، بسبب اتهامات بتلقيها دعما حكوميا غير عادل يشوه المنافسة ويهدر الوظائف في الولايات المتحدة.
وقد أبدت الخطوط القطرية اهتماما بشراء حصة في إنديجو الهندية والخطوط الجوية الملكية المغربية، لكن لم يتضح حتى الآن إلى أين وصلت تلك المحادثات.
وفاقمت شركة لوفتهانزا الألمانية متاعب الخطوط الجوية القطرية بعد أن أوصدت الباب أمام محاولات الاستثمار فيها مطلع ديسمبر الماضي.
وكانت الدوحة قد أظهرت إصرارا على رغبتها في الاستثمار في الشركة الألمانية، وظهر ذلك في تأكيد الرئيس التنفيذي للخطوط القطرية أن الشراكة مع لوفتهانزا تهدف إلى تعزيز خدمات النقل الجوي والسياحة في ألمانيا.