الأردن يدخل لعبة اللجان الإلكترونية برعاية الجيش

أوقفت شركة فيسبوك شبكة أردنية منظمة من اللجان الإلكترونية تنتقد الأمير حمزة بن الحسين وتمجد الملك عبدالله الثاني ما أثار جدلا حول ما إذا كان الأردن دخل لعبة الجيوش الإلكترونية خاصة وأنها المرة الأولى التي يكشف فيها عن جيش إلكتروني أردني.
عمان – أعلنت شركة فيسبوك عن إزالة شبكة حسابات أردنية محلية تبث معلومات مضللة. وتضمنت الشبكة 35 صفحة وثلاث مجموعات و89 حسابًا شخصيًّا و16 حسابًا على موقع إنستغرام.
ونسبت فيسبوك الشبكة إلى “أفراد مرتبطين بالجيش الأردني”. وذكرت أن الشبكة أوقفت ليس بسبب محتوى المنشورات، ولكن بسبب السلوك المنسّق غير الطبيعي.
جاء في التقرير الصادر عن مرصد الإنترنت في جامعة ستانفورد، الذي يغطي عملية إيقاف هذه الحسابات على موقع فيسبوك، أن هذه هي المرة الأولى التي تعلق فيها منصة التواصل الاجتماعي علانية، شبكة معلومات مضللة تعمل في الأردن، ما يظهر أن الأردن انخرط بدوره في لعبة الجيوش الإلكترونية.
وتعتمد هذه الجيوش أو اللجان الإلكترونية سلاحا متمثلا في الهواتف الذكية وتكون ساحة معاركها منصات التواصل الاجتماعي وهي تنتشر في جميع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباتت بمرور الوقت تشكل خطرا كبيرا. ونشرت الشبكة محتوى داعما للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ومنتقدا لشقيقه الأمير حمزة بن الحسين.
كما تضمنت أنشطة الشبكة الاستفادة من المناقشات عبر تطبيق كلوب هاوس وإنشاء حسابات على تطبيق تيك توك. ولم يجذب المحتوى المنشور على تيك توك سوى القليل من المشاركة.
وشاركت الصفحات التابعة للشبكة مقاطع فيديو أُنتجت بشكل احترافي، زعمت فيها أن الأمير حمزة – الذي اعتُقل في أبريل الفائت بتهمة التحريض على الفتنة – كان على استعداد للتضحية بالسيطرة على ما يُعرف بالوصاية الهاشمية على المقدّسات الإسلامية في القدس، مقابل تنامي سلطته الشخصية.
مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت سلطة رقابية تصنع الرأي العام وتؤثر في سياسات الحكومة الأردنية
كما عرض مقطع فيديو تمت مشاركته عبر العديد من الصفحات تسجيلًا من تطبيق كلوب هاوس عن الأمير حمزة، متهمًا الأجانب باستخدام التطبيق كجزء من “حرب الجيل الرابع على وسائل التواصل الاجتماعي”.
في حين أن 14 من الصفحات ليس لها متابعون، فإن أربعا منها لديها أكثر من 80 ألفًا. ووصل أكبر عدد متابعين لإحدى الصفحات إلى 317 ألف متابع. من بين المجموعات الثلاث، كان لدى المجموعة الأكبر 213 متابعًا فقط. وقال التقرير إن معظم الصفحات أُنشئت في نهاية عام 2020، على الرغم من ظهور أربع صفحات بين عامي 2015 و2017. وتحمل الصفحات النشطة أسماء مثل “يا بيي، قلبي يحب الجيش” و”مذكرات أردنية”، وقد نشطت الصفحات بشدة خلال الأزمة السياسية الأخيرة.
وشاركت الملفات الشخصية التي نشرت محتوى يتماشى مع موضوعات الشبكة الأوسع، بما في ذلك المشاركات التي تمدح الجيش الأردني والإنجازات الإقليمية والدولية للبلاد. كما أفاد موقع فيسبوك أنه تم استخدام هذه الملفات الشخصية أيضًا لنشر تعليقات انتقادية، على حسابات المعارضين الأردنيين.
يشار إلى أن فيسبوك هو الموقع الاجتماعي الأكثر شعبية واستخداما في الأردن من بين العشرات من شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل. وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي سلطة رقابية حقيقية على أرض الواقع؛ تصنع الرأي العام وتؤثر في سياسات الحكومة الأردنية في الفترة الأخيرة.
وكشفت أرقام عالمية حديثة بأن قاعدة مستخدمي شبكة فيسبوك توسعت لتسجل 6.3 مليون مستخدم مع نهاية الربع الأول من العام الحالي في الأردن.
ووفقا للأرقام العالمية المنشورة على موقع “إنترنت وورلد ستاتيس” فإن عدد مستخدمي فيسبوك ومع وصوله إلى هذا المستوى، يكون قد زاد بمقدار نصف مليون مستخدم وبنسبة تزيد على 8.5 في المئة، وذلك لدى المقارنة بعدد مستخدمي الشبكة المسجل في نفس الفترة من العام الماضي والذي بلغ وقتها قرابة 5.8 مليون مستخدم. واستطاعت مواقع التواصل الاجتماعي تفكيك أحجية مشهد مفكّك في مملكة لطالما اعتُبرَت “واحة للاستقرار النسبي في المنطقة”.

ويعبّر الأردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن مواقفهم وردود أفعالهم، حيث يتبادلون المعلومات والصور ومقاطع الفيديو والمواقف ووجهات النظر دون الاعتراف بقيود السلطة ولا بروايتها، خاصة في الأزمة السياسية الأخيرة.
وفي مقاله بصحيفة واشنطن بوست قال الكاتب ديفيد إغناتيوس إن استمرار المنشورات المؤيدة للأمير حمزة على مواقع التواصل الاجتماعي “يجعل الملك، وعلى نحو واضح، يشعر بالقلق”. ويقول إغناتيوس إن “الجانب الأكثر إثارة للقلق هو أن الملك عبدالله الثاني ربما يكون قد أصيب بالهوس بأعداء متخيلين على وسائل التواصل الاجتماعي”. وبات “انتقاد” الملك عبدالله الثاني، على قلته، أمرا غير مستغرب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتضامن أردنيون في أبريل الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي مع فتاة أردنية قالت “أبويا أحسن من الملك”. وفتح هاشتاغ #أبوي_أحسن_من_الملك الذي تصدر الترند على مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، حينها النقاش حول بعض المواد في قانون العقوبات الأردني، التي يرى الأردنيون أنه تجاوزها الزمن خاصة في عصر مواقع التواصل الاجتماعي. وقارن مغردون بين عقوبتي سب الذات الإلهية وبين التطاول على الملك.
وتنص المادة 278 من قانون العقوبات الأردني على أن إهانة الشعور الديني (والتي تشمل سب الذات الإلهية) يعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر وغرامة لا تزيد عن عشرين ديناراً. وتنص المادة 195 من نفس القانون على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من ثبتت جرأته بإطالة اللسان على الملك. وانتقل الأردن من بلد حر جزئيا عام 2020 إلى بلد غير حر عام 2021 حسب تصنيف منظمة فريدوم هاوس الأميركية.
وتشير منظمات حرية الصحافة والتعبير كمراسلون بلا حدود وغيرها إلى أن المئات من المواقع المحلية تمّ حظرها منذ دخول قانون جديد للإعلام حيز التنفيذ عام 2012، كما يتهدد السجن مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وفق بعض التقارير الإعلامية.
وكانت دراسة أطلقها المجلس الاقتصادي والاجتماعي، نشرت نتائجها قبل أسبوع، بعنوان “الإشاعة ودورها في تشكيل الرأي العام”، أظهرت “أن 48 في المئة من عيّنة الدراسة، التي غطت جميع أقاليم المملكة، تعتمد على المعلومات واستقائها من مواقع التواصل الاجتماعي ونشطائه من مؤثرين من داخل الأردن وخارجه”.