الأردن يتحدى البطالة بمبادرة للتشغيل الذاتي

دفعت مؤشرات ضعف سوق العمل، الحكومة الأردنية إلى إطلاق مبادرة لدعم نموذج التشغيل الذاتي تركز على فتح أبواب التمويل لأصحاب المشاريع الناشئة في إطار برنامج “انهض” في محاولة لمواجهة تحديات البطالة المرتفعة في صفوف الشباب.
عمان- تلقى سوق العمل الأردني دعما كبيرا من السلطات التي تسعى إلى مواجهة تحديات معدلات البطالة من بوابة تحفيز المبادرات الخاصة.
وتسعى الحكومة لتعزيز نموذج التشغيل الذاتي من خلال تقديم حزمة من الحوافز السخية للشباب لتنفيذ مشروعاتهم على أرض الواقع، وسط اتساع تفاؤل الأوساط الاقتصادية بتحقيق أهداف هذه الخطة سريعا.
وفي أحدث تحرك صوب تحقيق هذا الهدف الطموح، أعطى البنك المركزي الضوء الأخضر لكافة بنوك البلاد بتمويل المشاريع الخاصة ضمن برنامج “انهض”. وحدد المركزي فترة ثلاث سنوات لتقديم التمويلات اللازمة لرواد الأعمال وممن لديهم مبادرات خاصة، تنتهي في سبتمبر 2022.
وتستهدف الحكومة القطاعات التنموية والإنتاجية والخدمية والتقنية، التي تحقق مصادر دخل مستدامة وتوفر فرص عمل جديدة وتساعد على تعزيز مؤشرات النمو الضعيفة.
وتشير بيانات نشرتها دائرة الإحصاءات العامة مطلع سبتمبر الجاري إلى أن نسبة البطالة ارتفعت لتصل إلى نحو 19.2 بالمئة بنهاية النصف الأول من هذا العام، مقارنة مع 18.4 بالمئة في الفترة ذاتها قبل عام. وتعد هذه النسبة الأعلى منذ قرابة العامين حينما بلغت مستويات البطالة حاجز 15.8 بالمئة في الربع الثالث من العام 2017.
وتأتي الخطوة انسجاما مع رؤية العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لمكافحة البطالة عبر تعزيز نهج التشغيل الذاتي عوضا عن التوظيف وتمكين الشباب من إقامة مشروعات تنموية تحقق لهم مصدر دخل دائما وتوفر لهم فرص العمل.
وسيوفر المركزي خط تمويل للبرنامج بقيمة 100 مليون دينار (141.4 مليون دولار) ليتم إعادة إقراضها للحاصلين على شهادة انضمام من البرنامج من خلال البنوك التجارية والإسلامية بتكاليف وشروط ميسّرة.
ومن المتوقع أن تكون أعلى قيمة للقرض الواحد 70.7 ألف دولار وألا يقل عن سبعة آلاف دولار، لكن المركزي بإمكانه رفع الحد المسموح به إلى 353 ألف دولار بناء على جدوى المشروع.
وتم تحديد مدة سداد القرض، الذي ستوظف عليه أسعار فائدة تتراوح بين 3.5 و4.5 بالمئة سنويا، سبع سنوات من ضمنها فترة إمهال لعام واحد كحد أقصى.
ويمكن للمؤهلين أن يتقدموا للاستفادة من البرنامج، الذي يشمل المؤسسات الفردية أو شركات أو عبر إقامة شراكة مع الشركات الاعتبارية أو صناديق رأس المال المغامر أو حاضنات ومسرعات الأعمال.
وتشمل الفئة المستفيدة من القروض الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاما على أن يكونوا من الحاصلين على شهادة انضمام لبرنامج “انهض”، وأن تشمل المشروعات القائمة والمملوكة من الشباب والتي لا يزيد عمرها التسجيلي على 5 سنوات.
ومن بين الشروط أيضا أن يساهم صحاب المشروع بحد أقصى 20 بالمئة من قيمة التمويل للمبالغ التي تتجاوز قيمتها 42.2 ألف دولار. وإذا توفر شركاء اعتباريون أو صناديق رأسمال مغامر فيتم منح التمويل للشركة شريطة ألا تقل حقوق الملكية مجتمعة عن 20 بالمئة من حجم التمويل.
البنك الدولي حذر مرارا من تدهور الثقة بين الشباب والحكومة الأردنية بسبب عدم قدرتها على توفير فرص العمل
وسمح المركزي للبنوك بالمساهمة بشكل مباشر في رؤوس أموال هذه الشركات وضمن النسبة المسموح بها قانونا، أو من خلال الصناديق والشركات التابعة لها وبنسب مفتوحة وفق طبيعة المشاريع وبالاتفاق مع أصحابها.
ودخلت سوق العمل الأردنية في منافسة قوية مع العمالة السورية، بينما يبلغ إجمالي عدد السكان بالبلاد 9.531 ملايين منهم 2.9 مليون غير أردني، بينهم 1.3 مليون سوري، والباقي يمثلون جنسيات مصرية وفلسطينية وعراقية ويمنية.
وكان البنك الدولي قد حذر في السنوات الأخيرة، من تدهور الثقة بين الشباب والحكومة في الأردن، بسبب عدم توفر فرص العمل وتدنّي نوعية الخدمات. وتلقي هذه الأوضاع الصعبة بظلال قاتمة على حياة المواطنين، الذين يبحثون بدورهم عن حل يوفر لهم كرامة العيش، فيما تحاصرهم ضغوط البطالة والضرائب وارتفاع الأسعار.
ومارس صندوق النقد الدولي ضغوطا على عمّان للإسراع في تنفيذ برنامج الإصلاح المتفق عليه وخاصة ضريبة الدخل ومعالجة ارتفاع معدل البطالة وخفض الدين العام.
وتعاني البلاد، التي تستورد أكثر من 90 بالمئة من حاجاتها من الطاقة من الخارج، ظروفا اقتصادية صعبة وديونا، كما أنها تأثرت كثيرا بالأزمتين المستمرتين في كل من العراق وسوريا ولاسيما أزمة اللاجئين.
ويؤكد خبراء أن حدة التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني منذ مطلع العام الماضي لم تتراجع حتى اليوم، وهو ما ينذر بالمزيد من المتاعب خلال الفترة المقبلة في بلد يعتمد على المساعدات الدولية بشكل كبير.
كما حذر اقتصاديون مرارا من تبعات عودة أعداد كبيرة من الأردنيين العاملين في دول الخليج، وهو ما قد يزيد تخمة البطالة مع تضرر أوضاعها المالية والاقتصادية منذ تراجع أسعار النفط بأكثر من ثلثي قيمته منذ
منتصف 2014.