الأردن أمام تحدي التغيير واللاتغيير في آن

سمير الرفاعي يؤكد أن اللجنة الملكية لا تخضع لأي تأثيرات.
الأربعاء 2021/06/30
الرفاعي عن تشكيل هيئة مستقلة للأحزاب: اللي فينا مكفينا

لا تزال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في مرحلة نقاش الأفكار والتصورات بشأن طبيعة قانوني الانتخابات والأحزاب المقبلين. وبالرغم من أن الصورة بشأنهما لم تتضح إلى حد الآن، بيد أن البعض لا يخفي قلقه من إمكانية المس بما اعتبر من الثوابت على مدى العقود الماضية.

عمان - تنكبّ اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في الأردن على وضع تصورات بشأن قانوني الانتخابات والأحزاب اللذين يتصدران أولوياتها، وسط تحديات كبيرة تواجهها بين إيجاد صيغة ترضي النظام من جهة والقوى المجتمعية والسياسية من جهة ثانية.

وتقول دوائر سياسية إن هناك حالة من العصف الفكري بشأن طبيعة القانون الانتخابي وشكله داخل اللجنة في ظل تساؤلات هي أقرب إلى المخاوف حول ما قد يفرزه هذا القانون من إخلال بـ”الثوابت” في الحياة السياسية للمملكة، ومنها تلك المتعلقة بالجانب الهوياتي.

وتشير الدوائر إلى أن نقاط استفهام كبرى حول الدرجة التي يمكن أن تذهب إليها المملكة في التحديث وماذا بشأن مشهد إصلاحي ينتهي بسيطرة التيار الإسلامي، وماذا عن تمثيل الأردنيين من أصول فلسطينية؟

ويشكل تمثيل المكون الأردني من أصول فلسطينية هاجسا كبيرا بالنسبة إلى الدولة في ظل مخاوف تُطل برأسها من حين إلى آخر بشأن مشروع الوطن البديل.

ويوزّع عدد الفلسطينيين في الأردن كالآتي: ثمانمئة ألف ممن يحملون أرقاما وطنية (بطاقات خضراء)، ومليون ونصف المليون ممن يقطنون في المخيمات. ويبلغ عدد اللاجئين والنازحين الفلسطينيين المقيمين في الأردن من دون رقم وطني، من أبناء قطاع غزة والضفة الغربية ثلاثمئة ألف، وبذلك يبلغ عدد سكان الأردن من أصول فلسطينية مليونين وستمئة ألف نسمة.

تصاعد الدعوات في الآونة الأخيرة لحماية الهوية الأردنية، ويربط البعض الأمر بالمخاوف حيال ما ستفرزه الإصلاحات

وقد لوحظ في الآونة الأخيرة تصاعد الدعوات إلى ضرورة حماية الهوية الأردنية. ويربط البعض الأمر بالمخاوف حيال ما ستفرزه الإصلاحات السياسية التي انطلقت اللجنة المعنية في بحث التصورات بشأنها في وقت سابق من الشهر الجاري.

ويستند قانون الانتخابات الحالي على نظام القوائم الذي تم إقراره في العام 2016، عوضا عن قانون “الصوت الواحد”، الذي لا يختلف عنه كثيرا، إذ يتيح اختيار عدد محدد من قائمة تحتوي على مجموعة من المرشحين، ويحصل على المقعد أعلى الأصوات بينهم.

وقد منح هذا القانون الأفضلية للمكون العشائري على حساب باقي المكونات المجتمعية والسياسية، وهو ما ترجم في الانتخابات التشريعية الأخيرة. ويطالب اليوم جزء مهمّ من الأردنيين بقانون انتخابي عصري يكرّس المواطنة في ظل حالة الانقسام المتزايدة وصعود الهويات الفرعية.

ويوجد في الأردن العديد من الأصول الأخرى إلى جانب الفلسطينيين، ولطالما نادى هؤلاء بضرورة تغيير التشريعات الناظمة للحياة السياسية لما تحتويه من تمييز وتفرقة.

وقال رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي الثلاثاء، إن “عمل اللجنة تحكمه الرسالة الملكية ومضامينها لتطوير الأردن وتحديثه”. وأضاف الرفاعي خلال مؤتمر صحافي أن “مسؤوليتنا هي  وضع مشاريع قوانين توافقية تضمن الانتقال المتدرج نحو تحقيق الأهداف المستقبلية”. وأكد أن “اللجنة تريد أحزابا قوية برامجية في مجلس النواب”.

Thumbnail

وأشار إلى أنها لا تخضع لأي تأثيرات أو تدخلات، وليس لديها مشاريع قوانين جاهزة، مشيرا إلى أن هذه اللجنة الأولى التي يضمن الملك عبدالله الثاني تطبيق مخرجاتها. وقال إن مخرجات هذه اللجنة هي الفيصل وهي التي ستحكم عليها.

وعلق الرفاعي على مقترح إنشاء هيئة مستقلة جديدة للأحزاب في الأردن بقوله “يكفينا إلي فينا”. وقال إن اللجنة درست عدة مقترحات بشأن نقل اختصاص الأحزاب، ومنها إنشاء هيئة جديدة لها، لكن هذا ما يرفضه الأردنيون.

وتعاني الساحة الحزبية في الأردن من حالة تصحّر، وفقدت معظم الأحزاب، إن لم يكن جميعها، القدرة على التأثير سياسيا وشعبيا، وهو ما ترجم في فشلها في دخول البرلمان الحالي.

ويرى مراقبون أن عدة عوامل ساهمت في حالة التصحّر الحزبي بعضها ذاتي في علاقة بحالة الجمود الفكري لدى العديد من الأحزاب التي ظل معظمها يستند على أدبيات تجاوزها الزمن، إلى جانب الخلافات التنظيمية، والبعض الآخر في علاقة بسياسة الدولة التي عملت على زيادة إضعاف الأحزاب من خلال التشريعات وأيضا العمل على ضربها من الداخل.

ويقول المراقبون إن وضع قانون انتخابي وحزبي جديد قد يعيد الزخم للحياة السياسية لكن ذلك لا يعني حل الأزمة الأردنية المعقدة، فهناك حاجة إلى إرادة صلبة لتغيير العقلية السائدة وهذا لن يتحقق بمجرد تشكيل لجنة أو وضع قانون.

2